القائمة الرئيسية

الصفحات

خاطرة من مذكراتي بين الغرب والشرق العربي | مرتضى جواد الاحسائي

 خاطرة من مذكراتي - مرتضى جواد الأحسائي

سافرت الى الغرب للدراسة وبالتحديد في إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية دون الحاجة لتحديد الجامعة و في اي ولاية، لا لوجود حرج في ذلك وإنما لمعرفتي بنمطية بعض العقليات العربي المشاغبة في هذه القضايا حيث سيترك لب وجوهر موضوعي ويتمسك بأمور هامشية انا في غنى عنها وعن تشويش ذهن القارئ..

في حقبة الدراسة سعيتُ للحضور في الندوات والمؤتمرات العلمية والفكرية التي تقام هناك حول مختلف الموضوعات والقضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية ونحوها، وما لفتني هو :

خواطر ومذكرات بين الغرب والشرق

[ اعتزاز المثقف الغربي بموروثه وثقافته ]

أنّ جملة الباحثين هناك وعموم من تلتقي به وتتحدث إليه على هامش المؤتمرات تصبغهم صبغة ولون نفسي فكري واحد وهو الاعتزاز والاعتداد بموروثهم الثقافي والفكري الفلسفي وغيره، والسعي الجدي لنسبة كثير من المفكرين والنظريات الفكرية اليهم، بل حتى لو كانت تلك النظرية قد نشأت على يد مفكرين غير غربين ولكن بما أن التطوير لها قد حصل بعقول غربية فالأمر عندهم برمته غربي..

والملاحظة المهمة جدا بالنسبة لي هي أن السيرورة المعرفية الغربية  :

في صناعة وصياغة المفاهيم والمناهج المعاصرة فلسفيا وسياسيا وسسيولوجيا والخ تمت وتتم من خلال الرحلة والعودة الى الماضي والموروث ما قبل الميلاد في حقبة فلاسفة اليونان والاغريق..

خذ مثلا : مصطلح ومفهوم الديموقراطية. 

ومصطلح الهرمونيطيقا..

‏ومصطلح الانطولوجيا والابستمولوجيا وغيرها وغيرها الكثير..

‏هذه وأمثالها كلها اصطلاحات ومفاهيم ومناهج يونانية واغريقية ما قبل الميلاد تم استدعاؤها وتطويرها وتحسينها بما يتلاءم والظروف المراد طرحها فيه..

[ اسفاف المثقّف العربي وتهميشه لموروثه ]

وعندما انتهيت من الدراسة في الغرب وأقفلت عائدا للوطن العربي  وشعرت برغبة في عملية موائمة بين ما تحصَّلت عليه في الغرب وما يمكن أن أتحصَّل عليه في الوطن من نتاج ومنجزات وندوات صُدِمْتُ ، من حجم الإسفاف والتهميش والتهكم على الموروث والفكر الإسلامي والعربي، بل والسعي الحثيث للانسلاخ منه ومحاربته أشد المحاربة وتقديم نقودات هدامة وليست بناءة وان تم الزعم بأنها بناءة وهادفة وهذه مدعيات جوفاء لأن الطرح النقدي البناء لا يكون بلغة ساخرة ومهينة وتهكمية وفيها من التعالي الزائف..

ويا ليتها وقَفَت عند هذا الحد، بل هناك ما هو أدهى وأمر وأوجع لقلب الإنسان المنهجي الأكاديمي الجدي ، حيث أنني عندما كنت في الغرب لا تجد الباحث والكاتب والمفكر في أي حقل معرفي يكتب ويتكلم وهو لا يملك أدنى مقوِّمات البحث العلمي الجاد ولا يملك مفاتيح وأدوات الحقل الذي ينشد الإسهام فيه، وإضافة لذلك لا يُسمَح له ولا يحق له الكتابة والحديث مالم يكن قد تمرَّس في التحقيب التاريخي أيضاً لتلك الرؤى والنظريات التي سيتطرق لها ، بل حتى الباحثين المعاصرين في حقل الإسلاميات الشيعية تحديداً بالجامعات الغربية ممَّن رَغِبَ في توسيع مَدَياته الفكرية وأُفَقه المعرفي شدَّ رحاله المعرفي إلى الحوزات الشيعية في النجف وقم وصورهم موثقه وموجودة في الانترنت لمن يرغب في ذلك وبعضهم أتقن اللغة العربية وتمهَّر فيها ليقرأ المصنفات العلمية بلغتها الأم، ويمكن لمن يريد التثبت أن يبحث عن أمثال  :

-  البرفسور روبرت غليف.. 

- البرفسور أليساندرو كانسيان.

- البرفسور أندرو نيومان.

بينما جملة وافرة من الكتاب والباحثين والأكاديميين والنخب الثقافية والفكرية في الوطن العربي، يكتب وهو لم يدرس بجد وكدح معرفي المواد والمصادر والمناهج للموضوع والحقل العلمي الذي يرغب في الكتابة عنه، خصوصاً وأنَّ الإرث الإسلامي والعربي ممتلئ ومشبع بالمناهج والنظريات الكثيفة والعميقة... وهذه طامَّة وكارثة ثقافية وفكريَّة، فقد أصبح عقل القارئ والمتابع العربي والاسلامي رهين لسماسرة الكتب والكتابة المزخرفة والمنمَّقة التي لا تملك مقوِّمات منهجية وعلمية..

لا أعلم ماذا أصاب عالمنا العربي والإسلامي حتى أصبح الكثير يُهرِّف بما لا يعرف، ويتحدَّث بما لا يُحسِن ولا يُتقِن، والكثير يريد أن يكون مثقفاً بالتنطّع، والكثير يريد إقتحام الساحات العلمية والفكرية بدون جدارة واستحقاق... وا أسفاه..

 هكذا تتحول الظاهرة الثقافية الصحيّة إلى حالة مرضيّة ويضيع في زحمة المتنطعين، كثير من المتألقين...

أملي أن نشهد حركة تداولية ثقافية رصينة وأصيلة تعتز بموروثها الديني والثقافي والفكري، لا ليجمد عليه بل لينهض به ومنه ومعه إلى آفاق أرحب ويسهم من خلاله في تقديم منجزات فكرية معرفية تخدم البشرية في أبعادها الوجودية والإنسانية وتحقق لها معاني أرقى وأرفع ممّا هي تنحدر فيه هذه المرحلة...

ومن يرغب في التحقق من أن موروثه الشيعي بصنوفه وفصوله وحلقاته ذو فخر وحقيق بأن يعتز به ويتمسك به وتُقدَّم فيه دراسات وبحوث علمية، فليذهب ليرى كم وكيف هي المنجزات المعرفية الغربية عن وحول التشيع بالأخص في أمثال الجامعات البريطانية من مؤلفات وندوات ومؤتمرات ونحوها....

[ غياب ظاهرة التعريف بالعلماء الكبار ]

كشاب مسلم شيعي عاش في وسط متدين عربي خليجي، لم ألحظ فيه ظاهرة الندوات والمحاضرات التعريفية بالعلماء الكبار ومنجزاتهم العلمية ومقاربتها بمنهجية عصرية حديثية في الحقول المختلفة وخدماتهم للبشرية في حقل المعارف والعلوم الإنسانية لو تم الالتفات له ، غاية ما هناك هو أننا نعرف أنَّهم على درجة عالية من النزاهة والتألق الروحي والمعنوي الذي أكسبهم موقعية جماهيرية وارتكاز في القلوب والنفوس، بإضافة كونهم مجتهدين كبار..

غير أني عندما كنت أطالع بعض أعداد مجلة الاستشراق الصادرة عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابع للعتبة العباسية المقدسة، لفتني ما لم اكن ملتفت اليه من الدراسات والبحوث العلمية التي أنتجتها عقول مفكرة كبيرة حول الإسلام و التشيع وأئمته (عليهم السلام) بغض النظر عن مدى القبول بالمنهجية أو النتائج التي اتبعتها و توصلت لها تلك الدراسات، ولكن هذا كاشف عن الأهميّة البالغة لدى الغربيين لا أقلاً للتعرف واستكشاف تلك الكنوز المهملة من قبلنا، وهنا دفعني ذلك لمتابعة ملف حضور فقهاء و أعلام الشيعة الكبار في الدراسات والاهتمامات الغربية وكانت المفاجئة بالنسبة لي كبيرة، و لكن :

