[ من أقسام الجمال : الحسّي والمعنويّ ]
الجمال ينقسم الى جمال حسيّ وجمال معنويّ، والجمال ممّا تبتهج النفس به وتنجذب اليه بفطرتها.
يتحدث القرآن الكريم عن السماء ويبين أنّ النجوم المضيئة زينة وجمال لها (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) الملك:5.
تضفي الكواكب والنجوم جمالاً على السماء و زينة لها.. وهو جمال محسوس.
وفي سماء المعنويّات أيضاً نجوم ومصابيح، وهم محمّد وآله (صلوات اله عليه وعليهم) كما ورد في الحديث أنّهم (مصابيح الدجى) كمال الدين، الصدوق، ص206.
يتربّع النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) على أرقى مراتب الجمال المعنويّ..
[ الجمال المعنويّ في مواقف الإمام الكاظم عليه السلام ومواعظه ]
في هذه الوقفة السريعة .. بعض اللمحات من جمال حجّة الله الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في ذكرى شهادته..
1- يتقدّم الرشيد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليستولي على شرعيّة النسب النبويّ، يسلّم قائلاً: السلام عليك يا بن العمّ.
فيتقدّم الإمام الكاظم في ذلك الموقف الدقيق، الخطير، ويقول: السلام عليك يا أبه.
فيطيح بكلمته تلك الشرعيّة المزيفة.
إنّه حقاً جمال الموقف.
2- يمرّ الإمام الكاظم على قصر بغداديّ يعلو منه صوت الغناء واللهو، فيرى جارية على بابه، يسألها: أ صاحب القصر هذا حر أو عبد؟
تجيب: هو حر!.
يقول: صدقت.. لو كان عبداً لأطاع مولاه.
تصل الكلمة الى صاحب القصر، فيخرج حافياً، ليلتقي الإمام ثمّ يسير في طريق الحقّ.
إنّه حقّاً جمال الموعظة.
3- يلقى في السجن ظلماً وعدواناً، ثم يؤتى بجارية تدخل عليه زنزانته المنفردة، بجمالها وإغرائها، عسى أن تطيح به من أقصر الطرق التي تطيح بكلّ الرجال.
بعد فترة.. تحتشم الجارية وتسلك طريق العفّة والطهارة.
إنّه حقّاً جمال الشباب.
4- يسبّه ويشتمه سيء الأدب، فيقصده الى مزرعته ليلاطفه ويهدي اليه أموالاً، فيعيد لسيء الأدب حسن الادب.
إنّه حقّاً جمال الخُلُق.
5- يلقى في السجن ظلماً وعدواناً، وهو حجّة الله على خلقه، فيحمد الله على ما أصابه، ويرى فيه نعمة حيث أنّه يتفرّغ للمناجاة والعبادة.
إنّه حقاً جمال العبوديّة.
وهكذا .. تتعدّد ملامح الجمال عند إمامنا (عليه السلام)، كما عند بقيّة الأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام)، فما أحرانا أن نتبصّر مواطن الجمال تلك، فنحمد الله على ما أنعم علينا بولايتهم، ونسأل الله أن يلهمنا أن نتحسّس جمال أفعالهم وأوصافهم وملامح سيرتهم.
فالنفس بوجدانها تنجذب إلى الجمال وتعشقه وتبتهج به ولا ترغب أن تفارقه.
عظّم الله أجورنا وأجوركم أيّها الأكارم في ذكرى شهادة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام).