القائمة الرئيسية

الصفحات

 

أعمال ليلة الجمعة وفضلها - مفاتيح الجنان

كتاب مفاتيح الجنان | الشيخ عبّاس القمي :

فضل ليلة الجمعة

اعلم أنّ ليلة الجُمعة وَنهارها يمتازان على ساير الليالي وَالايام سمّواً وَشرفاً وَنباهة . روي عَن النّبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال : إنّ ليلة الجُمعة وَنهارها أربع وعشرون ساعة لله عزّ وَجلّ في كُلِّ ساعة ستمائة الف عتيق من النّار .

وَعَن الصّادق ( عليه السلام ) قالَ : من مات ما بَينَ زوال الشمّس من يَوم الخميس إلى زوال الشمس من يَوم الجُمعة أعاذه الله من ضغطة القبر .

وَعنه ( عليه السلام ) أيضاً قالَ : انّ للجمعةِ حقّاً فإيّاك ان تضيّع حرمته أو تقصّر في شيءٍ من عبادةِ الله تَعالى والتقرّب إلَيهِ بالعمل الصّالحِ وَترك المحارم كُلَّها فانّ الله تَعالى يُضاعِف فيهِ الحَسنات وَيَمحو السّيّئات وَيَرفَع فيهِ الدّرجات ، وَيومه مثل ليلته فان استطعت أن تحييها بالدّعاءِ وَالصّلاةِ فَافعل فإن الله تَعالى يَرسل فيها الملائِكة إلى السَّماء الدّنيا لتضاعف فيها الحسَنات وَتَمحو فيها السيّئات ، وَانّ الله واسِعٌ كريم .

وأيضاً في حديث معتبر عنه ( عليه السلام ) قالَ : انّ المؤمِنَ ليدعو في الحاجة فَيُؤخر الله حاجَتَهُ التي سَأل إلى يَوم الجُمعة ليخصّه بفضله ( أي ليضاعف له بِسَبب فَضل يَوم الجُمعة ) . وَقالَ : لمّا سَأل إخوة يوسُفَ يَعقوب أنْ يَسْتَغِفرَ لَهُم قَال : سَوفَ أستَغفِرُ لَكمْ رَبّي ثمّ أخّر الاستغفار إلى السّحر من لَيلة الجُمعة كَي يُستجاب لَهُ .

وَعَنه أيضاً قالَ : إذا كانت ليلة الجُمعة رَفَعت حِيتَان البَحر رؤوسَها وَدَوابّ البَراري ، ثمّ نادت بِصوتٍ طَلق ربّنا لا تُعَذِّبْنا بِذنوب الادميّين .

وَعَن الباقِر ( عليه السلام ) قالَ : إنّ الله تعالى لَيأمر مَلَكا فَيُنادي كُلّ لَيلة جُمعة مِن فَوقِ عَرشِه مِن أوّل اللّيل إلى آخرهِ : ألا عبدٍ مُؤمِن يَدعوني لآخِرَتهِ وَدُنياه قَبلَ طُلوع الفَجر فَأجيبه ، ألا عبد مُؤمن يَتوب إلَيّ مِن ذنوبهِ قَبلَ طُلوع الفَجر فَأتوب عَليه ، ألا عبد مُؤمن قَد قَترتُ عَليه رِزقه فيسألني الزّيادة في رِزقه قَبلَ طُلوع الفَجر فأزيده وَأوسع عَليه ، ألا عبد مُؤمن سقيم فَيسألني أنْ أشفيه قَبلَ طُلوع الفَجر فأعافيه ، أَلا عبد مُؤمن مَغموم مَحبوس يَسألني أنْ أطلقهُ مِن حَبسِه وَأفرج عَنهُ قَبلَ طُلوع الفَجر فأطلقهُ وَأخلّي سَبيلهُ ، ألا عبد مَظلوم يَسألني أنْ آخذ لَهُ بِظلامَته قَبلَ طُلوع الفَجر فأنتَصِر لَهُ وَآخذ بِظلامَتِهِ . قالَ : فلا يزال ينادي حتّى يَطلع الفَجر .

وَعَن أمير ألمُؤمنين ( عليه السلام ) قالَ : إنّ الله اختار الجُمعة فَجعل يَومها عيداً ، وَاختارَ لَيلتها فَجعلها مثلها . وَإنّ من فَضلِها أنْ لا يسأل الله عزّ وَجلّ أحد يَوم الجُمعة حاجة إلا استَجيب لَهُ ، وَإنِ استحق قَومٌ عِقاباً فَصادفوا يَوم الجُمعة وَليلتها صُرِفَ عَنهم ذلكَ وَلَمْ يبقَ شيءٌ ممّا أحكَمه الله وفضّله إلا أبرمَه في ليلةِ الجُمعة . فَليلة الجُمعة أفضل اللّيالي وَيَومها أفضل الأيّام .