أولاً: هناك اغفال وتجاهل كثير وكبير من نخبنا ومثقفينا لتلك الدراسات التخصصية الأكاديمية الغربية عن فقهاء وأعلام الشيعة الإمامية ومميزاتهم وامتيازاتهم والتي يفترض أنهم معجبين ومنجذبين الى الغربي أكثر من الشرقي، فضلاً عن عدم الاعتناء الشخصي من قبلهم بدراسة الفقاهة والإجتهاد والمنجز المعرفي والديني عند الإمامية.. و لا شأن لي بالمهرجين او الهامشيين الذين يتعاطون مع الملفات المعرفية بهزل وتهكم.. فهؤلاء لا قيمة لهم.. 

ثانياً: عتبي على بعض النخب الحوزوية الكفوءة والجادة من جهتين:

أ_ كيف لم تتصدى لتقديم وتظهير تلك المنجزات والعطاءات الكبيرة في الاجتهاد الديني الشيعي الإمامي بمنهجية معاصرة للأجيال، والمجتمعات لتفتح نافذة وشعاع أمل للحيارى والموجوعين من النظم القانونية الوضعية التي تتلاعب بها المصالح الفئوية و البراغماتية والرأسمالية، وغيرها.

ب_ بعض التعابير والتوصيفات غير المتناسبة مع حقيقة وواقع المرجعية الدينية الشيعية بالخصوص النجفية منها وبالأخص مرجعية وشخصية الإمام الخوئي. قدس سره. حيث ان هذا المرجع ومن سبقه من مرجعيات كبرى خلاقة متألقة لم تأخذ حقها وموقعها الطبيعي، بالدراسة العلمية والمعرفية الكاشفة عن العبقرية والعالمية في تلك الشخصيات والتي منها شخصية الإمام الخوئي. قدس سره. بدعوى متشكلة في اذهان البعض أن هذه المرجعية الفريدة تقليدية كلاسيكية، وأمثال هذه التوصيفات خطأ فادح وجناية في حقه .قدس.سره 

حيث أن توصيفات كالعبقرية والعالمية في حق الإمام الخوئي ليست مني بل وجدتها في دراسات وبحوث أكاديمية علمية. 

وهنا سأعطي نموذجين بشكل موجز لبعض الدراسات:

[ نموذج من الدراسات الغربية حول الفكر الشيعي وعلماء الشيعة ]

النموذج الأول: لمتخصصة وباحثة سويسرية قدَّمت دراسة اكاديمية. ( رسالة دكتوراه) فقط في شخصية الإمام السيد محسن الحكيم والإمام السيد أبو القاسم الخوئي .. قدس سرهما... وتأثيرهما العالمي وليس فقط المحلي وهي:

 الباحثة السويسرية د. إلفيرا كوربوز Elvire Corboz، خريجة جامعة اكسفورد وتدرّس حاليا في جامعة آرهوس الدنمارك والمتخصصة بشؤون المرجعية الدينية والدراسات الشرقية والإسلامية. 

 ‏ تقول حول ما دفعها للاهتمام بالتخصص الأكاديميّ بشؤون الشيعة والمرجعية الدينية والأبحاث التي تجريها بهذا الشأن أن "هذا الاهتمام بدأ عندما كنتُ طالبةً جامعيّة في جامعة جنيف في سويسرا حيث كنتُ أتخصّصُ في الدراسات العربيّة والإسلاميّة، وشاركتُ في حلقةٍ دراسيّة محورُها العتبات المقدّسة في العراق بين القرنين التاسع عشر والعشرين بعد الميـلاد. 

 ‏اطّلعتُ حينها على المذهب الشيعيّ ونظام المرجعيّة الدينيّة الذي أثار اهتمامي، فبدأتُ بالبحث الموسّع عن العتبات المقدسة والحوزات العلميّة ومراجع التقليد في العراق.

وكانت رسالتي لنيل إجازة الدكتوراة في العام 2005 دراسةً تحليلة لمرجعيّة السيد محسن الحكيم ثم السيد أبو القاسم الخوئي وتأثيرهما العالميّ، وقد اخترتُ دراسة النطاق العالميّ لمرجعيتهما لتعذّر الوصول إلى قلبِ العراقِ آنذاك.

وفي عام 2016  تقريباً زارت الدكتورة الفيرا النجف الأشرف وإليك الخبر كما ورد في موقع الحكمة للحوار والتعاون  :

النجف الأشرف – الحكمة : استقبل سماحة العلامة السيد صالح الحكيم رئيس مركز الحكمة للحوار والتعاون الباحثة السويسرية الفيرا كوربوز من جامعة أكسفورد المتخصصة بشؤون المرجعية الدينية.

وقد كتبت السيدة الفيرا كتاباً بعنوان حماة التشيع تناولت فيه سماحة المرجع الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره) والمرجع الراحل السيد أبي القاسم الخوئي (قدس سره)..

وهي الآن بصدد دراسة موضوع الوكالة والوكلاء وهو من الموضوعات المرتبطة بشؤون المرجعية الدينية، وقد تحدث سماحة السيّد عن هذه الموضوعات بشكل تفصيلي..

[ دراسة الدكتور الحكمي حول السيد الخوئي قدّس سره ]

النموذج الثاني: لأكاديمي رصين وحوزوي أصيل وهو الأستاذ والعلامة القدير السيد مرتضى الحكمي الذي كان شخصية نهضوية وثقافية متميزة وكان في ستينيات القرن الماضي مدير تحرير مجلة النشاط الثقافي بالنجف الاشرف :

حيث ان اطلالة بسيطة على الدراسة الراقية العميقة المتقنة التي كتبها حول الإمام الخوئي. قدس. في مقدمة موسوعة الإمام الخوئي. قدس. تكشف عن بعض التألق والعمق والعالمية والموسوعية والأصالة المميزة في مرجعية وفكر الإمام الخوئي قدس.

و المأمول أن يُعمل على تعريف الأجيال و الأوساط النخبوية بالمرجعيات والفقهاء الشيعة الكبار وماهي المعالم المعرفية والثقافية والعالمية في فكرهم ومنتجاتهم ومشاريعهم وخدماتهم، عبر دراسات وبحوث وندوات ومحاضرات تتناسب وحجم تلك الشخصيات الفذة والعملاقة..

[ النظرة السطحية عند بعض المثقفين العرب ]

وأملي أن لا يُصغى الى بعض الأصوات والدعوات التي تعتبر مثل هذه الخطوات انشغال بتراث أو موروث قديم أو لا قيمة له ، فهؤلاء لو كانوا جادين وَوُجِدوا في الأوساط الأكاديمية الغربية المعجبين بها، لربما ينظر لهم بسطحية وبنوع من الأسى على نمط تفكيرهم وذلك لأنّه في الرؤية الأكاديمية لا يُقال لمنجزات معرفية وفكرية وعلمية وعقلية أنها تراث ماضوي ولا قيمة له، بل:

 إن هذه تعتبر لديهم إرث حضاري يجب المحافظة عليه ودراسته بعمق وتحقيقه وطباعته بأحدث طباعة ليوضع بين يدي الباحثين المتنوعين لتقديم قراءاتهم ومقارباتهم له وفيه، وما يمكن استفادته منه بما يخدم في العصر الراهن والمستقبل وقد أسلفت الكلام في الحلقة الأولى على نموذج للمنهجيات التي كانت ما قبل الميلاد بقرون في عصور اليونان والاغريق وتم المحافظة عليها واستعادتها بعد دراستها  وتطويرها...

[ أهميّة الموروث الديني والفلسفي ]

سارت بي موجة المشاغبات والمشاكسات في وسائل التواصل الاجتماعي _ الذي يلعب دوراً كبيراً في التشويش والتحريف والتضليل الإعلامي والعلمي _ كأي شاب لم يمتهن ويحترف ويتمرس في الارتباط بالكتاب العلمي والمعرفي ومواقع البحث العلمي الجدية آنذاك الى تصور أن موضوع:

١- الدين والأبحاث الدينية وبالاصطلاح المسيحي اللاهوتية.

٢- الأبحاث الفلسفية والعقلية..

أصبحت مسائل تراثية وعفى عليها الزمن ولا يتحدث بها وينشغل فيها، إلا من كانوا يعيشون العقلية الماضوية وفكر القرون الوسطى...!!!

