القائمة الرئيسية

الصفحات

الإمام الخوئي (قدس سره) شخصية نهضوية و آفاق تجديدية

 

السيد الخوئي شخصية نهضوية وآفاق تجديدية

بقلم: حسن علي الأحسائي

دأب الحديث في الأوساط العلمية والثقافية عن الأبعاد الحوزوية البحته للإمام الخوئي (قدس سره) في بعض زواياها -كالفقه والأصول مثلا"-، وهي على أهميتها وقيمتها وعلوّ مكانتها في سلم المعارف الإسلامية والمنهجيات المعرفية، غير أن الموسوعية الفكرية والمرجعية الشمولية في الأفق المعرفي والسلوكي للإمام الخوئي(قدس سره) يستوجب تسليط الضوء عليها وإعطاءها مساحة أكبر من المدارسة والبحث والإبراز ... 

ومن الزوايا والأبعاد الهامة التي طالما كانت غائبة أو مغفول عنها في شخصية الإمام الخوئي (قدس سره) هي الرؤية التجديدية والحراك النهضوي الذي حمله وعمل عليه الإمام الخوئي (قدس سره) طوال حياته وتزعمه للحوزة العلمية والأكاديميات الدينية...

بحيث أن الضوء سُلّط على النماذج التي هي أشعة من الشمس و فروع للأصل وغصون الشجرة، وحُجبت  الشمس وغُيب الأصل وأُهمل ذكر الشجرة...

فالحراك النهضوي والرؤى التجديدية التي صدحت في سماء النجف الأشرف سبعينيات وثمانينات القرن الماضي كان مظلتها وظلالها هو الإمام الخوئي (قدس سره) وبه تفيأ أمثال المصلح الكبير العلامة الشيخ محمد رضا المظفر (رضوان الله عليه) وغيره، وإليك نموذجين يبرهنان على نهضوية شخصية الإمام الخوئي (قدس سره) وتطلعه الكبير لتحقيق حاكمية الإسلام عقيدة وشريعة في الواقع الإسلامي :

*النموذج الأول:* المقدمة التي كتبها الإمام الخوئي لكتابه القيم (أصول الفقه)، حيث يقول العلامة الكبير الراحل الأستاذ السيد مرتضى الحكمي عن ذلك في مقدمة موسوعة الإمام الخوئي (قدس سره) ج1: ما نصه:

(( وقد أحدث الإمام الخوئي في الحوزة العلميّة حركة علميّة جبّارة، دفع بأمثال العلاّمة المظفّر إلى أن يضع في اُصول الفقه كتاباً يقارب فيه بين الدراسة على مستوى السطوح، وبين خارجها، ينشد فيه الإبداع والتجدّد. ولذلك عرض عامّة الجزء الأوّل من كتابه (اُصول الفقه) على الإمام الخوئي. وكان يلاحظ عليه ما يساعده على إدخال التقارب بين الدراسات الاُصوليّة المختلفة المراحل )).

* النموذج الثاني:* يتحدث عنه أيضاً " العلامة الكبير الأستاذ السيد مرتضى الحكمي (رضوان الله عليه) في موضعين:

أ- مقدمة موسوعة الإمام الخوئي ج1 حيث يقول:

(( كانت تتّسع مرجعيّة الإمام الخوئي ما اتّسع الاسلام من شموليّة وتعميم لكل الشؤون، في كل ما يرجع إلى نصرة الاسلام، في عامّة الميادين، ويتمثّل في :

الدّعم الثقافي: في إيجاد المؤسّسات الثقافية، والتعليميّة، ومكتبات عامّة، ومدارس مرحليّة، ودور للنّشر، ومراكز للعبادة في مختلف عواصم العالم . 

وفي المحتوى الثقافي أيضاً، أناط إلى أحد تلاميذه -الشيخ محمد حسن ال ياسين-: أن يضع رسائل مشبعة في الاُصول الاعتقاديّة: من المبدأ والمعاد، والنبوّة، والإمامة، والعدل الإلهي، وحياة المهدي المنتظر، بإسلوب عصري يلائم ثقافة الشباب المتطلِّع في البلاد الاسلامية. فتناولها الشباب الجامعي قبل غيرهم، بكل إعجاب وتقدير)).

ب- مقدّمة الجزء الثاني من موسوعة العلامة الكبير الشيخ محمد حسن ال ياسين (رضوان الله عليه) حيث يقول العلامة الحكمي ما نصه:

(( ولذلك أيضاً: دعاه المرجع الديني الأعلى الإمام الخوئي إلى الخوض في ميادين هذا الجهاد -وهو تلميذه النابغ- وأناط به مبادرة نشر هذه الرسائل الإسلامية في أصول العقائد وأسسها، وتيسير هذه العقائد غذاءً سخياً يقوت تطلعات الإنسان المسلم، ويسد حاجاته الفطرية إلى العقيدة والدين)).

بعد هذه النماذج التي لها نظائر وأشباه كثيرة عديدة في مسيرة العطاء الكبيرة والمتألقة للشخصية الفريدة الإمام الخوئي (قدس سره) بات من الضروري العمل على تعريف الأجيال الحاضرة والقادمة بمثل هذه الجهود الضخمة لرجالات إلهية ما عرفت للراحة طعما" في سبيل حفظ الأمانة الإلهية والعمل الدؤوب على إيصالها نقية مصونة من عبث العابثين ومكائد الشياطين...

فسلام على الإمام الخوئي يوم ولد ويوم عاش "مجاهدا" على كل جبهة وفي الثغر الإسلامي يصون شوكة الإسلام وبيضة المسلمين والموالين لأهل البيت (عليهم السلام) ويوم استشهد بيد الغدر والظلم "مسموما" "صابرا" "محتسبا" تحمل الآلام الجسام التي تنوء بحملها الجبال..