هدف اليوم : أن أَردُمَ الهُوَّة بيني وبين الأجيال المختلفة
بقلم السيّد وهبي العاملي
هدفٌ على مستوىً عالٍ مِنَ الأهمية، وأهميته تكمنُ في أن استقرار العلاقة بين الأجيال المختلفة أو عدم استقرارها قائم على ردم الهوة أو بقاء الشُّقة واسعة بينها، ولا تشك قارئي الكريم شابَاً كنتَ أم متقدما في العمر أن اختلاف التفكير بين الأجيال يؤدي إلى الكثير من التوتر بين أفراد الأسرة وأبناء المجتمع، ويفصم عُرى العلاقة بين الآباء والأبناء وبالعكس، وتتفق معي كذلك أن الهُوَّة بين الأجيال ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قِدَمَ الوجود الإنساني، حيث تختلف الأجيال عن بعضها بين جيل متقدم خَبِرَ الحياة وفهم حقائقها، ويعتقد أنه أكثر خبرة وفهما ووعيا وحكمة ممن تلاه من الأجيال، وجيلٍ متأخِّر يدخل الحياة غَضّاً طَرِيّاً متأثرا بكل ما يراه ويسمعه، يعتقد أنه أعلم وأكثر إدراكا ممن سبقه، وتتفق معي أيضا أن الزمن والبيئة يلعبان دورا هامّاً في توسيع تلك الفجوة، لكن تلك الهُوَّة أسرع وأكثر اتساعاً في زماننا هذا نتيجة التوسّع في العلوم والمعارف، ونتيجة التطور التقني والتكنولوجي وسهولة انتقال العادات والتقاليد بين المجتمعات البشرية من خلال وسائل الإعلام والإعلان، وتلعب المناهج التعليمية في المستويات الدراسية المختلفة دورا هاما في هذا المجال أيضا.
إنك ترى اليوم الاختلاف واضحا جداً بين الأجيال، جيل يَنْشَدُّ إلى الماضي بكل ما فيه وجيل يتطلع إلى الحاضر والمستقبل بكل ما فيه كذلك، وكلاهما يختلفان في المفاهيم والقيم والعادات والأعراف والمَلبس والمأكل ونمط العيش، ورغم أن تلك الأجيال تعيش في بيت واحد، وتنتمي إلى أسرة واحدة لكنك تجد لكلٍ منها حياته الخاصة، وقد زاد الطين بِلَّة وسائل التواصل التي قطعت القاطنين في مسكن واحد عن بعضهم، وأعدمت أو تكاد التواصل بينهم، وإن كان من تواصل فليس بالضرورة أن يكون تفاهم واتفاق، وفي ذلك من السلبيات والخلافات والتصدُّعات والمعاناة ما لا يخفى، فما الحل إذا، هل نستسلم لهذه المعضلة ولا نبحث عن حلٍّ لها، فيقف كل جيل عند قناعاته فتتسع الفجوة أكثر وتتعمق المشكلة؟ أم أن في الإمكان إيجاد حَلٍ وهو في متناول اليد؟
الجواب القاطع أن الاستسلام لذلك خيار خاطئ بل شديد الخطورة، وأن في الإمكان ردم الهُوَّة بين الأجيال، ويتم ذلك في إطار الخطوات التالية :
[ خطوات تقليص الفواصل بينك وبين الأجيال الأخرى ]
الخطوة الأولى: أن تقتنع الأجيال نفسها بأن اختلافها أمر طبيعي، وأن في الاختلاف ثراء وغَنَاء، وأن الاختلاف يجب أن يقود إلى تكامل الأجيال مع بعضها فيأخذ كل جيل ما لدى الآخر.
الخطوة الثانية : أن يكون تواصل دائم وحوار مستمر بين الأجيال، ويرتكز ذلك على قناعة لدى الجيلين بأن لدى كُلٍّ منهما ما يفيد الآخر، بل ما يحتاج إليه، فإن الجيل اللاحق يحتاج حاجة ماسَّةً إلى خبرة وتجربة ووعي وحكمة الجيل المتقدم عليه، والجيل المتقدم يحتاج إلى فُتُوَّةِ وعُنفوان وطموح وعلوم الجيل الجديد.
الخطوة الثالثة : أن يُمَيِّز الجيلان بين ما يمكن أن يتغير ويتبدل تبعا للظروف والبيئات وبين ما من شأنه الثبات والاستمرار، ولعله إلى هذا يشير ما يُرْوى عن الإمام عَلِيٍّ (ع): " لا تُقْسِروا أَوْلادَكم على آدابِكُمْ فَإِنَّهُمْ مَخْلوقونَ لِزَمانٍ غَيْرِ زَمانِكُمْ" فنلاحظ أنه (ع) جاء بمصطلح الآداب وهي عبارة عن أفعال يُلْتَزَمُ بها في ضِمْنِ مجموعة من البشر، ولم يذكر الأخلاق وهي صفات نفسية يتحلى بها الإنسان، والأخلاق لا تتغير من جيل إلى جيل فالجود والكرم والسخاء والشجاعة والصدق صفات حميدة في كُلِّ الأزمنة، بخلاف الآداب، فربما يتوافق جماعة من البشر في زمن ما على قبول القيام احتراما للقادم بينما تتغير هذه العادة في زمن آخر.
توصيات:
1- احذر مِنَ القطيعة مع الجيل الآخر ففيها خسارة لا تُعَوَّض.
2- أقمْ علاقتك مع الأجيال المختلفة على مبدأ الحوار، والتفاعل الإيجابي.
3- تعاطَ مع الجيل بمتابعة واعية ومرونة ذكية.
4- احذر أن تمارس الضغط والإكراه.
5- لا تَرمِ الجيل الآخر بالجهل وعدم الفهم أو التخلف.
السيد بلال وهبي
فجر يوم الإثنين الواقع في: 2/8/2021 الساعة (04:40)