القائمة الرئيسية

الصفحات

فلسفة كارل بوبر في معيار النقد - اشكالية الاستقراء / السيد عمار أبو رغيف (حفظه الله)

فلسفة كارل بوبر في معيار النقد - اشكالية الاستقراء / السيد عمار أبو رغيف (حفظه الله)
السيد عمار ابو رغيف حفظه الله
موضوع الندوة : فلسفة كارل بوبر في معيار النقد - اشكالية الاستقراء
المحاضر : السيد عمار أبو رغيف
المكان : المكتبة الادبية المختصة - النجف الأشرف
الزمان : 19 / 1 / 2010م

الملخص :
شرع المحاضر أولا بتقديم نبذة موجزة عن كارل بوبر وأهم انجازاته ومواقفه مع لمحة عن منهجه في المعرفة ، ومن أهم سمات ذلك المنهج هو موقف بوبر السلبي من الاستقراء حيث يرى ان التجربة مهما تكررت لن تنتج قانونا البتة وبهذا أنعش بوبر المنهج الاستنباطي في المعارف الانسانية ولكن ليس الاستنباط القائم على الفروض المحضة بل الاستنباط الذي يتكأ على التجربة فبوبر لم يغادر المنهج التجريبي بالكلية ،وهكذا يرى بوبر ان اساس العلم هو الفروض الجسورة ولا مكان لليقين فيها .
وكيف كان فان الاستقراء هو منطق الكشف العلمي واساسه الذي عليه يشاد هذا ما يؤمن به فلاسفة المدرسة التجربية مع ان الاستقراء يواجه مأزق معرفي لا يواجهه الاستنباط والقياس المنطقي وذلك ان النتيجة في الاستنباط لا تأتي اكبر من المقدمات بل هي اما مساوية او اصغر من مقدماتها أما الاستقراء فالنتيجة فيه اكبر من المقدمات ومن ثم فان صدق المقدمات في الاستقراء لا يلزم منه بالضرورة صدق النتيجة خلافا للاستباط والقياس .
ولما أنكرت بعض المدارس الحديثة وجود اي دور قبلي للعقل في المعرفة واضحى الاستقراء المنج الوحيد والذي عليه المعوّل برزت تلك الاشكالية التي تواجه نتيجة الاستقراء بشكل أكثر الحاحا من ذي قبل ،وذلك لن المدرسة العقلية بنت حجية الاستقراء على قاعدة ان الصدفة لا تكون دائمية ،لكن التجربيون لمّا تنكروا للقبليات العقلية لم يكن بوسعهم الالتزام بمثل هذه الحجة ،فتحتم عليهم ان يجدوا جوابا آخر ينسجم مع مبانيهم يصحح لهم العبور من الخاص الى العام في الاستقراء ،وهنا جاء بوبر ليقول في مقام الجواب انه لا جواب لهذه الاشكالية اطلاقا !!! والنتيجة عدم حجية الاستقراء في الكشف والمعرفة .
وفي هذا السياق حاول المحاضر ان يتتبع - بموسوعية ممتازة - المسيرة التاريخية لهذه الاشكالية واهم الاجوبة المطروحة بأزاءها فضلا عن أهم ما توجه لتلك الاجوبة من نقد ومعارضة ،وذلك بدءا من ارسطو وحتى عصر كارل بوبر ،ثم عاد ليتوقف على رؤية بوبر عن الاستقراء ونقوده للاجوبة المقدمة من قبل الفلاسفة الآخرين من قبيل نظرية الاحتمال او غيرها ،وذلك ان بوبر يرى ان القول بحجية الاستقراء يؤول في واقعه إما الى التسلسل او الى مخالفة وذلك لان المصحح للانتقال من الخاص الى العام إما ان يكون استقرائيا ايضا او ان يكون عقليا قبيلا وعلى الأول يلزم التسلسل او الدور على الاصح بينما يلزم من الثاني الخروج عن قاعدة التجربة والايمان بقاعدة عقلية وهو ما لا يرتضيه بوبر . هذه هي اشكالية المذهب التجريبي الخالص . فحتى نظرية الاحتمال التي وظفها الشهيد الصدر لا تفع في الجواب على مباني المدرسية التجربية المسرفة التي ترفض التعامل مع اي معطى غير تجربي مهما كان نوعه اذ بامكان هؤلاء المناقشة في ذلك بان قيمة الاحتمال ان كانت مبدءاً عقليا مسبقا فهي خروج عن التجربية وان كانت هي الاخرى تعتمد على الملاحظة فدونه خرط القتاد كما هو واضح .
وهكذا ينتهي بوبر الى ان الدور الوحيد للتجربة هو انها قادرة على تكذيب الفرضيات بينما ليس في وسعها اثباتها فهي ضابطة للتكذيب فقط ،فإذا وقعت التجربة مخالفة للفرض فلا كلام في انها تنقضه اما اذا وقعت موافقة له فليس فيها صلاحية اثباته وذلك من جهة اشكالية الانتقال من الخاص الى العام السابقة بل من جهة ان الاستقراء لا يقوى على توليد حتى الاحتمال !! .
بعد ذلك تطرق المحاضر - السيد عمار ابو رغيف - الى بيان ملاحظاته على منهج بوبر وخلاصتها:
1- ان وظيفة المنطق هي تحديد اسس وقواعد التفكير السليم الصائب فهو يمحص الطرق المتنوعة التي يسلكها الانسان في كشف الاشياء ببيان الخاطىء منها من السليم ولا يعنى المنطق بمناشىء هذه السبل وارتباطاتها النفسية ومن ثم ان البحث عن المعارف البشرية هل تبدأ من تصديقات العلماء وحدوسهم ام انها تبدأ من التجارب ، هذا أمر لا يتكفل به علم المنطق انما هو من شؤون علم النفس وعلوم اخرى . وعليه فان تحديد قيمة منهج ما في المعرفة لا يُقبل او يرفض بناء على معطيات نفس تلك العلوم . كما فعل بوبر او لا أقل بعض قراءه .
2- بوبر يسلم بان الانسان مزود باحكام غريزية فطرية ويقرر ان الذهن البشري يبدأ من فروض وحدوس لا تستند الى وقائع تجريبية لكنه مع ذلك لم يتنازل عن القاعدة الاساس في المذهب التجريبي من ان التجربة اساس كل المعرفة الانسانية وهذا التناقض هو الذي أبعد امكانية تفسير سلوك الآدميين في حياتهم العملية . وإلا فان بوبر يتفق مع العقليين في ان السالبة الجزئية تناقض القاعددة الكلية من هنا قبل التجربة لاختبار الفرضيات لكن السؤال: ما هو المسوغ الذي يتيح لنا الوثوق بالتجربة لبطل الفرض الكلي ،هل هو اعتقاد ويقين فنرتد الى النزعة النفسية ام ما ذا .بوبر لم يقدم اي دليل منطقي هنا يفسر لنا اساس الوثوق بالتجربة بل هذه واحدة من مصادراته .
هذا ملخص شديد الايجاز لما بينه السيد حفظه الله وبعد ذلك استمع لأسئلة الحاضرين وادلى بأجوبة هي الاخرى مهمة جدا نتركها مع التفاصيل الى استماعكم للمحاضرة ، اذ يمكنكم مشاهدتها في هذا الفيديو .