يُقدّر إعراب الاسم في عدّة مواضع لأسباب كثيرة كالثقل أو التعذُّر أو اشتغال المحل بالحركة المناسبة أو غيرها من العلل النحوية المذكورة في مطوَّلات علم النحو .
إعراب الأسماء بالعلامات المقدَّرة
بعد أن ذكرنا العلامات الظاهرة في إعراب الأسماء في درسٍ سابق نعرّج على العلامات المقدَّرة وهي تنقسم مواضع تقدير علامات الإعراب في الأسماء على قسمين إذ منها ما تُقدَّر فيه علامات الاعراب الأصليّة ( الضمة - الفتحة - الكسرة ) ومنها ما تُقدَّر فيه العلامات التي تنوب عن العلامات الأصلية ( الواو - الألف - الياء ) وتفصيل ذلك كما يلي :
أوّلاً : أشهر مواضع تقدير علامات إعراب الاسم الأصليّة
1- الاسم المقصور
تُقَدَّر الحركات الثلاث ( الضمة ، الفتحة ، الكسرة) في آخر جميع الأسماء المقصورة، والاسم المقصور هو كلّ اسمٍ آخره ألف ثابتة لازمة؛ مثل (موسى) في الحالات الثلاث - الرفع والنصب والجر - في هذه الآيات الكريمة:
- قوله تعالى : { وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ } (سورة البقرة /92) .
- قوله تعالى : { وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } (سورة الشعراء /65) .
- قوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } (سورة الأعراف /117) .
فقد جاء الاسم (موسى) في الآية الأولى فاعلاً مرفوعاً وعلامته ضمّة مقدّرة، وفي الثانية مفعولاً منصوباً و علامته فتحة مقدرة، وفي الثالثة مجروراً بحرف الجر وعلامته كسرة مقدّرة، وذلك لتعذُر ظهور العلامات على الألف .
2- الاسم المنقوص
تُقَدَّر الضمة و الكسرة في آخر كلّ اسمٍ منقوصٍ في حالتي الرفع والجر؛ و يُنصب بفتحة ظاهرة على الياء والاسم المنقوص هو كلّ اسمٍ آخره ياء ساكنة مكسور ما قبلها؛ نحو مفردة (الراشي) وكذلك (المرتشي) في هذه النصوص الثلاثة المأثورة :
- " الراشي والمرتشي في النار " .
- " لعن الله الراشيَ والمرتشيَ في الحُكمِ " .
- " لعنة الله على الراشي والمرتشي " .
فقد جاءت مفردة (الراشي) في النص الأوّل مبتدأ وعلامة رفعه ضمة مقدرة، وفي النص الثاني جاءت مفعولاً وعلامة نصبه فتحة ظاهرة، وفي النص الثالث جاءت مجرورة بحرف الجر وعلامة جرها كسرة مقدرة، وكلمة المرتشي في الثلاثة معطوفة عليها تأخذ حكمها نفسه .
3- السكون للوقف
تُقَدَّر الحركات الثلاث (الضمة - الفتحة - الكسرة) في آخر الاسم، إذا تمّ تسكينه للوقف؛ مثل مفردة (العمل) في هذه النصوص الثلاثة المأثورة :
- " المرءُ لا يصحبه إلا العملْ " .
- " ما أطال عبدٌ الأملَ إلّا أساء العملْ " .
- " ثمر الأمل، فساد العمل " .
فعند التلفظ بها يتم تسكين لام (العمل) لأنّ العرب لا تقف على متحرّك وتكون حركتها الاعرابية مقدّرة، ولكن هذا التقدير لفظيٌ شكليٌ فقط ، وأمّا عند إعرابها فتُعرب بحركات ظاهرة (رفعاً ونصباً وجرّاً) ولا يُراعي التقدير للوقف، والخلاصة أنّ هذا اللون من التقدير يُراعى لفظاً ويُهمَل إعراباً .
4- الاسم المضاف إلى ياء المتكلم
تُقَدَّر الضمّة و الفتحة على آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلّم في حالتي الرفع والنصب وأمّا في حالة الجر فيُجر بالكسرة الظاهرة ؛ نحو مفردة (ربي) التي هي في الأصل (رب) أضيفت إلى ياء المتكلّم في هذه الآيات الثلاث:
- قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ } (سورة آل عمران /51) .
- قوله تعالى : { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (سورة هود /56) .
- قوله تعالى : { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا } (سورة الكهف /98) .
فقد جاءت في الآية الأولى خبراً للحرف (إنّ) وعلامة رفعها ضمة مقدرة، وأمّا في الآية الثانية فجاءت اسماً للحرف (إنّ) وعلامة نصبها فتحة مقدّرة، بينما جاءت في الآية الثالثة مضافة إلى اسم (كان) وعلامة جرها كسرة ظاهرة، والسبب في ذلك أنّ ياء المتكلّم تطلب حركة من جنسها فتعذّر ظهور الضمة في الرفع والفتحة في النصب لاشتغال المحلّ بالحركة المناسبة للياء بينما ظهرت الكسرة لأنها من جنس الياء وتناسبها .
ثانياً : أشهر مواضع تقدير علامات إعراب الاسم النائبة
1- الأسماء الستة
تُقدّر الحروف التي تُعرَب بها الأسماء الستة - وهي الواو في الرفع، والألف في النصب، والياء في الجر -، إذا جاء بعدها حرف ساکن، كما في شبه الجملة (أبو الفضل) في هذه الأمثلة الثلاثة:
- جاء أبو الفضل .
- رأيتُ أبا الفضل .
- سلمتُ على أبي الفضل .
ولكن يجدر التنبيه هنا إلى أنّ حرف الإعراب وهو: الواو، أو الألف، أو الياء - يُحذف في النطق، لا في الكتابة. وحذفه لالتقاء الساكنين؛ فهو محذوف لعلّة، فكأنه موجود. فعند الإعراب نقول : "أبو" مرفوع بواو مقدرة نطقًا، و"أبا" منصوب بألف مقدرة نطقًا، و"أبي" مجرور بياء مقدرة نطقًا؛ فيكون هذا من نوع الإعراب التقديري بحسب مراعاة النطق. أما بحسب مراعاة المكتوب فلا تقدير.
2- المثنى
تُقَدّر ألف المثنى المضاف إذا جاء بعدها ساكن؛ مثل: (ظهر نجما الشرق) ، وهذا نظير ما سبق تفصيله في النقطة السابقة .
3- جمع المذكّر السالم
تُقدَّر واو جمع المذكر السالم و ياؤه، إذا كان مضافا و جاء بعدهما ساکن؛ مثل:
- تيقظ عاملو الحقل مبكرين .
- رأيت عامِلِي الحقل في نشاط .
والكلام فيه قريب ممّا ذكرناه في تقدير حروف الإعراب في الأسماء الستة في النقطة الأولى .
وأيضا تُقدَّر واو جمع المذكّر السالم المضاف إلى ياء المتكلّم في حالة الرفع؛ مثل: (جاء صاحبيّ) و أصلها: صاحبوي، اجتمعت الواو والياء وسُبقت إحداهما بالسكون و قُلبت الواو ياءً، فصارت الكلمة: صاحبُيَّ ثمَّ حرّکت الباء بالكسرة لتناسب الياء، فصارت: صاحبيّ .