مراجعة وتحميل أهم مصادر مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) - الميرزا الشيخ عباس العصفوري

دراسة في مصادر واقعة الطف - الميرزا الشيخ عباس العصفوري - النجف الأشرف

حوار حول المقتل الشريف

بين الكتب والمقالات ومناقشات المتخصصين وبين كلام الهواة في شبكات التواصل الاجتماعي والمتداول في هذا الموسم كباقي المواسم السابقة وجدت المتحاورين يتناقشون في القضية الحسينية بعدة طرق ومناهج..

فالمناهج التاريخية عادة قائمة على التفنيد والنقض أو الاثبات بحسب المعايير والأدوات التاريخية ، فلا يمكن تفعيل النقض دائما باعتبار أصالة عدم حدوث الحوادث عند الشك فيصعب إثبات أي شيء وقد يستحيل في أغلب الحالات، كما لا يمكن إثبات كل حادثة فيصبح التأريخ ملعبا للمتلاعبين حتى نتصادم مع بديهيات مبادئنا ..

وقد يحولها البعض مسألة فقهية معتمدا على ملاك مفسدة النسبة للمعصوم دون تثبت، فتجري الأصول العملية والاعتقادية ويتم تفعيل الفروع لتكبر المسألة وتخرج عن البحث التاريخي للبحث الفقهي والأصولي فتضيع البوصلة البحثية، فلا المؤرخ فقيه ومجتهد في الفروع ولا بالضرورة أن يكون العكس أيضا ..

فمسألة الخوف من كذب النسبة للمعصومين عليهم السلام لا تقل خطورة وخوفا عن نسبة الكذب لتقاريرهم ورواياتهم عليهم السلام وهنا يتدخل الباحث المتخصص بذمة خالية من التسرع وخالية من القطع والجزم المجاني..

البحث الفقهي والأصولي في المباحث التاريخية يكون في أصل المناهج وصحة الاعتماد العلمي عليها ، وهذا ما يمضيه المجتهد أو يمنعه في بحوثه ومبانيه ولكن لا تقليد في التأريخ على كل حال إلا اذا استلزم الملاك أمرا أو نهيا فرعيا ..

كما وقد ينبري العقلاء بقانون المستقلات العقلية والمصلحة والمفسدة والتحسين والتقبيح العقليين بحسب رأيهم في المواقف ، وقياساتهم المتعددة فيها بما في مخيلتهم وعقولهم وتجاربهم الخاصة، فالمؤرخون قد يعتمدون الوجدانيات في حالات متعددة ولكن ليس دائما ، لأن هذا الطريق قد يتعارض مع الحالة الانتزاعية لكثير من الدروس في مواقف المعصومين، بجانب أن أكثر الحوادث تكون فيها الظروف غامضة وغير واضحة لاستكمال الموقف، فقد يفعل المعصوم عليه السلام أمرا يَصلُح لأن ننتزع منه درسا فتتركه عقولنا لتوجهها لأمر نقدي ونقضيٍ ،فنرفضه ونخسر ذلك الدرس، ثم نكذب الخبر فنكون بذلك قد كذبنا طريق المعصومين عليهم السلام ونقع في المحذور..

كما وأن البعض من علمائنا يتبنى ضرورة أن يكون الراوي إماميا مع غض النظر أن الموجودين في واقعة كربلاء سمعوا واعية الحسين عليه السلام ولم ينصروه مما يسد باب العلم أحيانا في بعض المرويات عندهم ويشكل عائقا في مبناهم لتقبل بعض المرويات والمصادر حتى مع خصوصية الظرف في الواقعة حيث أن أغلب الرواة هم من الخصوم! وأن مبناهم يلزمنا أن نأخذ الواقعة التاريخية من الإمام السجاد عليه السلام والباقر عليه السلام وأم المصائب زينب عليها السلام باعتبارهم من الحجج الذين نجوا من القتل ، والروايات الصادرة منهم في الواقعة قليلة ..

ومما استرعى انتباهي أكثر هو عدد المصادر الضئيلة التي يناقشها الباحثون وكأن كربلاء وحوادثها لم يروها إلا أربعة أو خمسة مؤرخين ! ولو رجعنا للمصادر والمراجع لوجدنا أن آغا بزرك الطهراني قدس سره الشريف يذكر في الذريعة أكثر من 70 مصنفا في مقتل الحسين عليه السلام لوحده ، هذا مع غض النظر عما يرويه النجاشي والطوسي قدس سرهما ، والكثير الكثير من المصادر التي تنوعت كما وكيفا ..

