كان ولا يزال لمراجع الدين الإمامية رحم الله تعالى الماضين منهم وحفظ الباقين مواقف دينية وإنسانية مشرفة في مناصرة ومؤازرة الشعب الفلسطيني في قضيته بل قضية المسلمين بأجمعهم ضد الكيان الصهيوني المحتل ، وكثير من هذه المواقف المشرّفة موثّق في مراكز التحقيق والدراسات المعنيّة بهذا الشأن .
وفي هذه التدوينة نستعرض شيئا من إرشيف بيانات ومواقف المرجع الأعلى آية الله السيد علي الحسيني السيستاني مُدَّ ظله التي جاءت في هذا السياق .
أولاً : عدم الترخيص في التعامل بالمنتوجات الاسرائيلية والشركات الداعمة لها
سبق وأن أفتى سماحة السيد السيستاني (حفظه الله) بعدم الترخيص في التعامل بالمنتوجات الإسرائيلية وكذلك منتوجات الشركات الداعمة لهذا الكيان الغاصب ، وهذا نص الاستفتاء المنشور على الموقع الرسمي :
السؤال: هل يجوز البيع والشراء من محلات تخصّص بعضاً من أرباحها لدعم إسرائيل ؟
الجواب: لاترخيص في التعامل بالمنتوجات الاسرائيلية ومنتوجات الشركات التي يثبت بصورة مؤكدة انها تدعم اسرائيل دعماً مؤثراً.
ثانياً : دعوة الشعوب الحرة الى دعم الشعب الفلسطيني في انتفاضته 2021م
بعد انتفاضة الشعب الفلسطيني أثر محاولة الكيان المحتل فرض هيمنته على تمام المسجد الأقصى أصدر مكتب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (حفظه الله) بياناً هذا نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
تؤكد المرجعية الدينية - مرة أخرى - مساندتها القاطعة للشعب الفلسطيني الأبيّ في مقاومته الباسلة للمحتلين، الذين يسعون الى قضم المزيد من اراضيه وتهجيره من اجزاء أخرى من القدس الشريف، وتدعو الشعوب الحرة الى دعمه ونصرته في استرجاع حقوقه المسلوبة.
ان المواجهات العنيفة التي تشهدها ساحات المسجد الأقصى وسائر الاراضي المحتلة هذه الايام تظهر بلا شك مدى صلابة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الغاشم واعتداءاته المستمرة وعدم تخلّيهم عن أراضيهم المغتصبة مهما غلت التضحيات.
نسأل الله تعالى أن يعينهم ويمدّهم بنصر منه وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم.
٢٩/ شهر رمضان /١٤٤٢ هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظلّه) - النجف الأشرف
ثالثاً: الاعتراض على قرار الولايات المتحدة بجعل القدس عاصمةً للكيان الغاصب
في عام 1439هـ قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب ، وتعليقا على ذلك صدر عن مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني حفظه الله ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقاً على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي صرح مصدر مسؤول في مكتب السيد السيستاني في النجف الاشرف بما يلي:
ان هذا القرار مدان ومستنكر، وقد اساء الى مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين، ولكنه لن يغير من حقيقة ان القدس ارض محتلة يجب ان تعود الى سيادة اصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن ، ولا بد ان تتضافر جهود الامة وتتحد كلمتها في هذا السبيل والله ولي التوفيق.
18 ربيع الأوّل 1439هـ
رابعاً: التضامن مع غزة في حصارها ودعوة العرب والمسلمين لاتخاذ مواقف عملية
في شهر كانون الأول من سنة 2008 تعرضت مدينة غزة الفلسطينة الى عدوان أثيم من قبل الكيان الغاصب فأصدر مكتب المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (حفظه الله) بيانا في ذلك جاء فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
يتعرض الشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة منذ ظهر امس إلى هجمة ( اسرائيلية ) شرسة واعتداءات متواصلة أسفرت لحد الان عن سقوط مئات الضحايا بين شهيد وجريح .
ويأتي هذا العدوان الهمجي بعد حصار خانق أطبق على هذا الشعب المظلوم منذ عدة أشهر ، وقد أدى إلى خلق ظروف انسانية صعبة نتيجة لقلة الطعام والدواء والوقود وسائر ما يمس الحياة اليومية للمواطنين.
