أيهما أصح رضا أم رضى ؟

 من الكلمات التي يقع الكتّاب بالحيرة والخطأ في كتابتها من الناحية الإملائيّة كلمة ( الرضا ) ، فهل تكتب بالألف الطويلة فنكتب ( رضا ) ، أم أنّها تكتب بالألف المقصورة أي ( رضى ) ؟

ولكن قبل ذلك ينبغي أن نسأل: هل فعلاً يجب أن يكون إحدى الصورتين خاطئة؟

الجواب: كلّا فقد وقع الخلاف بين المدارس في كيفيّة كتابة هذه المفردة وتفصيل ذلك كما يلي:

رضا و رضى كلاهما صحيح

لقد وقع الخلاف بين المدرسة الكوفيّة وبين مشهور النحاة ولاسيّما المدرسة البصريّة حول هيأة كلمة (رضا) ، فذهب الكوفيون إلى جواز كتابتها بكلّ من الألف المقصورة والطويلة ، أي يجوز فيها الوجهان.

بينما ذهب البصريّون إلى أنّ الصحيح فيها التفريق بين الفعل والمصدر ، فالفعل منها يكتب بالمقصورة والاسم يكتب بالطويلة وها نحنُ نضع بين يديك تفصيلاً لذلك بشكل مبسّط..

رأيّ مدرسة الكوفيين

يرى الكوفيون أنّها تكتب بكلا الوجهين ؛ وذلك لأنّ أوّل هذه الكلمة يجوز فيه الضمّ والكسر فيجوز فيها الوجهان أي يجوز كتابتها بالألف الطويلة وكذلك بالألف القصيرة فيصحّ أن تكتب (رضا) كما يصحّ أن تكتب (رضى)، ولهذا نظائر في اللغة العربيّة منها ( صِبا و صِبى ) و ( ضُحى و ضُحا ) و ( سُها و سهى ) فكلّها يجوز ممّا فيه الوجهان.

رأي مدرسة البصريين

يرى البصريّون أنّها يجب أن تكتب بالألف الطويلة إذا كانت اسماً فتكتب ( رضا ) و ( الرضا ) وليس ( رضى ) ولا ( الرضى ) ؛ وذلك لأنّ أصل هذه الألف في التصريف (واو) أي أنّ الأصل فيها (رضوٌ) وذلك بدليل قولك في مصدرها (رِضْوان) وقالوا في تثنيتها (رِضَوان) وإذا كانت الألف أصلها في التصريف (واو) تكتب ألف طويلة، وأمّا إذا كان أصلها في التصريف (ياء) فتكتب ألف مقصورة.

نعم الفعل المضارع من الكلمة يُكتب بالألف المقصورة أي ( يرضى ) بدليل أنّه في الماضي ياء (رضي).

سب الخلاف في كتابة ( الرضا ) و ( الرضى )

يعود سبب الخلاف في رسم هذه المفردة إلى أنّ العرب مرّة تجعل أصلها واواً وأخرى تجعله ياءً فمرّة تقول في تثنيتها ( رِضيان ) وأخرى تقول ( رِضَوان ) ، قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب:

(( وإذا وَرَدَ عليكَ حَرْفٌ قَدْ ثُنِّيَ بالياءِ، وبالواوِ؛ عملتَ علَى الأكثرِ الأعمِّ؛ نحو:

« رَحى »؛ لأنَّ مِنَ العَرَبِ من يقولُ: « رَحَوْتُ الرَّحَا »، ومنهم من يقولُ: « رَحَيْتُ الرَّحَى ». وأن تكتبَها بالياءِ [ كانَ ] أحبّ إليَّ؛ لأنَّها اللُّغةُ العاليةُ؛ قال مُهَلْهِلٌ:

كأنَّا غُدْوَةً وَبَنِي أَبِينا بَجَنبِ عُنَيْزَةٍ رَحَيَا مُديرِ

وكذلك « الرِّضَا »، مِنَ العربِ من يثنِّيهِ: « رِضَيَانِ »، ومنهم من يثنِّيه: « رِضَوَانِ ». وأن تكتبَهُ بالألفِ أحبُّ إليَّ؛ لأنَّ الواوَ فيه أكثر، وهو من « الرِّضْوَانِ »)) انتهى كلام ابن قتيبة.

فلذا جاز فيها الوجهان، فمن كتبها بالألف االمقصورة (الرضى) فبناءً على أنّها في الأصل ياء، ومن كتبها بالألف الطويلة (الرضا) فبناءً على أنّها في الأصل واو.

وقال النحويّ الكبير الفرّاء في كتاب المنقوص والممدود: (( الحما والرضا يكتبان بالألف والياء لأن الكسائي سمع العرب تقول: حموان و حميان ....و رضوان ورضيان ))، انتهى.

وقال في تفسير القرطبي: (( قال الكسائي والفراء : من قال مرضي بناه على رضيت ، قالا : وأهل الحجاز يقولون : مرضو . وقال الكسائي والفراء : من العرب من يقول رضوان ورضيان فرضوان على مرضو ، ورضيان على مرضي.

ولا يجيز البصريون أن يقولوا إلا رضوان وربوان . قال أبو جعفر النحاس : سمعت أبا إسحاق الزجاج يقول : يخطئون في الخط فيكتبون ربا بالياء ثم يخطئون فيما هو أشد من هذا فيقولون ربيان ولا يجوز إلا ربوان ورضوان قال الله تعالى : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس )).

القاعدة في كتابة الألف

القاعدة عند جمهور علماء اللغة في كتابة الألف تنصّ على ما يلي:

إنّ الألف اللّينة تكتب مقصورة إذا كان الاسم ثلاثياً وكان الأصل في الألف أنّها منقلبة عن ياء، وتكتب طويلة إذا كانت منقلبة عن واو.

وأمثلة المنقلبة عن الياء: هدى، إذ يقال فيها هدى يهدي هدياً، فالأصل في ألفها أنّها ياء لذا كُتبت في الاسم منها بالألف المقصورة (الهدى).

ومن أمثلة المنقلبة عن واو: غزا ، إذ يقال فيها غزا يغزو غزواً وغوتان وغزوات، فالأصل في ألفها أنّها واو لذا كُتبت في الاسم منها بالألف الطويلة.

وأمّا إذا زاد الاسم على ثلاثة أحرف فالقاعدة فيه أن يكتب بالألف المقصورة نحو: مشفى، مرتضى، إلَا إذا كان ما قبل آخر الاسم ياءً فيُكتب بالألف الطويلة نحو: دنيا، عُليا.

وخلاصة الكلام كما يلي:

كيف نكتب (رضا) أم (رضى) ؟

الجواب كلا الوجهين جائز، لكنّ كتابتها بالألف الطويلة إذا كانت اسماً (الرضا) أشهر في كلام العرب لذا قيل أنّه أفصح من كتابتها بالألف المقصورة (رضى).