قاعدة لا تعاد الصلاة إلا من خمس | آية الله الشيخ محمد باقر الأيرواني
ونمنهج حديثنا حول قاعدة لا تعاد ضمن النقاط التالية :
1 - مضمون القاعدة، 2 - مدرك القاعدة، 3 - عدم شمول القاعدة للعامد، 4 - هل تختص بالناسي ؟ 5 - هل تعمّ الجاهل بكلا قسميه؟ 6 - معذورية العامد في بعض الحالات . 7 - هل تختص القاعدة بحالة الفراغ ؟ 8 - عموم القاعدة لحالة الزيادة . 9 - نكتة عدم الإشارة إلى بعض الأركان . 10 - ما المراد بالطهور ؟ 11 - هل تعمّ القاعدة الموانع ؟
1 - مضمون قاعدة لا تعاد الصلاة إلا من خمس
والمقصود من قاعدة لا تعاد : أنَّ من ترك بعض أجزاء الصلاة وشرائطها فصلاته لا تبطل ، إلّا إذا كان الجزء أو الشرط من قبيل الركوع والسجود والطهارة من الحدث والقبلة والوقت .
إنَّ الاخلال إذا كان بواحد من هذه الخمسة فالصلاة تبطل ، حتى ولو كان الاخلال عن سهو أو جهل ، أمَّا إذا كان بغيرها فلا تبطل.
وإن شئتَ قلتَ : إنَّ الاخلال إذا كان بأحد الأركان فالصلاة تبطل وإلّا فلا .
وإذا قلت : إنَّ التكبير والقيام هما من الأركان أيضا فلماذا لم يُذكرا ؟ كما أنّ الطهارة والقبلة والوقت ليسا من الأركان فلماذا ذكِرَتْ؟
قلتُ : إنَّ الجواب يأتي فيما بعد ان شاء اللّه تعالى .
2 - مَدرَك قاعدة لا تعاد
والمَدرَك للقاعدة المذكورة هو صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) والتي رواها الصدوق في خصاله تارة ، وفي الفقيه أخرى ، كما رواها الشيخ الطوسي في تهذيبه .
ففي الخصال رواها الصدوق عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) « قال : لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود . ثم قال (عليه السّلام) : القراءة سنة ، والتشهد سنة ، والتكبير سنة ، ولا تنقض السنّة الفريضة »(1).
وفي الفقيه قال : « وروى زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنَّه قال : لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، ثم قال : القراءة سنّة ، والتشهد سنّة ، ولا تنقض السنّة الفريضة »(2).
وفي التهذيب: « روى زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنّه قال : لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود . ثم قال : القراءة سنّة ، والتشهد سنّة ، فلا تنقض السنّة الفريضة »(3).
والرواية صحيحة السند ، فإنها بطريق الشيخ وان كانت قابلة للتأمل(4) إلّا أنّها بكلا طريقي الصدوق هي معتبرة(5). ويكفينا لاعتبار الرواية صحّة أحد طرقها .
توضيحٌ اجمالي:
ورد في الرواية التعبير ب «السنّة» و «الفريضة». ويراد من مصطلح السنّة عادة ما سنّه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وشرّعه ، ومن مصطلح الفريضة ما شرّعه اللّه سبحانه وفرضه .
وعلى هذا فالمعنى أنّ الركوع وبقيّة الخمسة واجبات فرضها اللّه سبحانه في حين أنّ بقيّة الأجزاء سنّها وشرّعها النبي (صلّى اللّه عليه وآله) . وأيّ خلل يقع فيما فرضه اللّه سبحانه تبطل به الصلاة ، بينما الخلل الواقع فيما سنّه النبي (صلّى اللّه عليه وآله) لا تبطل به الصلاة ولا يؤثّر على صحّة ما فرضه اللّه سبحانه .
وهناك باب خاص قد عقده الشيخ الكليني في الكافي(6) تحت عنوان « باب التفويض إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وإلى الأئمة عليهم السّلام في أمر الدين الدين » يدلّ على ثبوت السلطة التشريعية للرسول صلّى اللّه عليه وآله .
3 - عدم شمول الحديث للعامد
ينبغي أن يكون من الواضحات عدم شمول الحديث للمتعمد ترك الجزء أو الشرط ، فإنَّ عدم وجوب الإعادة خلف فرض الجزئيّة والشرطيّة ، إذ كيف تجتمع جزئيّة الشيء وشرطيّته مع عدم بطلان العمل بتركه عمداً .
هذا مضافاً إلى انصراف التعبير ب « لا تعاد » إلى من اعتقد اتيانه الصلاة بكامل متطلباتها ثمّ التفت بعد ذلك إلى وقوع الخلل فيها. ومن الغريب ما نقله الميرزا في تقريرات صلاة تلميذه الكاظمي(7) من ذهاب بعض إلى شمول الحديث في نفسه لكلّ مكلّف ، غايته ان العامد خرج بالإجماع حيث قام على بطلان صلاته(8) .
4 - هل تختص قاعدة لا تعاد بالناسي؟
لا اشكال في أن القدر المتيقن من الحديث هو الناسي ، وانما الكلام وقع في شمولاه للجاهل.
اختار جمع ؛ منهم الميرزا (قدّس سرّه) الاختصاص بالناسي وقرّب ذلك على ما في تقريرات الصلاة لتلميذه الكاظمي(9) بأنّ الجاهل حيث لم يأت بالواجب الثابت عليه واقعا فلا يخاطب بخطاب أعد أو لا تعد ، بل بخطاب ائت بالسورة أو بالتشهد أو . . . وهذا بخلاف الناسي فإنّه حيث لا يكون مكلّفا حالة النسيان بما نساه لعدم امكان تكليف الناسي - من جهة عدم قدرته على فعل المنسي حالة نسيانه ، وهذا بخلاف الجاهل فإنّ جهله لا يسلب قدرته على فعل الجزء - فمن المناسب توجيه الأمر بالإعادة له ، فيقال له : أعد أو لا تعد(10).
وفيه : إنَه بناء على هذه التدقيقات يلزم عدم شمول الحديث للناسي أيضا ، لأنّه ما دام لم يكلف بالسورة التي نساها فلا معنى لأن يقال له : أعد ، فإنّ الأمر بالإعادة فرع وجود أمر سابق .
والصحيح شمول الحديث للجاهل ، لأنّه نسب الإعادة إلى الصلاة فقال لا تعاد الصلاة ، ومن الواضح أنَّ الصلاة حيث أُتي بها أوَّلاً بلا سورة مثلاً ، فمن الوجيه حينئذ التعبير بالإعادة نظراً إلى الاتيان بها سابقاً .
5 - هل تَعُمّ قاعدة لا تعاد الجاهل بكلا قسميه ؟
بعد التسليم بشمول الحديث للجاهل نسأل هل هو خاص بالجاهل القاصر أو يعمّ المقصّر أيضا ؟
ذكر السيد الخوئي في المستند(11) انّه خاص بالقاصر لأن ظاهره التعرّض لحكم من هو معذور وليس مكلفا بشيء لولا اتضاح الحال له وأنّه لم يأت ببعض الأجزاء ، ومن الواضح أنَّ الجاهل المقصّر تجب عليه الإعادة بحكم العقل سواء انكشف له الخلاف أم لا ، لتنجز التكليف الواقعي عليه وعدم كونه معذوراً بعد فرض تقصيره .
وفيه: إنَّه لا فرق بين المقصِّر والقاصر ، فإنّه بعد انكشاف الخلاف وأنَّه لم يؤتَ ببعض الأجزاء فمن اللازم عليهما معاً الإعادة ، وقبل انكشاف الخلاف لا يجب عليهما الإعادة فيما إذا كانا قاطعَين بالتمامية .
أجل الفرق بينهما يظهر في الجاهل البسيط بمعنى المتردد ، فإنَّ المقصّر يلزمه التعلُّم بخلاف القاصر فإنّه لا يلزمه ، وإلّا لم يكن قاصراً ، إلّا أنَّ هذا مطلب آخر لا ربط له بما نحن فيه .
وقد يقال بعدم الشمول للجاهل المقصّر بتقريب أنَّ الحديث لو شمله كما شمل القاصر يلزم اختصاص الأحكام بخصوص العالمين بها وهو خلف فرض ضرورة الاشتراك .
وفيه: إنّ عدم الاشتراك لا محذور فيه بعد دلالة الدليل عليه - وهو إطلاق حديث لا تعاد - كما لم يكن فيه محذور في مثل مسألة الجهر والاخفات والقصر والتمام .
على أنّ عدم وجوب الإعادة لعلّه من باب الاكتفاء بالناقص عن التام في مقام الامتثال ، وليس من باب اختصاص الحكم ابتداءً بالعالم.
وعليه فدعوى الشمول للجاهل المقصّر أمر وجيه لولا شبهة الاجماع على عدم معذوريّة الجاهل المقصّر من هذه الناحية .
ويؤيد الاجماع حكمهم بتخصيص معذورية الجاهل بخصوص مسألة الجهر والاخفات والقصر والتمام ، فإنّ ذلك يدلّ على عدم معذوريته في غير ذلك .
6 - معذورية العامد في بعض الحالات
ذكرنا أنّ الحديث لا يشمل العامد . ونستدرك الآن لنقول : إنّ الحديث يشمل العامد فيما إذا كان إخلاله العمدي عن عذر ، كما لو اقتدى بشخص باعتقاد انّه عادل وترك قراءة الحمد والسورة ، ثم اتضح انّه فاسق ؛ إنَّ ترك القراءة في هذه الحالة عمدي ، إلّا أنّه عن عذر حيث تخيّل عدالة الامام وتحمله القراءة .
وهكذا لو كان المكلّف يصلّي منفرداً فأتى في الركعة الثانية بالتسبيحات بتخيّل أنّها الركعة الثالثة . أو اقتدى بشخص بتخيّل أنّه يصلّي فريضة فاتضح أنّه يصلّي نافلة ، فإنَّ الصلاة محكومة في الحالات المذكورة بالصحّة ، إذ الخلل إمّا من ناحية نيّة الاقتداء بمن لا يصح الاقتداء به ، أو من ناحية ترك القراءة عن عمد واختيار ، وكلاهما لا يضرّ لقاعدة لا تعاد .
ثم إنّ الوجه في شمول الحديث لحالة الترك العمدي عن عذر هو أنَّ ما تقدّم من الوجهين السابقين لعدم الشمول لحالة العمد لا يعمّ الحالة المذكورة ، فالمنافاة مع جزئية الجزء أو شرطية الشرط لا تلزم ، كما أن الانصراف المدعى لا يتمّ هنا .
7 - هل تختص قاعدة لا تعاد بحالة الفراغ
تارة يصلّي المكلف وبعد الفراغ منها يتضح له الخلل فيها بترك جزء أو شرط ، كما إذا انكشف له عدم ستر عورته ، وأخرى يتضح له ذلك في أثناء العمل .
أمّا الحالة الأولى فهي القدر المتيقّن من الحديث .
وأمّا الحالة الثانية فقد يقال بعدم شمول الحديث لها ، لأنّ التعبير بالإعادة يدلّ على ضرورة الفراغ من العمل وإلّا فلا معنى للإعادة وعدمها . وهكذا التعبير بالصلاة يدلّ على إرادة تمام الصلاة .
وفيه: إنَّ لفظ الصلاة كما يصدق على المجموع يصدق على البعض أيضا ، فيقال مثلا : لا تتكلم في صلاتك ، أي أثناءها وقبل اكمالها . والتعبير بإعادة الصلاة كما يصحّ بلحاظ تمام الصلاة ، كذلك يصحّ بلحاظ بعضها .
وعليه فمقتضى اطلاق الحديث شموله للحالة الثانية أيضاً وعدم اختصاصه بالأولى .
8 - عموم قاعدة لا تعاد لحالة الزيادة
تارة يكون الاخلال في الصلاة بسبب ترك جزء أو شرط وأخرى يكون بسبب زيادة ذلك .
والقدر المتيقّن من الحديث هو الأوَّل . وقد وقع الاختلاف في شموله لحالة الزيادة فقيل بعدم الشمول ، لأنّ ثلاثة من الخمسة - وهي الوقت والقبلة والطهور - لا يُتصور فيها الزيادة .
والصحيح هو الشمول .
أمّا بناءً على ما هو المعروف من أنّ حذف المتعلق يدلّ على العموم فالأمر واضح ، إذ الحديث لم يقل : لا تعاد الصلاة من النقيصة إلّا في خمسة ، بل حذف المتعلق وقال : لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة .
وأمّا بناء على التشكيك في دلالة حذف المتعلّق على العموم فيمكن التمسك بعموم التعليل وأنّ السنة لا تنقض الفريضة ، إنّ هذا التعليل لا يتناسب وخصوص النقيصة بل يلتئم مع الزيادة أيضاً ، وواضح أنَّ عموم التعليل قرينة على عموم الحكم المعلّل وعدم اختصاصه بحالة النقيصة .
ومن الغريب ما ذكره بعض(12) من أنّ التعليل يدلّ على الاختصاص بالنقيصة إذ المقصود منه أنّ الأجزاء التي فرضها اللّه سبحانه متى ما تحققت فلا يضرّ فقد غيرها .
وفيه : إنّ تفسير التعليل بهذا الشكل الضيّق تفسير لا وجه له .
وأمّا ما استُدلّ به من أنّ ثلاثة من الخمسة لا يُتصور فيه الزيادة فيمكن دفعه بأنّ ذلك قرينة على عدم إرادة الزيادة في خصوص الثلاثة المذكورة ، ولا يصلح قرينة على عدم إرادتها في مطلق الخمسة .
9 - نكتة عدم الإشارة لبعض الأركان في قاعدة لا تعاد
نحن نعرف أنَّ الأركان لا تختصّ بالركوع والسجود ، بل النيّة والتكبير والقيام هي من جملة الأركان أيضا ، فلماذا لم يشر لها الحديث ؟
ونعرف أنّ الوقت والقبلة والطهارة من الحدث ليست من الأركان فلماذا لم يذكرها الفقهاء من جملة الأركان بالرغم من ذكر الحديث لها ؟
والجواب : أما بالنسبة إلى نكتة الاقتصار على الركوع والسجود فلعلّ ذلك من جهة أنّ العمل من دون نيّة لا يصدق عليه صلاة ، فالمكلّف إذا لم ينو الصلاة لا يصدق أنّه دخل في الصلاة حتى يُحكم عليه بإعادة الصلاة ، وإذا لم يكبّر لم يتحقق منه الدخول في الصلاة حتى يحكم عليه بالإعادة أو بعدمها .
وأمّا القيام فالمعروف أنّ الركن منه هو القيام المتصل بالركوع ، أي الذي يكون قبل الركوع بلحظة . ولعلّ عدم ذكره من باب ان تركه بشكل مستقل عن ترك الركوع لا يتحقق عادة ، بل إنّ ترك القيام السابق على الركوع بلحظة يلازم ترك الركوع ، وحيث إنّ الركوع قد أُشِيرَ إليه في الحديث فلا حاجة للإشارة إلى القيام .
وهناك قيام ثانٍ قيل بركنيته وهو القيام حالة تكبيرة الاحرام .
ولعلّ عدم ذكره هو من باب عدم تحقّق عنوان تكبيرة الإحرام بدونه ، فإنّ العنوان المذكور متقوّم بالقيام .
وأمّا أنّ الفقهاء لم يحكموا على الطهارة والقبلة والوقت بالركنية بالرغم من أنّها مذكورة في النص ، فلعلّ ذلك من جهة أنّ الركن لدى الفقهاء مصطلح يختص بالأجزاء التي تبطل الصلاة بتركها ولو عن سهو ، وواضح أن الطهارة والقبلة والوقت ليست أجزاء للصلاة ، وإنّما هي شرائط لها .
10 - ما المراد بالطهور ؟
هل المقصود بالطهور خصوص الطهارة الحدثيّة أو ما يعمّ الطهارة الخبثية ؟
قد يقال : بأنّ المراد هو الأعمّ أوْ لا أقلّ أنَّ الكلمة مجملة ومرددة بين إرادة الأعمّ أو خصوص الحدثيّة ؛ الأمر الذي لازمه عدم امكان الاستدلال بالحديث على الصحّة في موارد فوات الطهارة الخبثيّة ، والظاهر إرادة خصوص الطهارة الحدثية ، لأنّ حديث لا تعاد اشتمل على ذيل وهو « القراءة سنّة والتشهد سنّة ، ولا تنقض السنة الفريضة » فإنّ المراد بالفريضة ما ثبت بتشريع اللّه سبحانه ، وبالسنّة ما ثبت بتشريع الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) ، وواضح أنّ الذي ثبت بتشريع اللّه سبحانه هو اعتبار الطهارة الحدثية دون الخبثية ؛ قال تعالى : " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ . . ."(13) واما الطهارة الخبثية فقد دلّت على اعتبارها الروايات دون القرآن الكريم .
لا يقال : قد دلّ القرآن الكريم على اعتبار الطهارة من الخبث بقوله : " وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ" (14).
فانّه يقال : ليس المراد من الأمر - فطهّر - طلب الطهارة الشرعية بل الطهارة العرفية بمعنى النظافة في مقابل القذارة العرفية ، فإنّه كما قيل : النظافة من الايمان .