وثمة مصادر ذكرت المقتل مستقلة به وبعنوانه ولكن فقدت ، كما وأن هناك مصادر طبعت بعد تصحيح وتدقيق علمائنا ، ومصادر احتوت المقتل في فصل من الكتاب أو فصلين ، ومصادر الأنساب حيث حكت عند كل شخص ما كابد في كربلاء حين التعرض لسيرته ، كما احتوت كتب التراجم جزئيات متعددة... الخ ، فكيف استطاع البعض الاقتصار في استقراءاتهم على خمسة أو سبعة مصادر ..

تساءل البعض من إخوتنا عن قلة عدد المصادر ، فأحببت أن أخدمكم جميعا بتعريفكم بعدة مصادر من مقتل الإمام الحسين عليه السلام روحي له الفداء.. وهي على اقسام :

القسم الأول : المصادر الموجودة ( التي وصلتنا ) .

القسم الثاني : المصادر المفقود ( التي لم تصلنا )

القسم الثالث : المصادر المتضمنة للمقتل الشريف في فصوله..

( وتنشر مدونة صدى النجف في هذا الجزء من بحث الشيخ عباس العصفور أهم المصادر التي من القسم الأول )

المصدر الأول : كتاب تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام من ولده وشيعته وأهل بيته
تأليف:  الفضيل بن الزبير الكوفي من أعلام القرن الثاني الهجري

صحح أسانيده في مقدمته محققه : العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، لأن الكتاب مبني على الاختصار وقد ذكر المؤلف فيه 106 من الذين استشهدوا مع أبي عبدالله الحسين عليه السلام في واقعة الطف الأليمة منهم عشرون شخصا من بني طالب والهاشميين والباقي من هذا العدد هم من الأنصار..

تعرَّض باختصار لبعض أحداث كربلاء وذكر القتلة من جيش يزيد بن معاوية..

أما عن مصنف الكتاب فهو : الفضيل بن الزبير بن عمرو الكوفي الأسدي الشهير بالرسّان .. وعادة ما يقع في طرق الحديث باسم فضيل الرسان أو فضيل بن الزبير ، وقد يصحف في بعض المخطوطات باسم فضل بن رسان أو رساف..

ذكره الشيخ الطوسي قدس سره الشريف في أصحاب الباقر عليه السلام وفي أصحاب الصادق عليه السلام وقال بأنه مولى بني أسد أي لم يكن من صميم القبيلة الأسدية..

وهناك جدلية حول مذهب الفضيل ، فمنهم من يرى أنه كان زيديا نظرا لثورته مع زيد بن علي عليه السلام ، كالعلامة الحلي في خلاصته والأشعري وغيرهم ..

وهناك من يرى بأنه كان مختصا بزيد بن علي عليه السلام ومن الممدوحين كالكشي في روايته : عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: «دفع إليّ أبو عبد الله عليه السلام دنانير، وأمرني أن أُقسمها في عيالات مَن أُصيب مع عمّه زيد، فقسمتها، قال: فأصاب عيال عبد الله بن الزبير الرسّان أربعة دنانير».. أي أنهم اختصوا بعطاء الإمام الصادق عليه السلام ممن أصيبوا في ثورة زيد بن علي عليه السلام..

وعلى كل حال فهذا لا يُخرجه من أن يكون ممدوحا خصوصا وأنه مذكور في روايات كامل الزيارات وروايات تفسير القمي لمن يصححهما ويوثق أغلب رواتهما ويرى أغلب الرواة فيهما من الموثوقين ..

وهناك رواية عن الكشي في ترجمة السيـد الحميري عن فضيل الرسان، قال: دخلت على أبي عبد اللّه _ عليه السلام _ بعد ما قتل زيد بن علي _ عليه السلام _ فأدخلت بيتاً في جوف بيت، وقال لي: «يا فضيل، قتل عمي زيد بن علي؟» قلت: نعم جعلت فداك، فقال: «رحمه اللّه، أما إنّه كان موَمناً وكان عارفاً وكان عالماً، وكان صدوقاً، أما إنّه لو ظفر لوفى، أما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعها، قلت: يا سيدي ألا أُنشدك شعراً؟ قال: «أمهل» ثم أمر بستور فسدلت، وبأبواب فتحت، ثم قال: «أنشد» فأنشدته:

لاَمّ عمرو باللوى مربع ** طامسة أعلامها بلقع

تروح عنه الطير وحشية ** والاسد من خيفته تفزع

برسم دار ما بها مؤنس ** إلا ظلال في الثرى وقع

رقش يخاف الموت من نفثها ** والسم في انيابها منقع

لما وقفن العيس من رسمها ** والعين من عرفانه تدمع

ذكرت من قد كنت ألهو به ** فبت والقلب شج موجع

كأن بالنار لما شفني ** من حب أروى كبد تلذع

عجبت من قوم اتوا أحمداً ** بخطبة ليس لها موضع

قالوا له لو شئت اعلمتنا ** إلى من الغاية والمفزع

إذا توفيت وفارقتنا ** وفيهم في الملك من يطمع

فقال لو اعلمتنا مفزعا ** كنتم عسيتم فيه ان تصنعوا

الى آخر القصيدة.. لذلك ذكره ابن داود في رجاله من الممدوحين .. وإن أهمل بعض العلماء هذا الراوي إلا أنه لم يطعنه أحد بضعف أو كذب أو تدليس..

وهناك رأي يرى بأن هذا الكتاب لم يكن مصنفا ، إلا أن الرائي قد يحكم بذلك نظرا لتقسيمه بين الشهداء من أهل البيت عليهم السلام ومن الأنصار وتبويباته والتقديم والتأخير فيه.. وقد نُشر لأول مرة في مجلة تراثنا السنة الأولى 1406 الهجرية..

يمكنكم تحميل كتاب تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام للفضيل بن الزبير بصيغة pdf بالضغط هنا

المصدر الثاني : كتاب مقتل أبي مخنف ( وتصحيحاته )

يُعدُّ مقتل أبي مخنف من المصادر التاريخية المهمة في القرن الثاني للهجرة، وقد تناول هذا المقتل دقائق الأمور وتفاصيل المواقف لما جرى في واقعة الطف، ولهذا الكتاب نسخ متعددة تكاثرت وتغايرت بعد القرن الرابع الهجري عقيب ظهوره بعد اختفاء ، وهناك من علماء ما قبل القرن الرابع من اعتمده ونقل عنه، وهناك من ضمنه وروى عنه في كتبه وموسوعاته فتعددت النسخ وتعددت الأقوال المروية عن هذا الكتاب..

دعونا نتعرف أولا على أبي مخنف ، فاسمه هو : لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف (بكسر الميم وسكون الخاء وفتح النون كما في كتب الأنساب ) بن سليم (بضم السين وفتح اللام وسكون الياء) أو سالم أو سليمان، الأزدي الغامدي (أبو مِخْنَف)، كان أبوه وجده من الأصحاب وقد استشهد في النخيلة عبد شمس واستشهد في الجمل صقعب وعبدالله من إخوة مخنف مع الامام علي عليه السلام كما ورد في تاريخ الطبري ، وورد ذكر آل مخنف في كتب الرجال ولا يسعنا الحديث عنهم في هذا المختصر..

ومعنى مخنف أي شامخ بأنفه من الكبر ويسمى خانف ، و خنفت الفرس أي لوت أنفها نحو صاحبها وإن مدت البعير رقبتها فهي خناف .. وهكذا ..

لأبي مخنف مصنفات كثيرة متعددة أغلبها في تأريخ العراق مما يدل على تضلعه في التأريخ ، مثلا: كتاب الردة ، كتاب فتوح الشام ، كتاب فتوح العراق ، كتاب الجَمَل ، كتاب صفين ، كتاب مقتل الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، كتاب مقتل حجر بن عدي، كتاب مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، كتاب وفاة معاوية بن أبي سفيان ، كتاب نجدة الحروري، كتاب الأزارقة ، كتاب خالد بن عبد الله القسري ، كتاب تاريخ الأئمة .. وغيرها ، وقد عُدَّ له ما يقارب ثلاثة وثلاثين مصنفا..

وقد اختُلِفَ في كونه من أتباع أهل البيت عليهم السلام بين مثبت ونافٍ ، كما أن هناك من وثقه وهناك من ضعفه من كتب العامة ..

قال عنه النجاشي : أبو مخنف شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم، وكان يُسكن إلى ما يرويه...

قال الشيخ عباس القمي عنه : من أعاظم مؤرّخي الشيعة، ومع اشتهار تشيّعه اعتمد عليه علماء السُنّة في النقل عنه كالطبري وابن الأثير وغيرهما، وليُعلم أنّ لأبي مخنف كتباً كثيرة في التأريخ والسير..

قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء : أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي: أبوه من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، له كتب كثيرة في السير كمقتل الحسين عليه السلام ، مقتل محمد بن أبي بكر، مقتل عثمان، الجمل وصفّين، خطبة الزهراء عليها السلام ..

