ما السبب الذي يجعل الانسان يعبد الله ؟
بقلم الشيخ: أحمد مشيك
سؤال من أحد الأخوة الأعزاء [جاء فيه]: السلام عليكم شيحنا، هناك مسألة معرفية تطرح عن السبب الذي يجعل الانسان يعبد الله، والمطروح عدة أسباب:
1- الخوف من الضرر
2- شكر المنعم
3- إذن المالك
4- تكامل الانسان
الرأي الرابع من يتبناه من الاعلام ؟ وبأي مصدر استطيع إيجاد شرحه للمسألة ؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قصدكم المالكيّة وليس إذن المالك نعم المالكيّة قد تستدعي لزوم اخذ اذن المالك، لكن سأُبيِّن وجه الضعف فيه
ليس في البال أنّ هناك من التزم بالأخير خصوصًا البحث ينبغي ان يُفرّق فيه بين موجِب التقرّب الى الله سبحانه وبين موجب الالتزام بتشريعاته
فلو أدركتَ وجود الله ولم تدرك وجود تكاليف صادرة عنه..
فما هو المحرّك نحو لزوم التقرّب إليه؟ هنا يسقط بحث لزوم دفع الضرر من رأس ويسقط بحث التكامل من رأس -إلّا اذا استقلّ العقل بحسن التقرّب الموجب للاستكمال ذاتًا-.
ويبقى بحث شكر المنعم والمالكية
وأمّا بناء على تصوّر البحث من سؤال (ما هو موجِب طاعة التكاليف الصادرة منه؟) فهنا تنفتح الاحتمالات الاربعة
وانا أرجح الاستكمال وأجعل كُلًّا مِن شكر المنعم ولزوم دفع الضرر من المصاديق التي تقع بالعَرَض أو تحقق أحد اوجه الاستكمال.
وأمّا حيثيّة لحاظ المالكيّة فهي تُعتبر من موجبات استقرار ارادة الفعل وليست مِن موجبات تولّدها
فالعقل اذا لاحظ التشريع فهو يلحظ جهات إضافية :
1- القانون
2- والمُقنِّن
3- والمقنَّن له
4- والغاية
ولحاظ جهة المُقنِّن يغنينا عن تفحّص واستكشاف الحالات المتبقيّة .
فالمُقنِن حيث كان غنيا بالذات لا تجوز عليه الفعلية والقوة المتعاقبتين على ذاته للزوم كونه من مادة استعداية فحينئذ هذا البرهان التحليلي نستلّ منه أنّ وضعه للقانون لا لأجل ذاته فلا يقع تشريعه لفائدة تعود اليه.
وحيث إنّه فاعل بالاختيار ويفعل عن علم وغني بالذات فهو لا يلهو وعليه تشريعه لغرض.
وحيث أن الغرض بلحاظ المقدّمة الأولى لا يكون لأجل ذاته فالغرض لغيره وهنا نقوم بتفحص حال المصلحة والمفسدة وأنّ متعلقها أين؟
فإمّا أن يكون المُقنّن له أو غيره..
وحيث إن التشريع بلحاظ وضعه على المُقنّن له دون غيره تعود لجهة فاعليته بالارادة دون غيره من المخلوقات وعليه يكون الكمال تعويضًا له عن فعله لمقام جزاء الاحسان الحاكم فيه العقل العملي.
من هنا فالعقل يرى أن لزوم طاعة التشريع هي من حيثية ضرورة الاستكمال التي تتمثل في لزوم جلب المفقود من الكمال وحفظ الموجود..
فإرادة الفعل تولّدت من حيثية لحاظ الكمال..
واما استقرارها فهو بلحاظ العقل لضرورة استيفاء هذا الكمال..
فلو لم يكن الله مالكا ليوم الاخرة لما كان للكمال امكانية في الاستيفاء
فالمالكية الحقيقية للمولى سبحانه اذا حللتها تستنبط منها فقط قيّومية المولى على عباده وامكان التصرّف من جهة تكوينية لا مِن جهة حقوقية..
فاشتقاق المعياري من الوصفي يحتاج الى مُصحّح..
فنحن نصف الله بكونه مالكًا فنشتق منه مملوكية ما تقع عليه مالكيته لكن سؤال العقل لماذا يجب أن اطيع المالك؟
اذا قلت لانه مالك فالعقل سيسأل مُجدّدًا لماذا تجب طاعة المالك؟ اذا قلت لأن ليس لك مِن أمرك شيء. قلت فإذا خالفت أمره ما الذي يحدث؟ اذا قلت سواء
لم يكن أمام العقل اي موجب لحركة الطاعة
اذا قلت يعاقبك، فصار لزوم الطاعة من باب حفظ الاستكمال الذي مصداقه هنا لزوم دفع الضرر