كتب السيّد عبد الستّار الحسني رحمه الله تعالى هذه المقالة ( من الأغلاط اللغوية الشائعة ) ونشرها في مجلّة الفرقان مقسّمة على مقالتين.. وقد حصلت مدونة صدى النجف على نسخة المؤلف رحمه الله فنعيد نشرها كما هي ...
[ أغلاط شائعة عند الناطقين بالعربية ]
لغتنا العربية من اللغات الحيّة الغنية بمفرداتها ومشتقاتها وهي تعتمد على أصلين أصيلين هما الاستقراء والقياس، وقد كان سلفنا الصالح من علماء العربية قد جمعوا كلام العرب من معجمات خاصّة على نمط خاص من الترتيب ومن أشهر هاتيك المعجمات صحاح اللغة للجوهري ولسان العرب لابن مكرم وقاموس المحيط للفيروزآبادي وغيرها، لكن شاعت على ألسنة المتكلّمين بلغة الضاد وجرت على اسلات أقلامهم كلمات تخالف القياس اللغوي والاستقراء وقد اخترنا شذرة منها لبيان وجه الغلط فيها والإشارة إلى الصواب فمن ذلك:
[ ما هو الصحيح: مدراء أم مديرون؟ ]
1- جمع مدير على مدراء ، فيقولون المدراء العامّون وهو غلط فاحش والصواب مديرون أو مديرين بحسب الاعراب وذلك لأنّ اسم الفاعل من الفعل الرباعي وكذا اسم المفعول لا يجمع جمع تكسير وإنّما يجمع جمع مذكر سالم .
[ ما هو الصحيح: نحن بحاجة أم فينا حاجة؟ ]
2- ومن ذلك قولهم : نحن بحاجة إلى كذا ، والصواب : فينا حاجة إلى كذا ، وذلك لأنّ الإنسان لا يكون في الحاجة وإنما تكون الحاجة في الإنسان مثال ذلك قوله تعالى : {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} ، فجعل الحاجة في نفس يعقوب ولم يجعل يعقوب في الحاجة ومن هنا تعلم أنّ قولهم : نحن في أمسّ الحاجة غلط مبين وصوابه فينا أمسّ الحاجة إلى كذا .
[ أيهما الصحيح: بؤساء أم بائسون؟ ]
3- ومن ذلك جمعهم البائس بمعنى الفقير على بؤساء وذلك غلط أيضاً لأنّ البؤساء جمع بئيس وهو القويّ كقوله تعالى في سورة النمل : {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ}، وإنّما جمع البائس فهو البائسون بمعنى الفقراء ومن ذلك تعلم خطأ الترجمة في كتاب فكتور هيجو " البؤساء" وصوابه البائسون .
[ غلط تذكير اللقب مع المؤنَّث ]
4- ومن ذلك تذكيرهم اللقب مع المؤنّث فيقولون خديجة الحديثي ونزيهة الدليمي وعاتكة الخزرجي والصواب خديجة الحديثيه ونزيهة الدليميه وعاتكة الخزرجيه إلّا إذا ذكر الأب فيقال عاتكة وهبي الخزرجي لأنّ اللقب حينئذٍ يكون لأبيها وليس لها وقد قالت العرب قديماً : ليلى العامريه وليلى الأخيليه ورابعة العدويه ولم يقولوا العامري والأخيلي والعدوي مع تلك الأسماء المؤنثة فاللقب والملقّب به كالصفة والموصوف لابدّ من المماثلة فيها من حيث التأنيث والتذكير .
[ أيّهما الصحيح: شذى أم شذا؟ ]
5- ومن ذلك أنّهم يكتبون (شذى) اسماً للمؤنَّث وهذا غلط فاحش لأنّ الشذى بالألف المقصورة معناه الشر والصواب أن تكتب بالألف الممدودة (شذا) لأنّ الألف منه منقلبة عن الواو ( شذا ، يشذو ) .
[ غلط دخول سوف على المنفي ]
6- ومن ذلك أنّهم يأتون بأداة نفي بعد كلمة سوف مع أنّها لا تدخل إلّا على الفعل المثبت فقولهم سوف لن أذهب إلى المكان الفلاني خطأ مبين صوابه: لن أذهب ... .
[ الفرق بين أبداً وقط ]
7- ومن ذلك أنّهم لا يفرقون بين الموضع الذي تُستَعمَل فيه أبداً والموضع الذي تستعمل فيه قط ، فيقولون لا أزورك قط ، وما رأيتك أبداً والصواب لا أزورك أبداً ، وما رأيتك قط وذلك لأنّ أبداً تستعمل مع الحاضر والمستقبل المنفي وقط لا تستعمل إلّا مع الماضي المنفي .
[ أيّهما الصحيح: الثاني أم الآخر؟ ]
8- كلّ اثنين لا ثالث لهما فإنّ العرب لا تقول فيهما الثاني أو الثانية بل تقول الآخر أو الآخرة بحسب التذكير أو التأنيث ومن هنا بالفصيح أن يقال: شهر ربيع الآخر وشهر جمادى الآخرة وقد عللوا بأنّ ذكر الثاني قد يوحي بوجود ثالث ورابع مع أنّهما اثنان لا ثالث لهما فيكون ثانيهما هو الآخر .
[ من الغلط وصف العالم بأنه فطحل ]
9- ممّا شاع على ألسنة الكثير من الأعلام والمؤلفين والخطباء أنّهم يقولون فلان من العلماء الفطاحل وعالم فطحل ويعنون أنّه من العلماء الأفذاذ المتبحرين ولم يرد في معجمات اللغة إرادة هذا المعنى من ذلك اللفظ إذا لم يرد مادة فطحل في كتب اللغة إلّا في باب ما ذكروه من أنّ الفطحل فيما يزعم أهل الجاهليّة هو الزمن الذي كانت فيه الحجارة رطبة ولم يشيروا إلى المعنى الشائع أخيراً بمعنى التضلّع والتبحّر لا من قريب ولا من بعيد ومن المؤسف أن يقع هذا الغلط الشائن في أساليب العلماء الكبار والأدباء البارعين وشاع شيوعاً قد يستغرب معه الحكم بكونه غلط .
[ أيّهما الصحيح: هذا أمر مشين أم شائنٌ؟ ]
10- من الأخطاء الشائعة قولهم : ( هذا أمر مشين ) والصواب ( أمرٌ شائنٌ ) لأنّ الفعل ثلاثي : شان يشين فهو شائن وليس في اللغة (أشان) حتّى يأتي منه اسم الفاعل مشين .
[ أيهما الصحيح: ورود حمراء أم حمرٌ؟ ]
11- من الأغلاط الشائعة أنّهم يجعلون المفرد جمعاً في باب أفعل فعلاء فيقولون: 0 ورود حمراء ، وجبال جرداء ) والصواب أن يقال : ( ورود حمرٌ ، وجبال جرد ) لأنّ الحمراء والجرداء وصف للمفرد المؤنث يقال هذه وردة حمراء وهذه أرض جرداء لأنّ الورد والأرض كلاهما مفرد فيوصف بهذه الصفة (فعلاء) .
[ هل يصح تسمية الأسرة بالعائلة ]
12- ومن الأغلاط الشائعة حتّى في بعض الكتب القديمة أنّهم يسمّون الأسرة بـ (العائلة) ولا يصحّ ذلك لأنّ العائلة هي المرأة الفقيرة والمذكر هو العائل كما في قوله تعالى : { وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى } أي فقير . والصواب أن يقال الأسرة والجمع أُسَر .
انتهى
ملاحظة: العناوين المحصورة بين المعقوفين أضفناها لتسهيل مراجعة البحث وليست في المصدر.
وهذه نسخة مصورة من المقالتين بخطّ المؤلف السيد عبد الستار الحسني رحمه الله تعالى :