وفي معجم رجال الحديث يقول السيد الخوئي قدس سره الشريف : وكيف كان فهو ثقة مسكون إلى روايته على ما عرفت من النجاشي..

وقد ضعفه البعض من العامة: فقال فيه صاحب "القاموس": إن أبا مخنف إخباريّ شيعي تالف متروك..

وقال ابن عدي: شيعي محترق ، صاحب أخبارهم.

وقال عنه ابن كثير: وقد كان شيعياً، وهو ضعيف الحديث عند الأئمّة، ولكنّه أخباري حافظ، عنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره، ولهذا يترامى عليه كثير من المصنِّفين في هذا الشأن ممّن بعده...

في الواقع أن أبا مخنف ممدوح عند الرجال ، عدا كونه مهملا عند الشيخ الطوسي ، ولا يخفى على المتتبعين أن الإهمال لا يعني الضعف حيث لم يطعن فيه أحد، كما وأن كثيرا من العلماء يعدون كلام النجاشي أرجح في حال التعارض..

وهناك مبنى ضرورة كون الراوي إماميا عند البعض، وادعى عدم ثبوت ذلك في حال أبي مخنف، ولكن تتبع هذا الراوي لأحوال أهل البيت عليهم السلام وتدوينه كاف لبيان مدى مودته لذي القربى عليهم السلام ، بجانب شهادة المخالفين له بالرفض..

ولمقتل أبي مخنف نسخ متعددة تختلف حين مقارنتها ، وقد ظهرت بعد اختفاء النسخة في القرن السادس الهجري تقريبا، لذلك اهتم العلماء بما نقله الطبري عنه في القرن الرابع الهجري في كتابه ضمنيا في باب ما جرى في سنة 60 - 61 للهجرة، وحينما قورنت مع الطبري وجدوا اختلافا كثيرا.. لذلك أسقط السيد النوري اعتبار النسخ بسبب هذا الاختلاف في كتابه اللؤلؤ والمرجان فقال :

أبو مخنف لوط بن يحيى ، هو من كبار المحدثين، ومعتمد أرباب السير والتواريخ، ومقتله في نهاية الاعتبار ......، إلا أنه وللأسف الشديد لا وجود للنسخة الأصلية للمقتل، والتي لا عيب فيها بين أيدينا. والمقتل الموجود الآن بين أيدينا، المنسوب إليه مشتمل على بعض المطالب المنكرة المخالفة لأصول المذهب، ولا بد أنّ الأعادي والجهال هم الذين أدخلوا تلك المطالب في ذلك الكتاب لأجل بعض الاغراض الفاسدة، ولذلك يسقط كتاب المقتل عن الاعتبار، في ما يتفرد بنقله مما لا يوثق به...

وكذلك هناك قول مشابه للشيخ عباس القمي بسقوط اعتبار الكتاب..

إن تعدد النسخ وارد عادة فيما وصل إلينا من الكتب المعتبرة والمصادر الحديثية عادة ولكن الاختلاف الكبير قد يتسبب برفض الكتاب نظرا لتعارض النسخ ولكن!

هل يمكن أن نرفض كتابا او مصدرا بأكمله بسبب اختلاف النسخ في المنهج التاريخي؟

هنا اختلف العلماء من جهة أن لا وجود لكتاب تأريخي يتسالم فيه الجميع على كل رواياته التاريخية بلا مؤاخذات هنا أو هناك، بل حتى الكتب المروية في الفقه والفروع لا يسلم العلماء بجميع ما ورد فيها، ولم يختلف أحد على اختلاف نسخها أو يسقط اعتبارها ، وسنفرد لهذا النقاش تنويها لا يسع مجال كتاب أبي مخنف ذكره..فقضية نسبة الكتاب ونفيها تحتاج لبحث موسع مع أهل الاختصاص.

إن نفي هذا الكتاب بشكل كلي وقطعي وجزمي عند البعض قد يجعلنا نتساءل عن طريقية هذا الجزم حيث يستحيل الجزم الكلي بالعدم مع وجود الاحتمال.

لذلك انبرى بعض العلماء لتصحيح هذا المصدر خوفا من خسارته واعتبار الروايات التي يمكن قبولها بالمعايير الخاصة، ورفض المدسوس الواضح، وأوجدوا بذلك عدة نسخ مطبوعة مع تحقيقاتهم الخاصة وتصحيحاتهم لما ورد من الطبري، فما رواه الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك سنة 310 للهجرة في أكثر من 60 رواية مسندة يمكن التحقيق فيها ..

ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع على هذه النسخ وتحميلها من الروابط التالية:

1- مقتل الحسين عليه السلام بتحقيق آية الله حسن الغفاري

2- وقعة الطف لأبي مخنف للسيد محمد هادي اليوسفي الغروي.

3- مقتل الحسين لأبي مخنف تصحيح حجة الله جودكي ..

كما وأن هناك تصحيحات ومحاولات متعددة لإيجاد الكتاب وإحيائه عبر البحث في مطاوي الكتب المتعددة بتجميعه .

كما يمكن جمعه من نقولات غير الطبري كالبلاذري في الأنساب والمسعودي ومقاتل الطالبيين وغيرهم ، فالكتاب نقل عنه الكثيرون ويمكن جمعه وإحياؤه كما فعل بعض العلماء المهتمين بتأريخ واقعة الطف ..

وقد يشكل البعض على نسبة الكتاب – الذي يتم تجميعه - بأنه ليس النسخة الأصلية ولا يصح نسبتها لأبي مخنف، ويرد عليه بأن الهدف هو الوصول للتحقيق التاريخي الخاص وإحياء نسبة الكتاب بالحكاية عنه بما نقل في الكتب المعتبرة والمسندة، فالكتب التاريخية يتم تجميعها من هنا وهناك عبر روايات مسندة عادة، وهذا ديدن أهل التأريخ في تدوينهم وبحثهم..

المصدر الثالث : كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي

وهو ضياء الدين أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي سعيد إسحاق المؤيد المكي الخطيب الخوارزمي الحنفي ، المشهور بأخطب خوارزم لأنه كان خطيبا في منطقة خوارزم، والمشهور بخليفة الزمخشري لأنه تتلمذ على يد الزمخشري.. يعد من علماء الحديث والتأريخ واللغة وقد مدحته المصادر الرجالية.. وكان في عقيدته أشعريا معتزليا وفي فروعه وفقهه حنفيا ، وكان يُظهر المودة لأهل البيت عليهم السلام ..

وله أبيات متعددة في ذلك : فمن شعره في الإمام علي ( عليه السلام ) :

لا هـل مِن فتىً كأبي تُراب ** إمامٌ طاهـرٌ فـوقَ الترابِ

إذا ما مُقلتي رَمِدَت فكُـحْلي ** تُرابٌ مَسَّ نَعْلَ أبي تُـراب

هو البكّاءُ في المحرابِ ليلاً ** هو الضحّاك في يومِ الحِرابِ

وله قصائد يمجد فيها أمير المؤمنين عليه السلام ويراه أفضل من الآخرين ..

وفي مبنى من يشترط الراوي الإمامي قد يتوقف عند هذا الرجل ولكن الأبيات ومقدمة كتابه مدعاة للحيرة عندهم في تشخيص مذهبه ولكنه كان يفصح عن نفسه أنه أشعري ومعتزلي في مواطن كثيرة..

ككل كتب التأريخ في هذا الكتاب عدة مؤاخذات وروايات لا يمكن الأخذ بها، مع عدم خلوها من الروايات المعتبرة ، وهذا الكتاب قد نقل عن معركة كربلاء تفاصيل متعددة ، يمكن اعتبارها، حتى بعض المراسيل التي أوردها وأنكرها البعض فقد عضدها بالاعتبار، مما يدل على أنه راو على دراية بالحديث ومؤرخ متتبع، غير ما ورد عنه من بعض الروايات التي لا يمكن قبولها؛ وقد تكون هذه الروايات سببا لرفض الكتاب عند من يرميه بالضعف من أول مؤاخذة، ويظن أنه سيوجد كتابا تاريخيا صحيحا تاما بلا أي مؤاخذة ... والحال أن كل كتب التأريخ فيها المقبول والمرفوض وعلى الباحث التتبع والتحقيق بلا أي توجيه للأحداث ولا تحسينها ولا تقبيحها..

من مؤلفات الخوارزمي :

كتاب الأربعين في أحوال سيد المرسلين صلّى الله عليه و آله، ومناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام، ومقتل الحسين عليه السّلام في جزئين، كتاب رد الشمس لأمير المؤمنين..

وقد بين سبب كتابة مقتل الحسين عليه السلام في كتابه إذ قال : وأنا لمّا عجزتُ ـ لتأخير زماني ـ عن المناضلة دون الحسين، وإراقة دمي والمُثولِ بين يَدَيه على قَدَمي، أحبَبتُ أن أجمعَ مقتله بِلُعابِ قلمي، وأُطاعِنَ دونه ودون ذريّته باللسان، إذ لم أُطاعِن دونَهم بالسِّنان، وأُضاربَ عِداهم بالبيان المُساعِد، إذ لم أُضارب دونهم بالبَنانِ والساعد؛ ليجدّدَ مطالعُ مجموعي اللعنَ على قاتليهم، ويوجِّه اللاّئمّةَ على خاذليهم وخاتليهم؛ وليكون لي حظٌّ في شفاعة جدّهم محمّدٍ المجتبى مِن بريّته، مع الأولياء من ذريّته، يومَ ينادي المنادي مِن وراء حُجُبِ العرش: « يا أهلَ الموقف غُضُّوا أبصارَكم لِتجوزَ فاطمةُ بنت محمّد ». فتمضي في عرصات القيامة متلفّفةً بثوبٍ مخضوبٍ بدم الحسين، فتحتويَ على ساق العرش، ثمّ تقول:( أنت الجبّار العَدْل، اقضِ بيني وبينَ قَتَلَةِ وَلَدي ). قال رسول الله صلّى الله عليه و آله: ( فيقضي اللهُ لِبنتي وربِّ الكعبة ). ثمّ تقول: شفِّعْني فيمَن بكى على مصيبتي، فيشفّعها اللهُ تعالى فيهم.

وقد شهد للخوارزمي علماء الرجال بالوثاقة والفضل والعلم ونذكر في ذلك :

قال عنه الأميني: ان تضلع الرجل في الفقه والحديث والتأريخ والادب الى علوم متنوعة أخرى وكثرة شهرته في عصره ومكاتبته مع اساتذة الفنون تستدعي له تآليف كثيرة وأحسب أن الأمر كان كذلك لكن ما اشتهر منها إلا كتبه السبعة التي قضت على اكثرها الايام.

قال الشيخ الطهراني في الذريعة: بالجملة لا شبهة في أنه يُفضِّل عليا على غيره من الصحابة ، وعده في " رسالة مشايخ الشيعة " منهم ولعله بمجرد تأليفه هذا استظهر تشيعه وإلا فهو من أعاظم العامة وله في مناقب أبى حنفية..

قال عنه السيوطي: المعروف بأخطب خوارزم، كان متمكَّنا في العربية، غزير العلم، فقيها فاضلا أديبا شاعرا، قرأ على الزمخشري، وله خطب وشعر، قال القفطي : وقرأ عليه ناصر المطرزي، ولد في حدود 484 هـ ، ومات 568 هـ .

وأضاف البغدادي على هذا الكلام أنه كانت له معرفة تامة في الفقه.. وقال الجامع مثل هذا الكلام..

ويمكن للمتتبع أن يحصل على توثيقات كثيرة لهذا الرجل عند العامة ..

أما عن كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي :

فهو متميز بسنده الخاص المتصل بأئمتنا المعصومين عليهم السلام أو عصرهم أو صحابة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، فلذلك اهتم علماؤنا بهذا الكتاب ..

حيث يقع في مجلدين ، الأول فيه فضائل الخمسة من أهل الكساء مع روايات بكاء النبي صلى الله عليه و آله على الحسين عليه السلام في حياتهما، والجزء الثاني يحتوي على دقائق مفصلة ولحظات من واقعة كربلاء ، حتى يصل لأخبار المختار وأخذ الثأر..

وهو بصورة عامة كتاب روائي يقع في جزئين حققه الشيخ محمد السماوي والذي نشرته مؤسسة أنوار الهدى في قم سنة 1423 هـ،

كما وقد طُبع في النجف الأشرف سنة 1367 للهجرة وطبع في مطبعة المفيد سنة 1399 للهجرة فهو مطبوع وموجود..

وقد ذكر الخوارزمي أنه أخذ المقتل من كتاب الفتوح لابن أعثم ..

روى عن هذا الكتاب كثير من مؤرخي مقتل الحسين عليه السلام ولا يكاد يخلو مقتل من ذكر وقائع منه .

لتحميل كتاب مقتل الامام الحسين عليه السلام للخوارزمي إضغط هنا

المصدر الرابع : كتاب مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان لابن نما الحلي

الشيخ محمّد ابن الشيخ جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي الأسدي المعروف بابن نما الحلي، وهو من علماء القرن السابع، تتلمذ على يده: السيد علي بن طاووس، السيد أحمد بن طاووس، الشيخ جعفر بن محمد الحلي المعروف بالمحقق الحلي..

قال الشيخ الكركي(قدس سره) في وصف المحقّق الحلّي: ( وأعلم مشايخه بفقه أهل البيت، الشيخ الفقيه السعيد الأوحد، محمّد بن نما الحلّي) .