ولكن عندما تطالع الأكاديميات الكبرى وليست الهامشية في أوروبا وتحديداً الدول الكبرى فيه كبريطانيا مثلاً، تجد من المدهش أن:

موضوع الدين (اللاهوت)، مخصصّة له جامعات كبيرة وكليات عريقة وتُقام فيها دراسات عليا بإشراف برفسورية ودكاترة مميزين وبارزين...

و أن الدراسات الدينية واللاهوتية في مختلف الأديان وبالخصوص الدين الإسلامي وبالأخص مذهب التشيع الإمامي في العقود الأخيرة لا أقل تحظى بموقعيّتها اللائقة في الوسط الأكاديمي، وليس كما يصورها بعض المهرجين مع كل اسفٍ ممَّن يحسب نفسه على الوسط الثقافي... 

بل كنتُ في إحدى السنوات أُتابع بحثاً تاريخياً فلسفياً لأحد الدكاترة خريج جامعة لندن، و ذكر في ضمن ما ذكره أنّه في إحدى جامعات بريطانيا  برفسور بريطاني مسيحي متخصص في التشيع اعطى مادة درسيّة مدّة أربعة سنوات فقط عن الحوزة العلمية عند الشيعة_ النشأة والمسيرة والمتبنيات... 

وممّا ذكره الدكتور في ثنايا البحث أيضاً أنّه في العام ٢٠١٦ تقريباً خصص مركز الأبحاث الرئيسي التابع للاتحاد الأوروبي مبلغ اثنين ونصف مليون يورو لمدة خمس سنوات لأحد البرفسورية  لدراسة علاقة الفرد الشيعي بالمرجعية الدينية.. 

مليونين ونصف يورو لمدة خمسة سنوات مخصصة فقط وفقط لدراسة شكل ونوع العلاقة بين الفرد الشيعي و المرجعيات الدينية... 

هل هذه مسألة هامشية ماضوية لا أهمية لها ولا ثقل لها ولا عمق استراتيجي لها وتخصص لها المبالغ الضخمة والعقول الكبيرة...؟؟؟

هل الاستهدافان الكثيرة والسهام التي تطال الفكر الإسلامي والشيعي والحوزات والمرجعيات الدينية، إلا دليلاً على العمق الحقيقي والاستراتيجي لها... 

أطلب و أتوسل إلى الإخوة والأخوات الشباب أن يكونوا على قدر المسؤولية الفكرية والروحية في إعادة قراءة وبناء تصوراتهم ومتبنياتهم عن الفكر الديني وأهميته والحوزات والمرجعيات الدينية وموقعيتها وأصالتها وضرورتها، و أُقدم لهم نموذج في الختام:

[ نموذج من الدراسات الغربية عن المرجعية الدينية ]

 عندي دراسة لباحثة تعمل في كلية كونكتيكوت والكتاب من اصدارات جامعة ييل الأمريكية ذات السمعة العالمية في العلوم الاجتماعية، وقد خصصت دراستها عن ( المرجعية الدينية والموقف الوطني في العراق بعد 2003)، وقد صدر الكتاب باللغة الانجليزية عام 2018، وشغل الحديث عن الإمام السيد السيستاني. دام ظله مساحة واسعة من بحوث الكتاب، تقول الباحثة: 

[ فكرة هذا الكتاب بدأت تختمر في ذهني منذ ما يربو على خمسة عشر عاماً، لقد انبهرت بالدور السياسي للمرجعيات الدينية عندما قمت بتدريس منهج دراسي عن إيران في الفصل الافتتاحي في جامعة نيويورك في العام 2002، ومنذ ذلك الحين قمتُ بتدريس إصدارات مختلفة من ذلك المنهج على مستوى الدراسات العليا والبكالوريس]..

وتقول الباحثة:

{  لقد تابعتُ البيانات ولا سيما بيانات السيد السيستاني رجل الدين الذي له أتباع على نطاق واسع في العالم، كان يعمل الى جانب الدولة لضمان ظهور المشروع الديمقراطي..}..

وتقول ايضاً:

( لقد قمت باستعمال الفتاوى والخطب والبيانات من آيات الله العظمى الثلاثة الآخرين في النجف، وسيلة للتحقق من وجهات نظر السيستاني، وكذلك لإعطاء القارئ لمحة عن الثقافية السياسية الأوسع في العراق..)..