ان تعابير الادانة والاستنكار لما يجري على اخواننا الفلسطينيين في غزة والتضامن معهم بالالفاظ والكلمات لا تعني شيئا امام حجم الماساة المروعة التي يتعرضون لها .
ان الامتين العربية والاسلامية مطالبتان ازيد من اي وقت مضى باتخاذ مواقف عملية في سبيل وقف هذا العدوان المتواصل وكسر الحصار الظالم المفروض على هذا الشعب الابي .
نسال الله العلي القدير ان ياخذ بايدي الجميع الى ما فيه الخير والصلاح ، انه سميع مجيب .
مكتب السيد السيستاني دام ظله
النجف الاشرف
1429/12/29
28/12/2008
خامسا: رعاية حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العراق
جاء في رسالة جوابية وجهها مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني (حفظه الله) الى الدكتور عاطف ابراهيم وزير شؤون اللاجئين في فلسطين ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور عاطف ابراهيم عدوان المحترم
وزير شؤون اللاجئين في السلطة الوطنية الفلسطينية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
تعقيباً على رسالتكم المؤرخة في 19/4/2006م الموجّهة إلى سماحة السيد السيستاني نحيطكم علماً بأنه سبق لسماحته _ دام ظله _ أن أكد مراراً وتكراراً على لزوم رعاية حقوق إخوتنا اللاجئين الفلسطينيين وعدم التعرض لهم بالأذى، وقد أجرى مكتب سماحته اتصالات بالجهات الرسمية ذات العلاقة لحثّهم على توفير الحماية لهم ومنع الاعتداء عليهم، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه ان شاء الله تعالى.
وتجدون مع هذه الرسالة ما هو موثّق من موقف سماحة السيد دام ظله في هذه القضية.
نسأل الله العلي القدير أن يمنّ على إخواننا الفلسطينيين بتحرير أراضيهم ليعود اللاجئون منهم إلى ديارهم معزّزين مكرّمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
23/3/1427هـ
22/4/2006م
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
سادساً: إدانة اغتيال الشيخ أحمد ياسين
في عام 1425هـ أقدمت قوات الكيان الغاصب على اغتيال المناضل الفلسطيني الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله) فأصدر مكتب سماحة السيد علي السيستاني (مُدّ ظله) بياناً جاء فيه ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله و إنا اليه راجعون )
في صباح هذا اليوم و في جريمة بشعة ارتكبها الكيان الصهيوني المحتل فقد الشعب الفلسطيني المظلوم احد رجاله الابطال العالم الشهيد الشيخ احمد ياسين تغمده الله بواسع رحمته الذي كرّس حياته لخدمة وطنه و دينه و اصبح مثالاً يحتذى به في الصبر و المقاومة
و اننا اذ نعزي اخوتنا و اخواتنا في فلسطين العزيزة و سائر المسلمين في هذا الخطب الفادح و المصاب الجلل نستنهض ابناء الامة العربية و الاسلامية لرصُ الصفوف و توحيد الكلمة و العمل الجادّ في سبيل تحرير الارض المغتصبة واستعادة الحقوق المسلوبة انطلاقاً من قوله عزوجل ( إنّ الله لا يغيٌر ما بقوم حتى يغيٌروا ما بأنفسهم ) و الله ولي التوفيق و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم
الثلاثين من محرم الحرام 1425
سابعاً: إدانة مجزرة مخيم جنين ودعوة المسلمين عامّة الى مؤازرة الفلسطينيين
في عام 1423 هـ وفي سلسلة من الاعتداءات التي ارتكبها الكيان الغاصب في فلسطين قام بمجزرة مروعة بقصف مخيّم جنين فأصدر المرجع الأعلى السيد علي السيستاني البيان التالي بخط يده المباركة :
بسم الله الرحمن الرحيم
(لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون . كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) صدق الله العلي العظيم.
