القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا قال القرآن الكريم لا عوج له ولم يقل لا عوج فيه

 

لماذا قال القرآن الكريم لا عوج له ولم يقل لا عوج فيه

لماذا قال القرآن الكريم: " لا عوج له " ولم يقل: "لا عوج فيه"

الشيخ عبد الغني عرفات

سألني أحد الإخوة لماذا لم يقل القرآن الكريم : لا عوج فيه بل قال لا عوج له؟ في قوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى‏ عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً).

والجواب :

قال الشيخ جوادي الآملي في كتاب علي بن موسى الرضا والقرآن الحكيم ص ٥٢:

" معنى كون القرآن غير ذي عوج ، هو أن القرآن لفظًا ومعنىً صراط مستقيم لا اعوجاج له ، ولا يمكن (تعويجه )بالعلاج؛لأن التعبير بغير ذي عوج إنما هو كالتعبير بغير ذي زرع ، في الدلالة على أنه لا يمكن تغييره بالعلاج الصناعي، لا أنه ليس بمزروع بالفعل".

فالاستقامة للقرآن أمر ذاتي وليس طارئا عليه وكذلك الأرض التي لا تقبل الزراعة لذاتها لا لشيء طارئ عليها . 

وقال الشيخ جوادي في الدرس الأول من تفسير سورة الكهف باللغة الفارسية : العوج نقص وهو سلب وسلب السلب إيجاب.

ولم يجعل له عوجا يفسره ما بعده وهو قوله تعالى  (قيما) ومعنى قيما أي مستقيما أو قيما على غيره من الكتب.

ولم يجعل له عوجا شبيه بآية سورة البقرة: (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) البقرة:١.

لا ريب فيه تقابل لم يجعل له عوجا، وقيما تقابل هدى للمتقين . 

وقال الدكتور فاضل السامرائي حول الآية :

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ﴿١﴾ الكهف . 

" لم قال : يجعل له عوجاً ولم يقل: فيه عوجاً؟

إذا قلنا لم يجعل اللهُ للفيل قرنين ولم يجعل للبقرة خرطوماً يعني هكذا هي إبتداء في أصل خلقتها،  (في) قد تكون بعدها، لم يجعل الله للفيل قرنين ابتداء في أصل خلقته ، فهذا أبعد في النفي، لم يجعل له عوجاً أصلاً ولو قال (فيه) يحتمل بعدها ؛ لأنه حتى في يوم القيامة قال (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) طه)، قال فيها ولم يقل لها، في يوم القيامة (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ (108) طه) في أصل خِلقته. إذن (فيه) يدل أنه جاء بعد ذلك و(له) أبعد في النفي ابتداءً " .

وما استوحيه من خلال درس الشيخ الجوادي الصوتي هو أن كلمة (له) لها شمولية فهو شامل للاستقامة البشرية من حيث القوانين التي وضعها القرآن ، وهو شامل لكونه مهيمنا على الكتب السابقة ، فلعل (لم يجعل له ) أشمل من (لا ريب فيه).

فلو قال لم يجعل فيه لتساوت مع لا ريب فيه.

مثال للتوضيح : لا عيب فيه كأنما العيب شيء طارئ ، بينما لا عيب له كأنما العيب شيء ذاتي ، فإذا سلبنا العيب وهو سالب ثبت الموجب وهو سلامة الشيء.

نعود لكلمة (لم يجعل له) فالمعنى أن الاستقامة ذاتية له لأننا سلبنا السلب فثبتت الاستقامة في مقابل الاعوجاج، بينما لو قال لم يجعل فيه فإن المنفي هو العوج الطارئ وهو ليس كنفي العوج الذاتي.

والله العالم بحقائق الأمور.