قال عنه المجلسي في البحار: والشيخ ابن نما والسيّد فخار هما من أجلّة رواتنا ومشايخنا..

قال الخونساري عنه في روضات الجنات: كان من الفضلاء الأجلّة، وكبراء الدين والملّة، من مشايخ العلّامة المرحوم..

وقال الأصفهاني في رياض العلماء : من أفاضل مشائخ علمائنا..

و يُعد كتاب مثير الأحزان من كتب المقاتل المشهورة والمتصدرة لقوائم الباحثين، وقل ما تجد على هذا الكتاب من مؤاخذات لأنه يخلو عادة من التطويل والتهويل فاغلب رواياته مقتضبة يقل فيها التفاصيل.

وقد بدأ كتابه مثير الأحزان بذكر أحوال الإمام الحسين عليه السلام واستمر بذكر أحوال أصحابه وما جرى عليهم قبل واقعة الطف، كمسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه حتى وصل لأحوال الواقعة وما جرى فيها وما حصل..

قد استدل ورجع لهذا الكتاب كثير من أرباب المقاتل ، كما وأنه كان مصدرا من مصادر البحار في جزئه العاشر لما روي عن كربلاء وحوادثها، حتى تم فصل الكتاب وطباعته مستقلا بتحقيقات وطبعات متعددة..

لتحميل كتاب مثير الأحزان لابن نما إضغط هنا

المصدر السادس: ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من كتاب بغية الطلب في تأريخ حلب لابن عديم

لكمال الدين عمر أحمد بن أبي جرادة الحلبي المعروف بابن عديم، عاش في (588 ـ 660هـ).. له كتاب بغية الطلب في تأريخ حلب ومنه استل هذا الكتاب وطبع مستقلا بعد تصحيحه وتحقيقه من نسخة مكتبة طوپ قپوسراي في اسلامبول رقم ٢٨٣٥ حيث صور الطباطبائي النسخة في رحلته إلى تركيا عام ١٣٩٧ للهجرة.

هذا الكتاب أُلِّفَ في نفس فترة ابن طاووس وعصره فهو معاصر لتأليف كتاب الملهوف في قتلى الطفوف..

وابن عديم له مؤلفات متعددة وكثيرة نظرا لكونه شاعرا وفقيها وأديبا وقاضيا، منها : كتاب الإشعار بما للملوك من النوادر والأشعار، تبريد الأكباد في الصبر على فقد الأولاد، الانصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبى العلاء المعري، زبدة الحلب في تاريخ حلب اختصارا لكتابه بغية الطلب في تاريخ حلب الذي صنفه بخط يده ويعد من الكتب التاريخية المهمة ومنه استل السيد الطباطبائي الترجمة..

وابن عديم من كبار بيوت حلب من بيت أبي جرادة ذكره ياقوت الحموي في كتبه وأخذ من كتبه عدة مرات واستدل بها..

أما محقق الكتاب السيد عبد العزيز بن جواد الطباطبائي اليزدي فهو محقق وعالم معروف له مؤلفات وبحوث و تحقيقات متعددة حول المخطوطات والكتب القديمة، وهو من تلامذة السيد الخوئي قدس سره الشريف وتلامذة السيد عبد الأعلى السبزواري قدس سره الشريف..

من مؤلفاته:

 فهرس المخطوطات العربية في مكتبة أمير المؤمنين العامّة في النجف الأشرف.2- فهرس المخطوطات الفارسية في مكتبة أمير المؤمنين العامّة في النجف الأشرف.3- فهرس كتب الحديث في مكتبة الإمام الرضا في مشهد، باللغة الفارسية.4- فهرس الكتب الفقهية في مكتبة الإمام الرضا في مشهد، باللغة الفارسية.5- الفهرس الوصفي للمنتخب من المخطوطات العربية في مكتبات تركيا.6- فهرس المختارات من مخطوطات تركيا.7- تعليقات على طبقات أعلام الشيعة.8- حياة الشيخ يوسف البحراني.9- الغدير في التراث الإسلامي.10- أنباء السماء برزية كربلاء.11- المهدي في السنّة النبوية.12- في رحاب نهج البلاغة.13- أضواء على الذريعة.14- مكتبة العلاّمة الحلّي.15- على ضفاف الغدير.16- معجم أعلام الشيعة.17- مستدرك الذريعة.18- الحسين والسنّة.19- نتائج الأسفار.20- قيد الأوابد.

و أما تحقيقاته فمنها :

1-ترجمة الحسن والحسين من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد.2- فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين.3- مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لابن أبي دنيا.4- ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ مدينة دمشق.5- الأربعون المنتقى من مناقب المرتضى.6- عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر.7- مناقب أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل.8- طرق حديث من كنت مولاه للذهبي.9- فهرست الشيخ الطوسي.10- فهرست منتخب الدين.

فهو محقق قدير وقد عمل في هذا الكتاب على إيجاد أكثر من مئتين وأربعين رواية عن عاشوراء وعن الإمام الحسين عليه السلام ما يزيد عن كتاب الأخبار الطوال..

وعمل السيد الطباطبائي على تصحيح الروايات الصحيحة وتخريج الروايات التي قد يتوهم قليل المعرفة بالأخبار إرسالها، ورفض الروايات التي لا تناسب والضعيفة وغير المعتبرة... وكان جهدا راقيا وخاصا..

كما قد حقق الكتاب سهيل الزكار في دمشق والسليمي أيضا ولكن تمرس السيد الطباطبائي واضح في تعريف الأعلام ومناقشة أسانيد الروايات وإخراج بعضها ..

لتحميل كتاب ترجمة الإمام الحسين عليه السلام لابن عديم بتحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي إضغط هنا .

المصدر السابع : اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن طاووس 589-664 هجرية

السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحلي قدس سره الشريف ولد بالحلة ودرس عند جده ورام الحلي ووالده ،وابن نما الحلي وغيرهم قدس الله أسرارهم..

تتلمذ عل يده كل من : والد العلامة الحلي الشيخ سديد الدين الحلي، العلامة الحلي، حسن بن داود الحلي، عبد الكريم بن أحمد بن طاووس، علي بن عيسى الإربلي ... وغيرهم قدس الله أسرارهم..

قال عنه العلامة الحلي : كان رضي الدين علي صاحب كرامات حُكي لي بعضها وروى لي والدي رحمة الله عليه البعض الآخر..

تولّى السيد بن طاووس نقابة الطالبيين سنة 661 ه‍ لذلك قال عنه العلامة المجلسي : السيد النقيب الثقة الزاهد جمال العارفين.

قال عنه الشيخ عباس القمي : السيد رضي الدين أبو القاسم عالم تقي زاهد إمام العارفين ومصباح المتهجدين، صاحب الكرامات طاووس آل طاووس..

وقد سمي جده أحمد بن محمد رحمه الله طاووسا نظرا لحسن صورته وعدم ملاءة قدمه لجسمه كما ذكر الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب..

قام السيد ابن طاووس بتأليف هذا الكتاب على ثلاثة مسالك وقد سماه في بعض مؤلفاته بالمسالك في مقتل الحسين عليه السلام..

المسلك الأول: سيرة الإمام الحسين عليه السلام حتى استشهاده في يوم العاشر من محرم.

المسلك الثاني: ركز فيه على وقائع اليوم العاشر من محرم ..

المسلك الثالث: ركز فيه على ما جرى بعد يوم العاشر من محرم من سبي وأسر في آل رسول الله صلى الله عليه و آله.

وقد سماه في كتب أخرى بالملهوف في قتلى الطفوف ، أو اللهوف على قتلى الطفوف، أو اللهوف على أهل الطفوف وما شابه ذلك وشاكله.

ويعد هذا الكتاب من الكتب المهمة في المقاتل خصوصا وأنه قد اختصر الأسانيد وجعل أسلوبها قصصيا للقارئين، مما جعل مجموعة من العلماء يترجمون هذا الكتاب للغاتهم ، كالأردو بعنوان دمع ذروف للسيد محمد حسين الهندي، والفارسي كالسيد أحمد الفهري كتاب آه سوزان بر مزار شهيدان وهناك نظم على طريقة الشعر الفارسي لصدوقي تحت عنوان وجيزة مصائب وغيرهم .. وللكتاب اثني عشر نسخة خطية ، بجانب أنه طبع خمسة عشر مرة..

و للسيد بن طاووس مؤلفات كثيرة ومن أحب التوسع ومعرفتها فيمكنه الرجوع لترجمة مفصلة عنه ، ولكن المهم أن له كتاب مخطوط لم يطبع بعد فيه مقتل أيضا، واسمه ( المصرع الشين في قتل الحسين (عليه السلام) وقد اشتهر بكتابة كتب الأدعية والزيارات والعرفان وأسرار العبادات..

لتحميل كتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد ابن طاوس إضغط هنا

والحمد لله رب العالمين

الميرزا الشيخ عباس العصفوري

النجف الأشرف

ليصلك جديد المدونة اشترك معنا عبر التيليجرام

https://t.me/sadanajaf