وَعَن الصّادق ( عليه السلام ) قالَ : اجتَنِبوا المعاصي لَيلة الجُمعة ، فإنّ السّيّئة مُضاعَفة وَالحَسَنة مُضاعَفة ، وَمَنْ تَرك مَعصية الله لَيلة الجُمعة غَفَرَ الله لَهُ كُلّ ما سَلف ، وَمَنْ بَارزَ الله لَيلة الجُمعة بِمعصية أخذهُ الله بكلّ ما عمل في عُمرهِ وَضاعفَ عَليه العَذاب بِهذهِ المَعصية .

وَبِسَنَد مُعْتَبَر عَنْ الرّضا ( عليه السلام ) قالَ : قالَ رَسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّ يَوم الجُمعة سَيّد الاَيّام يُضاعِفُ الله عزّ وَجلّ فيهِ الحَسَنات وَيَمحو فيهِ السيئات وَيَرفع فيهِ الدّرجات وَيَستَجيب فيهِ الدّعوات وَيَكشِفُ فيهِ الكُربات وَيَقضي فيهِ الحوائِج العِظام ، وَهُوَ يَوم المزيد للهِ فيه عُتقاء وَطلقاء من النّار ما دعا فيه أحد من النّاس وَعرف حقّه وَحرمته إلاّ كانَ حقّا على الله عزّ وَجلّ أَن يجعله من عتقائِه وَطُلَقائه من النّار ، فإنْ مات في يومه أو ليلته مات شهيداً وَبعث آمنا . وَما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلاّ كانَ حقاً على الله عَزّ وَجلّ أن يصليه نار جهنّم إلاّ أن يتوب .

وَبأسناد معتبرة عَن الباقِر ( عليه السلام ) قالَ : ما طلعت الشّمس بِيوم أفضل من يوم الجُمعة ، وَإنّ كلام الطّير إِذا لَقى بعضها بعضاً : سلام سلام يَوم صالح .

وَبسند معتبر عَن الصّادق ( عليه السلام ) قالَ : من وَافق منكم يَوم الجُمعة فلا يشتغلن بشي غَير العبادة فإنّ فيه يغفر للعباد وتنزل عَلَيهم الرّحمة . وَفضْل ليلة الجُمعة وَنهارها أكثر من أَن يورد في هذه الوجيزة .

أعمال ليلة الجمعة

امّا أعمال ليلة الجُمعة فكثيرة وهنا نقتصر على عدّة منها :

الأول : الاكثار من قول : [ سُبْحانَ الله ، وَالله أَكْبَرُ ، ولا إِلهَ إِلاّ الله ] .

وَالاكثار من الصلاة على مُحَمَّدٍ وآله . فقد روي أنّ ليلة الجُمعة ليلتها غرّاء وَيومها يَوم زاهِر فأكثروا من قول : [ سُبْحانَ الله ، وَالله أَكْبَرُ ، ولا إِلهَ إِلاّ الله ] .

وَأكثروا من الصلاة على مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ ( عليهم السلام ) .

وَفي رواية أخرى : أنّ أقّل الصلاة على مُحَمَّدٍ وآله في هذه اللّيلة مائة مَرَّة وَما زدت فهو أفضل .

وَعَن الصّادق ( عليه السلام ) : أن الصلاة على مُحَمَّدٍ وآله في ليلة الجُمعة تعدل ألف حسنة وَتمحو ألف سيّئة وَترفع ألف درجة وَيستحبّ الاستكثار فيها من الصّلاة على مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ ( صَلَواتُ الله عَلَيهمِ ) من بعد صلاة العصر يَوم الخميس إلى آخر نهار يَوم الجُمعة .

وَروي بسند صحيح عَن الصّادق ( عليه السلام ) قال : إِذا كانَ عصر الخميس نزل من السّماء ملائكة في أيديهم أقلام الذّهب وَقراطيس الفضّة ، لا يكتبون إلى ليلة السّبت إِلاّ الصّلاة على مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ .

وقالَ الشّيخ الطّوسي : وَيستحبّ في يَوم الخميس الصّلاة على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ألف مَرَّة ، وَيستحبّ أنْ يقول فيه : [ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ] .

وَإنْ قالَ ذلك مِنْ بَعد العصر يَوم الخميس إلى آخر نهار يَوم الجُمعة كانَ لَهُ فَضل كثير .

