وثيقة | السيد محسن الحكيم (قدّس سرّه) يبدي امتعاضه من كثرة المؤتمرات الاسلاميّة غير النافعة
يقترب عمر هذه الوثيقة من نصف قرنٍ، وهي رسالة جوابية بخط المرجع الأعلى للشيعة في زمانه آية الله السيّد محسن الحكيم (قدّس سرّه) (1306 - 1390 هـ) بعثها سنة (1384هـ) إلى سفير الجمهوريّة العربيّة المتّحدة (مصر وسوريا) في بغداد أمين حامد هويدي (1921 - 2009م) بعد أن بعث إليه الأخير رسالة يدعوه فيها إلى المشاركة في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلاميّة في الأزهر الشريف في مصر .
ويُبدي السيّد محسن الحكيم (قدّس سرّه) في هذه الرسالة امتعاضه من موقف الجامع الأزهر من الشيوعيّة وامتعاضه أيضاً من كثرة المؤتمرات الاسلامية غير المُجدية والتي لا تلامس جراح المسلمين والبعيدة كل البعد عن واقعهم المرير ومعاناتهم .
نسخة مصورة من رسالة السيّد محسن الحكيم لأمين حامد هويدي
وهذه النسخة مؤرشفة في مكتبة الحكيم العامة في النجف الأشرف.
نص الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
ولَدنا المكرَّم أمين حامد هويدي سفير الجمهورية العربية المتحدة دام موفَّقاً .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد.. فقد تسلَّمنا كتابكم الذي يتضمن دعوتنا إلى حضور المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الاسلاميّة بالأزهر الشريف فشَكَرنا لكم ذلك ودعونا لكم بالتوفيق، غير أنّا - مع الأسف الشديد - لا نستطيع أن نتفاءل تجاه هذا المؤتمر بعد أن جرَّبنا المؤتمرات الاسلاميّة التي انعقدت في مختلف البلاد الإسلاميّة من ذي قبل ومنها المؤتمر الأوّل لمجمع البحوث الاسلاميّة بالأزهر الشريف فلم نلمس أيّ نتيجة حسنة تعود على الإسلام والمسلمين بخيرٍ ما . بل قد يكون من السكوت عن الحق - والساكت عن الحق شيطانٌ أخرس - إن لم نقل بصراحة أنَّ النتيجة كانت على العكس ممّا كان ينتظره الإسلام والمسلمون من نتائج هذه المؤتمرات الاسلاميّة المزعومة ، فالمسلمون ما يزالون في تأخّرٍ بعيدٍ عن موكب الشريعة الاسلاميّة بما تحتويه من أحكام ونُظم وأخلاقٍ ومفاهيم أصيلة، وبالأمس القريب جداً فقد أتحف الأزهر الشريف جميع المسلمين واكتشف لهم حقيقة علميّة اسلاميّة كانت منذ فجر الإسلام خافية على صاحب الرسالة الاسلاميّة الأعظم - صلى الله عليه وآله وسلّم - وعلى الأئمّة الطاهرين من أهل بيته (صلوات الله عليه وعليهم) وعلى جميع فقهاء الإسلام من الأوَّلين والآخرين ألا وهي الاشتراكيّة فإنّها بزعم الأزهر الشريف لا تنافي الإسلام أو هي من صميم الإسلام .
وإذا قلنا بحقٍّ أنّ باب الاجتهاد مايزال مفتوحاً فليس معنى ذلك فتح باب تحريف الإسلام وتبديل أحكام الشريعة الإسلاميّة على ما تقتضيه الميول والأهواء، وإنّما معناه: إنَّ العصور الإسلاميّة كلّها ما تزال سخيّة بالرجال الذين لهم استعداد وتأهل لاستنباط الأحكام الشرعيّة من مصادرها الصحيحة كالكتاب الكريم والسنّة المطهّرة بعد التفرّغ لطلب مقدمات الاستنباط ،وليس الاجتهاد وقفاً على رجال معدودين في سنين معدودة فيجب على جميع المسلمين تقليدهم تقليداً أعمى. والله سبحانه المسؤول أن يهدي رجالات الإسلام ومفكريهم إلى الصراط المستقيم ويوفقهم إلى القيام بأمور المسلمين وتوجيههم إلى كلّ ما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم إنه قريبٌ مجيب.
وبالأخير فإنّا نعتذر إليكم عن الاشتراك في هذا المؤتمر الموفّق إن شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
امضاء السيد محسن الحكيم قدّس سره والتاريخ .