القائمة الرئيسية

الصفحات

ما هو منهج الشيخ عبد الله الجوادي الآملي في كتاب تسنيم في تفسير القرآن الكريم ؟

منهج الشيخ الآملي في تفسير تسنيم
أسئلة زوار المدونة | السؤال 18
الاسم : رفاه
الدولة : العراق
السؤال : 
١- ما المنهج التفسيري الذي اتبعه العلامة الآملي في  تفسير التسنيم ؟
٢- ماذا يعتبر تفسير التسنيم بالنسبة لباقي التفاسير ، وبماذا تميَّز عنها ؟
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله ..

أوّلاً: منهج الشيخ الآملي في تفسير تسنيم

قصَد الشيخ الآملي في تفسير تسنيم أن يسلك المنهج الكامل أو (التكاملي) في التفسير وقد أشار (حفظه الله) بنفسه إلى ذلك في ذيل المقدّمة التي كتبها للترجمة العربية حيث كتب في آخرها : " هذا آخر ما أردنا كتابته في هذه الوجيزة التي تُجعَل مقدمّة لترجمة تفسير " تسنيم " من الفارسيّة إلى العربيّة، والمرجوّ من الله سبحانه أن يجعل المنقول عنه والمنقول إليه تفسيراً للقرآن بالقرآن من ناحية ، وبهدايةٍ من مأثورات العترة الطاهرين من ناحية أخرى ، وبدراية العقل البرهاني المستمع الواعي من ناحية ثالثة " (1) .
وقد تطرّق سماحته في موضع آخر من مقدّمة تفسير تسنيم (2) إلى بيان مصادر التفسير فقال: " إنّ أهمّ مصدر هو القرآن نفسه، حيث إنّه مُبيِّن وشاهد ومُفسِّر لنفسه، ... والمصدر الآخر لعلم التفسير هو سنّة المعصومين (عليهم السلام)، فحسب حديث الثقلين المتواتر، فإنّ العترة الطاهرين (عليهم السلام) يُعدّون عِدلاً للقرآن، والتمسّك بأحدهما دون الآخر يُعدّ تركاً لكليهما ... والمصدر الثالث هو العقل البرهاني المصون من آفة مغالطة الوهم ومن ضرر التخيّل، ... " إلى آخر كلامه .
فهذان النصان يُعدُّان تصريحاً منه (حفظه الله) باعتماده على ثلاثة مناهج في تفسير تسنيم :
1- منهج تفسير القرآن بالقرآن .
2- منهج التفسير بالمأثور .
3- المنهج الاجتهادي (العقل البرهاني) .
وقد عقّد المصنف بضعة فصولٍ لبيان هذه المناهج الثلاثة وبالإضافة إلى التفريق بينها وبين التفسير بالرأي في مقدّمته العلميّة التي قدّم بها لتسنيم .
ثمّ اشار (حفظه الله) في موضعٍ آخر من المقدّمة إلى اعتماده منهج التفسير العلمي أيضاً ولكن مع بعض القيود والمحدّدات والضوابط إذ قال في ج1 ص89 : " إنّ النتائج العلميّة وإن كان لا يمكن فرضها على القرآن لكنّ البراهين العلميّة القطعيّة أو الشواهد الباعثة على الاطمئنان في العلوم التجربيّة والتاريخية والفنيّة وأمثالها يمكن اعتبارها حاملة لمعاني ومعارف القرآن، بحيث تكون على مستوى الشاهد والقرينة، والأرضيّة لأجل فهم خصوص المواضيع المرتبطة بأقسام العلوم التجربيّة والتاريخية وأمثالها وليس ما عدا ذلك " .
وبهذا يتضّح أنّه يقبل منهج التفسير العلمي ولكن ضمن هذه الحدود التي ذكرها .
وأيضاً عند سبر أغوار تفسير تسنيم يمكن ملاحظة أنّ المؤلف استعان بالمنهج الإشاري في التفسير في عدّة مواطن بالإضافة الى المناهج التي ذكرها في المقدمّة، قال السيد محمد علي إيازي في وصفه لمنهج تفسير تسنيم منبّهاً على أخذه بالمنهج الإشاري (الشهود) : " هذا التفسير من التفاسير العقليّة المعاصرة ويرى مؤلّفه أن التفسير المباشر للقرآن يتم عن طريق العقل والشهود ، وتُعرَض فيه على بساط البحث موضوعات كثيرة في حقل العلوم الاجتماعية والعلمية والكلاميّة ، كما أنّه لا يخلو حتى من المباحث الفقهيّة ، مع فارق أنّ طرح المباحث الفقهية وتفسير الآيات التي تتضمن أحكام وحدود الله أُدغِمَت ضمن التفسير ، وطُرِحَت ضمن الأحاديث التفسيرية على غرار ما فعله العلامة الطباطبائي في منهجه " (3) .
 والنتيجة التي نستخلصها من كلّ ما سبق أنه (حفظه الله) يعتمد المنهج الكامل في تفسيره، قال الشيخ محمد علي الرضائي الإصفهاني في تعريف المنهج الكامل في التفسير بأنّه: " المنهج الذي يستفيد من جميع مناهج التفسير لكي يتبيّن مقصود الآيات بصورة كاملة من جميع الجوانب . إنّ التفسير الصحيح والمعتبَر هو الذي يستفيد من جميع هذه المناهج (الخمسة) في مكانها المناسب. وقد لا يكون هناك استخدام لبعض المناهج في بعض الآيات، فمثلا قد لا توجد رواية في تفسير بعض الآيات أو لا توجد إشارة علميّة (العلوم التجريبية) في بعض الآيات فإذن المنهج الكامل المستخدَم في مورد تلك المجموعة من الآيات هو الذي يمكن أن يستفيد – قدر الامكان – من المناهج المناسبة والمتعددة، ومن الطبيعي أنّ عدد المناهج المستخدمة يرتبط بالآية وإمكانيّة الاستفادة من المناهج الصحيحة في هذا المجال " (4) .

ثانياً: موقع تفسير تسنيم في مكتبة التفسير

يرى بعض الباحثين أنّ تفسير تسنيم هو حلقة مكمّلة لتفسير الميزان كما جاء في مقدمة مؤسسة الإسراء للنسخة المترجمة، وذلك بمعنى أنه يطرق أبواب الحيثيات التي أغفلها الميزان لدواعٍ وأسباب اقتضت ذلك وقت تصنيفه .
ولكن يمكن القول أنّ تفسير تسنيم مبني في أغلب مفاصله على ذات منهج وأطروحة الميزان سوى أنّه يمتاز بعرضه للمعارف والأفكار المتناولة في تفسير الميزان بشكلٍ موسَّعٍ وشرحٍ مفصَّل ومبَّسط بحيث لا يحتاج فهمه غالبا إلى قطع أشواط علمية عالية، ويمكن القول أنّ هذا هو الطابع الغالب على كثير بل أكثر مباحث تفسير تسنيم .
نعم يُحسَب له أنّه في مواطن كثيرة تعرَّض لذكر نكات علميّة لم تَرِد في الميزان بل اختلف في بعض الموارد مع صاحب الميزان وأشكل عليه، وإن كانا يتبّعان المنهج ذاته .
أضف إلى ذلك أنّ تفسير تسنيم قد توسّع في مباحث الأحكام الشرعية عند التعرض إلى آيات الأحكام (التفسير الفقهي) المتناثرة في القرآن الكريم كما أشار السيد محمّد علي إيازي إلى ذلك في النص الذي اقتبسناه آنفاً.
وفضلاً عن كلّ ذلك يمتاز تفسير تسنيم باتجاهه الأخلاقي حيث توسّع في كثيرٍ من المباحث التفسيرية ذات الحيثية الأخلاقية والاجتماعية .
وعلى أيّ حال فإنّ تفسير تسنيم يُعدّ إضافةً مهمّة في مجال تفسير القرآن الكريم تستحق أن تكون موضوعاً للدراسات المهتمة بهذا المجال، ولكن يبقى رأي الأعمّ الأغلب من الباحثين بما فيهم مؤلف تفسير تسنيم نفسه على أنّ الريادة في هذا المجال لا تزال لتفسير الميزان الذي لم تنتج الحواضر العلميّة حتى يومنا هذا تفسيراً يفوقه لا من حيث المنهج ولا من حيث المادة العلميّة .
هذا ما تيسَّر والله تعالى وليّ التوفيق .
_____
الهوامش
(1) تسنيم في تفسير القرآن الكريم ، عبد الله الجوادي الآملي: ج1 ، ص 57 – المقدمة .
(2) ج1 ص 88 .
(3) المفسرون حياتهم ومنهجهم، السيد محمد علي إيازي: ج1 ، ص370 .
(4) دروس في المناهج والاتجاهات التفسيرية للقرآن : ص26 .

لإرسال سؤالك اضغط هنا