يواجه إخوتنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه الأيام عدواناً صهيونياً متواصلاً قلّ نظيره في التأريخ الحديث. وتعجز الكلمات عن بيان أبعاده الوحشية، فقد عمّ الجميع ولم يسلم منه حتى الشيوخ والنساء والصبيان، وتنوعت أساليبه قتلاً وتعذيباً وترويعاً واعتقالاً وتشريداً وتجويعاً وهتكاً للحرمات واستباحة للمقدسات وتخريباً للمدن والمخيمات وتدميراً للبيوت والمساكن وبلغ حتى الممانعة من إسعاف الجرحى والمصابين ودفن أجساد الشهداء، ويجري كل ذلك بمرأى ومسمع العالم أجمع ولا مانع ولا رادع، بل إنه يحظى بدعم أمريكي واضح.
وإذا لم يكن من المترقب من أعداء الإسلام والمسلمين إلا أن يصطفوا مع المعتدين والغاصبين فإنه لا يترقب من المسلمين إلا أن يقفوا مع إخوانهم وأخواتهم في فلسطين العزيزة ويرصّوا صفوفهم ويجندوا طاقاتهم في الدفاع عنهم ووقف العدوان عليهم.
إن الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم يقتضي أن لا يهنأ المسلمون في مطعم أو مشرب إلى أن يكفوا عن إخوانهم وأخواتهم أيدي الظالمين المعتدين.
لقد رُوي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم)، ولذلك نهيب بالمسلمين كافة أن يهبّوا لنجدة الشعب الفلسطيني المسلم ويستجيبوا لصرخات الاستغاثة المتعالية منهم ويبذلوا قصارى جهدهم وإمكاناتهم في ردع المعتدين عليهم واسترداد حقوقهم المغتصبة وإنقاذ الأرض الإسلامية من أيدي الغزاة الغاصبين.
نسأل الله العلي القدير أن يأخذ بأيدي المسلمين إلى ما فيه الخير والصلاح ويمنّ عليهم بالنصر على أعدائهم (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).
26 محرم الحرام 1423 هـ
ثامناً: بيان حول العدوان الإسرائيليّ على غزّة في عام 2023م
تعرّضت غزّة في شهر تشرين الأوّل من عام 2023 إلى عدوان إسرائيليّ وحشي همجيّ وقد بادرت المرجعيّة العليا في النجف الأشرف إلى إصدار بيان إدانة متضمّنا رؤية استشرافية حول الأوضاع، وهذا نصّ البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
يتعرّض قطاع غزّة في هذه الأيام لقصف متواصل وهجمات مكثّفة قلّ نظيرها، وقد أسفر - حتى هذا الوقت - عن سقوط أكثر من ستة آلاف من المدنيين الأبرياء بين شهيد وجريح، وتسبب في تهجير أعداد كبيرة منهم عن منازلهم، وتدمير مناطق سكنية واسعة، ويستهدف القصف مختلف المناطق حتى لم يعد هناك مكان آمن يأوي اليه الناس.
وفي الوقت نفسه يفرض جيش الاحتلال حصاراً خانقاً على القطاع شمل في الآونة الأخيرة حتى الماء والغذاء والدواء وغيرها من ضروريات الحياة، ملحقاً بذلك أكبر الأذى بالأهالي الذين لا حول لهم ولا قوة، وكأنّه يريد بذلك الانتقام منهم وتعويض خسارته المدويّة وفشله الكبير في المواجهات الأخيرة.
ويجري هذا بمرأى ومسمع العالم كله ولا رادع ولا مانع، بل هناك من يساند هذه الأعمال الإجرامية ويبرّرها بذريعة الدفاع عن النفس!
إن العالم كله مدعوّ للوقوف في وجه هذا التوحش الفظيع ومنع تمادي قوات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها لإلحاق مزيد من الأذى بالشعب الفلسطيني المظلوم.
إنّ إنهاء مأساة هذا الشعب الكريم - المستمرة منذ سبعة عقود - بنيله لحقوقه المشروعة وإزالة الاحتلال عن أراضيه المغتصبة هو السبيل الوحيد لإحلال الأمن والسلام في هذه المنطقة، ومن دون ذلك فستستمر مقاومة المعتدين وتبقى دوّامة العنف تحصد مزيداً من الأرواح البريئة. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
(٢٥ - ربيع الأول- ١٤٤٥هـ) الموافق(2023/10/11 م)
مكتب السيد السيستاني (دام ظله) - النجف الأشرف
ملاحظة : جميع البيانات والاستفتاءات الواردة أعلاه مصدرها الموقع الرسمي لمكتب آية الله السيد علي السيستاني (مُدَّ ظله) .