كتاب قبسات في علم الرجال، تقريرات أبحاث آية الله السيد محمد رضا السيستاني (دام ظله)
إبراهيم بن مهزيار (1) :
وهو ممن له روايات في جوامع الحديث ولكنّه لم يوثق في كتب الرجال. وعمدة ما قيل في وجه الاعتماد على حديثه هو أن السيد ابن طاووس (قدس سره) قد عدّه في ربيع الشيعة من سفراء الصاحب (عجّل الله فرجه الشريف) والأبواب المعروفين الذين لا تختلف الإثنا عشرية فيهم.
وردّ السيد الأستاذ (قدس سره) (2) على هذا الوجه بأنه اجتهاد من ابن طاووس استنبطه من بعض الروايات، إذ لو كان الأمر كما ذكر فلماذا لم يذكره النجاشي ولا الشيخ ولا غيرهما ممن تقدم على ابن طاووس مع شدة اهتمامهم بذكر السفراء والأبواب.
[ عدم صحة نسبة كتاب ربيع الشيعة للسيد ابن طاووس ]
أقول: إن كتاب (ربيع الشيعة) المنسوب إلى السيد ابن طاووس ليس سوى كتاب (إعلام الورى) للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، فتسمية الكتاب بـ(ربيع الشيعة) ونسبته إلى ابن طاووس خطأ. وقد أوضح ذلك غير واحد، واستوفى البحث عنه المحدث النوري (رحمه الله) (3) .
فإذاً لا بد من الرجوع إلى كتاب إعلام الورى وملاحظة النص الوارد فيه، وهو هكذا (4) : (أما غيبته الصغرى منهما فهي التي كان فيها سفراؤه (عليه السلام) موجودين، وأبوابه معروفين، لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (عليه السلام) فيهم، فمنهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، ومحمد بن علي بن بلال، وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان، وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان، وعمر الأهوازي، وأحمد بن إسحاق، وأبو محمد الوجناني، وإبراهيم بن مهزيار، ومحمد بن إبراهيم، في جماعة أُخر، ربما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم).
والملاحظ أن أياً من المذكورين عدا أبي عمرو عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان لم يكونوا من سفراء الإمام (عليه السلام) وأبوابه ــ بالمعنى المعروف للسفير والباب في كتب أصحابنا ــ. نعم بعضهم كان من الأجلاء كأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري وأحمد بن إسحاق الأشعري القمي. وبعضهم كان مذموماً جداً منحرفاً لا يعتد به كمحمد بن علي بن بلال. وبعضهم كان مجهول الحال لا يعرف عنه أي شيء كعمر الأهوازي وأبي محمد الوجناني. وبعضهم وإن ذكر في بعض المصادر إلا أنه لم يرد فيه ما يبيّن حاله كإبراهيم بن مهزيار ــ المبحوث عنه ــ وابنه محمد بن إبراهيم.
والظاهر ــ والله العالم ــ أن الشيخ الطبرسي أخذ هذه الأسماء من الروايات الواردة في ثلاثة أبواب من الكافي ــ الذي هو من مصادره الأساسية في كتابه إعلام الورى ــ وهي: باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار، وباب تسمية من رآه (عليه السلام)، وباب مولد الصاحب (عليه السلام). فلاحظ هذه الأبواب تجد الأسماء المتقدمة مذكورة فيها على التوالي (5) .
وعلى ذلك فلا بد أن لا يكون مقصوده (قدس سره) من كون هؤلاء من سفراء الإمام (عليه السلام) وأبوابه هو كونهم جميعاً ممن نصبهم الإمام ليكونوا وسطاء بينه وبين شيعته في عصر غيبته الصغرى، بل الأعم من ذلك ومن كونهم ممن حصل لهم شرف اللقاء بالإمام (عليه السلام) وبعض التواصل معه في عصر الغيبة، فتأمل.
وبذلك يظهر أنه لا يصلح ما ذكره (قدس سره) دليلاً على جلالة إبراهيم بن مهزيار، لأن السفارة التي تدل على الجلالة هي السفارة بالمعنى الأخص التي ثبتت للسفراء الأربعة، فتدبر.
الهوامش
(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج:6 ص:415.
(2) معجم رجال الحديث ج:1 ص:294.
(3) مستدرك وسائل الشيعة (الخاتمة) ج:2ص:447.
(4) إعلام الورى بأعلام الهدى ج:2 ص:259.
(5) لاحظ الكافي ج:1 ص:328، ح:2، ح:1، ص:329 ح:1، ح:3، ص:331، ح:10، ص:518، ح:5. والمذكور في نسخة الكافي المطبوعة (عمرو الأهوازي) بدل (عمر الأهوازي) و(أبو محمد الوجنائي) بدل (أبو محمد الوجناني)، فراجع.
ملاحظة : العناوين المحصورة بين المزدوجين [ ] ليست في الأصل وإنّما أضفناها لتسهيل مراجعة المطلب