القائمة الرئيسية

الصفحات

بحثٌ في وثاقة مشايخ الإجازات – السيد محمد رضا السيستاني (دام ظله)

 

بحثٌ في وثاقة مشايخ الإجازات – السيد محمد رضا السيستاني (دام ظله)

وثاقة مشايخ الإجازات (1)

من بحوث آية الله السيّد محمد رضا السيستاني (دام ظله) (كتاب قبسات من علم الرجال ج1) :

ذكر السيد الأستاذ (قدّس سرّه) (2) أنّه اشتهر أنّ مشايخ الإجازة مستغنون عن التوثيق .

ثم ردّ هذا الكلام بما حاصله: أنّ شيخوخة الإجازة لا تكشف عن وثاقة الشيخ كما لا تكشف عن حُسنه .

ودعوى أنّ عدم التعرُّض لوثاقة مشايخ الإجازة إنّما هو من جهة وضوح وثاقتهم وعدم الحاجة إلى التعرّض لها مردودة، فإنّ مشايخ الإجازة لا يزيدون في الجلالة وعظمة الرتبة على أصحاب الإجماع وأمثالهم ومع ذلك تعرَّض الرجاليون لوثاقتهم .

وقال المحقّق التُستري (قدس سره) (3) : إنّ شيخ الإجازة ..

إمّا أن يجيز كتاب نفسه وفيه يشترط ثبوت وثاقته كغيره من الرواة مطلقاً، إلّا أن يكون جميع أحاديث كتبه مطابقاً لأحاديث كتاب معتبر، ولكن هذا غير متيسّر لنا في هذا العصر لاندراس المصنّفات والأصول بعد الشيخ .

وإمّا أن يُجيز كتاب غيره، فإنّ أجاز ــ ما تكون نسبته إلى مصنفه مقطوعة ــ كإجازة الكافي وسائر الكتب الأربعة وما يكون نظيرها ــ فلا احتياج في مثله إلى التوثيق لأنّ المراد مجرّد اتصال السند لا تحصيل العلم بنسبته إلى مصنَّفه. وإن أجاز ما لا تكون نسبته مقطوعة فيحتاج أيضاً جواز العمل بما أجازه إلى توثيقه كسائر الرواة.

أقول: ليس المراد من استغناء مشايخ الإجازة عن التوثيق هو أنّ شيخوخة الإجازة تقتضى وثاقة المجيز في نظر المجاز وإلّا لما استجاز منه، فإنّه قد تكون الاستجازة لمجرد اتصال السند مع الاطمئنان بصحة انتساب النسخة إلى مؤلفها من وجه آخر.

كما أنّه ليس المراد هو كون وثاقة مشايخ الإجازة بمثابة من الوضوح ولذلك لم يجد الرجاليون حاجة إلى التعرض لها، فإنّ هذا بَيِّن الفساد .

بل المراد ــ أو ينبغي أن يكون هو المراد ــ أنّ دور مشايخ الإجازة في نقل الأحاديث التي وقعوا في أسانيدها لمَّا كان دوراً شرفياً لا حقيقياً فلا يضرّ عدم ثبوت وثاقتهم بالاعتماد على الحديث المروي عن طريقهم.

ومورد هذا الكلام هو خصوص شيخ الإجازة الذي يظهره من فهارس الأصحاب أنّه لم يكن صاحب كتاب ليحتمل كون الحديث مقتبساً من كتابه .

ولا بدّ أيضاً أن يكون وسيطاً في إجازة كتاب مشهور متداول النسخ في عصره أو في إجازة كتاب أبيه أو جده أو بعض من يكون مقرّباً منه من المشايخ، بحيث تشهد القرائن على أنّه كانت عنده نسخ الكتب التي أجازها بخطوط مؤلفيها أو ما يقاربها في الاعتبار، ليحرز أنَّ دوره في نقلها كان دوراً شرفياً محضاً رعايةً لاتصال السند .

ولا يبعد أنّه كان من هذا القبيل ما رواه أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وأحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيهما وما رواه أحمد بن عبد الله عن جدّه احمد بن أبي عبد الله البرقي، كما أنّ منه ما رواه الحسين بن الحسن بن أبان لابن الوليد من كتب الحسين بن سعيد، حيث كانت معه تلك الكتب بخط الحسن بن سعيد كما حكاه الشيخ (3) عن ابن الوليد نفسه .

وأمَّا إذا كان أصل نسبة الكتاب الذي أجازه إلى مؤلفه قطعياً ولكن لم يُحرز أنَّ النسخة التي أجازها كانت كذلك فلا يمكن البناء على اعتبارها من دون ثبوت وثاقته.

___________

الهوامش

(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج:10 ص:354، ج:12، 13، 14 (مخطوطة).

(2) معجم رجال الحديث ج:1 ص:70.

(3) قاموس الرجال ج:1 ص:74.