القائمة الرئيسية

الصفحات

 

كيف تُحسِن التعامل مع تقلبات الحياة

هدف اليوم : أن أُحسِنَ التعامل مع دوران الحياة

السيّد بلال وهبي

لا تسير الحياة على وتيرة واحدة، ولا تثبت على حال أبداً، إنها في تَغَيُّر دائم، والإنسان محكوم لذلك، إنك تراه ينتقل من حال إلى حال، من عالم، إلى عالم الأرحام، ثم في الدنيا يقضيها مرحلة بعد أخرى، وفي كل مرحلة يختلف عمّا كان عليه في سابقتها إلى أن ينتهي به الحال في أرذل العمر، وإن شئت قارئي الكريم اجمع صورك التي التقطها في مراحل مختلفة وانظر إليها وسترى كم هو التغير الذي طرأ عليك، والتغَيُّر لا يقتصر على صورتك وبدنك، بل على تفكيرك وقناعاتك وقدراتك ومعارفك ومشاعرك وعواطفك، فكل ذلك يفيد أن الحياة الدَوّارة بأهلها تدور فيك أيضاً،  كما تدور الأرض بمن عليها حول محورها وحول الشمس.

إن في الحياة عدة من الدورات المنتظمة وأنت محكوم لها، وفي كل دورة من دوراتها عبرة وموعظة وفكرة، وعليك أن تُحسِنُ التعامل معها، وإلا عِشتَ خائباً محصوراً مدحوراً.

أولى تلك الدورات: دورة العمر، إنك تأتي من موت وترجع إلى الموت وبينهما حياة تنتقل فيها من طور إلى طور آخر، تبدأ في الطور الأول ضعيفاً وترجع في الطور الأخير ضعيفاً، وبينهما أطوار من النُّمُوِّ والفُتُوَّةِ والقُوَّةِ والقُدْرَةِ والرُّشْدِ والوَعي والتَّكامُلِ، وفي كل مرحلة من هذه المراحل عليك واجبات يجب أن تؤديها تجاه نفسك، قال تعالى: "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿28 البقرة﴾. ولا شك في ضرورة أن تَعرِفَ هذه الدورة من دورات الحياة كي تُحسنَ التعامل معها، فحين تعلم أنَّكَ ستهرم وتعجز وترجع أضعف مما كنت عليه حال طفولتك لن تهدر عمرك في اللهو واللغو والعبث والقيل والقال، بل ستستفيد من كل دقيقة منه فيما يحقق أهدافك ويجعلك من المفلحين الفائزين في الدارَين.

ثانية دورات الحياة: دورة الليل والنهار، تتكرر عليك مع كل يوم، وهي ضرورية جدا لحياتك، فأنت تحتاج إلى نهار تطلب فيه معاشك ورزقك وتقضي فيه حوائجك، وتحتاج إلى ليل تسكن فيه ويرتاح بدنك ويرمم ضعفه ويستعيد طاقته، قال تعالى: "وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ﴿73 القصص﴾. إن وجودك في إطار هذه الدورة يوجب عليك أن تتعامل معها بوعي وأن تحترم قانونها وتقيم حياتك متوافقة معه، فالنهار لطلب المعاش والسَّعي والعمل والكدح، والليل للراحة والنوم، ومن الخطأ أن تعيش عكس ذلك فتجعل ليلك نهارا ونهارك ليلا.

ثالثة دورات الحياة: دورة الصِّحة والمرض: فما دام مقدرا لك أن تعيش فإنَّ الحياة ستنتقل بك من صحة إلى مرض ومن مرض إلى صحة، ولا يمكنك أن تعيشها على وتيرة واحدة، مريضا دائما، أو مُعافى دائماً، وهذا يوجب عليك أن تُجيد التعامل مع الحال الذي ستكون عليه ولا تغلق النافذة عن الحال التي ستنقلب إليها، فحين مرضك داوِ داءَك، واصبر على أوجاعك، وثق بالله الشافي والمعافي، وحين عافيتك اشكر الله على نعمة العافية وأدِّ حقها. يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): "مِنَ السَّاعاتِ تُوْلَدُ الآفاتُ". 

رابعة دورات الحياة: دورة السرور والحزن، وكلاهما من طبيعة الحياة الإنسانية، فرغم أننا جميعا نطلب السرور دائماً ونبذل قصارى جهدنا لتجنب الحزن ولكننا لا ننجو من موجب لأحدهما، فعليك أن تستفيد من الحالين حين حدوثهما وأن تحسن التعامل معها، فحين سرورك لا تبطر، وحين حزنك لا تغلق على نفسك وتعتزل الحياة، يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): "لَمْ يَلْقَ أَحَدٌ مِنْ سَرَّاءِ الدُّنْيا بَطْناً إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِها ظَهْراً".

خامسة دورات الحياة: دورة الربح والخسارة، واليُسْرِ والعُسْرِ، فلا ربح دائمٌ فيها ولا خسارة، ولا يُسْرَ يدومُ ولا عُسْر، إنك تربح حينا وتخسر حيناً آخر، وتتيَسَّر أحوالك تارة، وتتعسَّرُ تارة أخرى، فإذا ربحت فتوقع الخسارة، وإذا خسرت فأَمِّل بالربح، وإذا كنت في يُسْرٍ فاستعد لانقلاب الحال إلى عُسرٍ، يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): "ما أَقْرَبَ البُؤْسَ مِنَ النَّعيمِ، والمَوْتَ مِنَ الحَياةِ". وعنه (ع): "ما قالَ النَّاسُ لِشَيْءٍ: طُوبى، إِلَّا وَقَدْ خَبَّأَ لَهُ الدَّهْرُ يَوْمَ سُوْءٍ". 

وهناك دورات أخرى للحياة لا تستوعبها هذه المقالة المختصرة، عسى الله أن يوفقنا لعرضها في مقالة أخرى. 

توصيات:

1- افهم معادلات الحياة وتعامل معها بوعي

2- قَوِّ مهارة التوَقُّع والاستشراف.

3- قَوِّ مهارتك على التعامل مع الظروف المتغيِّرَة.


السيد بلال وهبي

فجر يوم الأحد الواقع في: 7/11/2021 الساعة (04:20)