11 - هل تعم قاعدة لا تعاد الموانع ؟
إنَّ الصلاة مركّبة من أجزاء وشرائط وعدم موانع معيّنة كعدم القهقهة وعدم التكلّم . والحديث يشمل الأجزاء والشرائط قطعا وذلك هو القدر المتيقن منه . واما عدم الموانع فقد يشكك في ذلك(15) . فإذا ضحك المصلّى أو لبس ما لا يصح له لبسه ونحو ذلك ، فلا يمكن تصحيح صلاته بالقاعدة المذكورة .
والوجه في ذلك : إنّ العناوين المذكورة في المستثنى هي إمّا من قبيل الأجزاء كالركوع والسجود أو من قبيل الشرائط كبقية الخمسة ، وليس شيء منها من قبيل عدم المانع .
هذا مضافاً إلى أنّ الامام (عليه السّلام) في مقام التعليل قال: « إنّ القراءة سنّة والتشهد سنّة . . . » ولم يذكر ما هو من قبيل عدم المانع .
وفيه : إنّ القادح بصحة الصلاة إذا كان منحصرا بالخمسة المذكورة فهل يبقى توقع ذكر ما هو من قبيل عدم المانع .
وأمّا الاقتصار في مقام التعليل على التشهد والقراءة فذلك من باب المثال ، وإلّا فالترتيب والموالاة شرط ومع ذلك لم يشر لهما .
وفي الحقيقة إنّ الذي يقرأ الرواية يفهم من لهجتها الشمول ؛ خصوصا وأنّ التعليل فيها يدلّ على أنّ فرض اللّه لا يُحكم عليه بالبطلان بسبب غيره ، سواء كان من قبيل اختلال الشرط أو من قبيل وجود المانع .
المصدر: دروس تمهيدية في القواعد الفقهية، ج ١، الشيخ محمد باقر الإيرواني .
الهوامش
(1) الوسائل ، الباب 1 من أفعال الصلاة ح 14.
(2) الفقيه 1 : 255.
(3) التهذيب 2 : 152.
(4) لأنّ الطريق الذي ذكره الشيخ إلى زرارة في الفهرست : 75 يمرّ بابن أبي عمير عن بعض أصحابه حيث قال « أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن سعد بن عبد اللّه والحميري عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عنه » . هذا مضافا إلى أن زرارة لم يكن له إلّا كتاب واحد وهو كتاب الاستطاعة والجبر . والشيخ حينما يذكر طريقه في الفهرست إلى زرارة يذكر طريقه إلى هذا الكتاب . ومن البعيد أن الرواية المذكورة موجودة فيه . وعلى هذا فالرواية مرسلة .
(5) اما طريق الخصال فواضح لأن وثاقة نفس الصدوق ووالده أبين من الشمس . وأمّا سعد فهو كما قال النجاشي : « شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها » . وأمّا أحمد بن محمد بن عيسى فهو كما قال الشيخ الطوسي : « شيخ قم ووجيها وفقيهها غير مدافع».« وأمّا الحسين بن سعيد فهو كما قال الشيخ « صاحب المصنفات الأهوازي ثقة » . « وأمّا حماد فهو غريق الجحفة والذي قال عنه النجاشي « كان ثقة في حديثه صدوقا » . وأمّا حريز فهو ثقة كوفي على حد تعبير الشيخ . وأمّا زرارة فهو شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم على حدّ تعبير النجاشي .هذا بالنسبة إلى طريق الخصال .
وأمّا طريق الفقيه فقد ذكر الصدوق في المشيخة المذكورة آخر الجزء الرابع من الفقيه هكذا : أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل بن عيسى كلّهم عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن زرارة بن أعين . وجميع السلسلة المذكورة هم من الثقات .
(6) الكافي 1 : 265 .
(7) التقريرات 2 : 193 .
(8) وفي القواعد الفقهية للسيد البجنوردي 1 : 62 نسبة دعوى امكان شمول الحديث للعامد إلى الشيخ محمد تقي الشيرازي قدّس سرّه .
(9) التقريرات 2 : 194 .
(10) وقد نقل السيد الخوئي التقريب المذكور عن الميرزا فراجع التنقيح 1 : 50 ، وفقه الشيعة 1 : 225 ، والمستند 6 : 17 .
(11) المستند 6 : 18 .
(12) وهو الشيخ ناصر مكارم في قواعده الفقهية 1 : 527 .
(13) المائدة : 6 .
(14) المدثر : 4 .
(15) من جملة من شكك في ذلك الشيخ ناصر مكارم في قواعده الفقهية 1 : 523 .