القائمة الرئيسية

الصفحات

احذروا من الاستهانة بالمحرمات

 

احذروا من الاستهانة بالمحرمات

هدف اليوم : أن لا أَسْتَهينَ بالمُحرَّمات

بقلم: السيد بلال وهبي

لا يأخذك العجبُ قارئي الكريم وأنت تقرأ هذا الهدف، فما أكثر الذين يستهينون بالمحرَّمات ولا يعبؤون بشأنها، فيرتكبونها عن قصد أو عن قلة اكتراث، وسبب ذلك جهلهم بها وتوهُّمهم أنها تمنعهم مما يشتهون، وتُضَيِّقُ عليهم وتقيِّدُ حرِّيتهم، ومنهم من يتجاوز ذلك ليتوهَّمَ أن الله تعالى يُحَرِّمها عليهم من غير عِلَّةٍ موجِبَةٍ، فتراهم يُناقشون فيها، ويُعطون الحَقَّ لأنفسهم في قبول ورفض ما يشاؤون منها، اعتقادا منهم أَنَّهم أقدرُ على معرفة مصلحتهم من الخالق العليم الخبير الحكيم. 

ولا شك في أن الإنسان لم يَخْلُق ذاته، بل خَلَقَه خالق قدير حكيم،  شأنه شأن جميع ما يصدر عن الله تعالى من أفعال وأوامر ونواهي فكلها قائمة على قاعدة الحِكْمَة، فلا عَبَثَ فيها ولا لَغوَ ولا لَهوَ، قال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴿115 المؤمنون﴾

وإنَّ مِنْ بين ما يحتاجه الإنسان الهدايةَ إلى الغاية التي وُجِدَ لأجلها، ووضعَ السبيل الموصل إليها والهداية إليه، ووضعَ القوانين التي تُنَظِّمُ سَيْرَهُ ومَسارَهُ على الطريق الذي يؤدي به إلى تلك الغاية، وهدايَته إلى ما ينفعه وما يضره. ونظراً لهذه الحاجة الماسة للإنسان، بل إنها من أهَمِّ حاجاته، نرى الله تعالى يأخذ على ذاته المُقَدَّسَة أن يوَفِّرَها للإنسان لُطْفاً منه به ورحمة له، قال تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ..."﴿9 النحل﴾. وقال تعالى: "إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ" ﴿12الليل﴾. 

ومن بين ما يحتاجه الإنسان أيضاً الشَّريعة، ولأنه غير قادرٍ بنفسه على سَنِّها لأنها ترتبط بدنياه وآخرته، وبنفسه وبدنه، وهو عاجِزٌ ولم يزل عاجزا عن معرفة ما يَصْلُحُ له في مختلف أبعاده الوجودية، فقد أخذ الله تعالى على ذاته المُقَدَّسَة أيضاً أن يَسُنَّ له القوانين التي لو التزم بها لَتَحَقَّقَ له جميع ما يصبو إليه في جميع أبعاده ونشآته، قال تعالى: "...لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..." ﴿48 المائدة﴾. 

ولمّا كانت الشريعة حاجة ماسَّة للإنسان، فلا بُدَّ مِنْ أن تأتيَ مراعِيَةً لِمَصالحه في جميع أبعاده، فإنها لم تصدر عن عبث، ولا الله سَنَّها كيفما اتفق، تعالى الله عن ذلك، فلا يوجد حرام في الشريعة الإسلامية إلا لدفع مفسدة، ولا يوجد واجب إلا لجلب مصلحة ومنفعة.

وقد راعت الشريعة قُدْرَةَ الإنسان، فلم تُضَيِّق عليه في شيء، ولم توجِبْ عليه ما فيه عُسرٌ وحرج، قال تعالى: "...مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ..."﴿6 المائدة﴾. وقال تعالى: "...يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ..." ﴿185 البقرة﴾. وقال تعالى: "يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا" ﴿28 النساء﴾.

وبهذا يَتَبَيَّنُ لنا أن الاستهانة بالمحرمات أمر بالغ الخطورة لأنه يُفَوِّتُ على المُسْتَهين بها منافِعَهُ ومَصالِحَهُ، وتُخَلِّفُ فيه نفسيا وبَدَنِيّاً آثارا سيِّئة عظيمة، وتدعوه إلى مزيد منها حين يعتاد عليها، حتى تصير حياته كلها قائمة على الحرام، وهي قبل هذا وذاك تكشف عن إيمانٍ ضَحلٍ قليل، وهنا مكمن الخطر فيها، ولذلك اعتبرت الروايات الشريفة أن الاستهانة بالذنب من أعظم وأَشَدِّ الذُّنوب، فقد رُوِيَ عن الإمام علي(ع): "أَشَدُّ الذُّنوبِ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ ذَنْبٌ اسْتَهانَ بِهِ رَاكِبُهُ". 

ومن يشاهد حالَ كثيرٍ من المؤمنين في أَيّامنا هذه يرى الكثير من الاستهانة بما حرَّم الله، والاستخفاف بأحكام الشريعة، ولا مجال لتعداد ما يقعون فيه وما يُبَرِّرونَ به ذلك. 

توصيات:

1- إن كنت تحترم إيمانك فالتزم بما يدعوك إليه.

2- التزامك دليل على قوة إيمانك وعدمه دليل على قلته.

3- لا تُبَرِّر لاستخفافك بل اعترف أنك ممن لا يُبالون فقد يعينك ذلك على تصحيح علاقتك بالشريعة.

4- لا تجادل الله في شريعته، فعلمك لا شيء أمام علمه، نعم يمكنك أن تسأله وتستوضحه، بل يجب ذلك عليك.

السيد بلال وهبي

فجر يوم الأربعاء الواقع في: 22/9/2021 الساعة (04:50)

بيروت