وَقالَ الشّيخ أيضاً : وَيستحبّ أنْ تَستغفر آخر نهارك يَوم الخميس فتَقول : [ أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْه ‌ِتَوْبَةَ عَبْدٍ خاضِعٍ مِسْكِينٍ مُسْتَكِينٍ ، لا يَسْتَطِيعُ لِنَفْسِهِ صَرْفا وَلا عَدْلاً وَلا نَفْعاً وَلا ضُرّا وَلا حَياةً وَلا مَوْتاً وَلا نُشُوراً . وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِينَ الاَخْيارِ الاَبْرارِ وَسَلّمَ تَسْلِيماً ] .

الثاني : أنْ يقرأ ليلة الجُمعة سُورَة بني إسرائيل والكهف وَالسّور الثّلاث المبدوءة بطسَّ وسورة الَّم السّجدة ويَّس وصَّ وَالاحقاف والواقعة وحَّم السّجدة وحَّم الدّخان وَالطُّور وَاقتربت وَالجُمعة ، فإنْ لَمْ تسنحْ لَهُ الفرصة فليختار من هذه السّور الواقعة وَما قبلها .

فقد روي عَن الصّادق ( عليه السلام ) قالَ : مَنْ قَرَأَ بني إسرائيل في كُلِّ ليلة جُمعة لَمْ يَمُتْ حتّى يدرك القائِم ( عليه السلام ) فيكون من أصحابهِ .

وقالَ ( عليه السلام ) : مَنْ قَرأ سُورَة الكهف كُلّ ليلة جُمعة لَمْ يَمُتْ إِلاّ شهيداً أو بَعثهُ الله مع الشّهداء ووقف يَوم القيّامة مع الشّهداء .

وقالَ ( عليه السلام ) : مَنْ قرأ الطّواسين الثّلاثة في ليلة الجُمعة كانَ مِنْ أولياء الله وَفي جوار الله وَفي كنفه وَلم يصبه في الدّنيا بُؤس أبداً ، وَأُعطي في الآخرة مِنَ الجنّة حتّى يرضى وَفوق رضاه وَزوّجه الله مائة زوجة مِنَ الحور العين .

وَقالَ ( عليه السلام ) : مَنْ قرأ سُورَة السّجدة في كُلِّ ليلة جُمعة أعطاه الله كتابه بِيمينه وَلَمْ يُحاسِبْهُ بِما كانَ منه وَكانَ مِنْ رُفقاءِ مُحَمَّد وَأهل بيته ( عليهم السلام ) .

وَبسند معتبر عَن الباقِر ( عليه السلام ) قالَ : مَنْ قرأ سُورَة صَّ في ليلة الجُمعة أُعطي من خير الدّنيا وَالآخرة مالَمْ يُعط أحَداً مِنَ النّاس إِلاّ نَبيّاً مُرسلاً أو مَلَكاً مُقَرّباً ، وَأدخله الله الجنّة وَكُلُّ مَنْ أحبَّ مِنْ أهل بَيته حتّى خادمه الَّذي يخدمه وَإنْ لَمْ يكن في حدِّ عياله وَلا في حدِّ مَنْ يَشفع لَهُ .

وَعَن الصّادق ( عليه السلام ) قالَ : مَنْ قرأ في لَيلة الجُمعة أو يَوم الجُمعة سُورَة الاَحقاف لَمْ يُصبهُ الله بِرَوعة في الحياة الدنيّا وَأمّنه من فزع يَوم القيّامة .

وَقال ( عليه السلام ) : من قرأ الواقعة كُلَّ ليلة جُمعة أحبّهُ الله تَعالى وحببه إلى النّاس أجمعين وَلَمْ يَرَ في الدنيّا بُؤساً أبداً وَلا فقراً وَلا فاقة وَلا آفة من آفات الدّنيّا ، وَكانَ من رُفقاءِ أمير المُؤمنين ( عليه السلام ) . وَهذهِ السّورة سُورَة أمير المُؤمنين ( عليه السلام ) .

وروي أنّ من قرأ سُورَة الجُمعة كُلّ ليلة جُمعة كانت كفارة لَهُ ما بَين الجُمعة إلى الجُمعة .

وَروي مِثلُهُ فِيمَنْ قرأ سُورَة الكهف في كُلِّ ليلة جُمعة ، وفي مَنْ قرأها بعد فريضتي الظّهر والعصر يَوم الجُمعة .

واعلم أنّ الصّلوات المأثورة في ليلة الجُمعة عديدة منها : صلاة أمير المُؤمنِين ( عليه السلام ) ، ومنها الصلاة ركعتان يقرأ في كُلِّ ركعة الحَمد وسُورَة إِذا زُلزِلَت خَمس عَشرة مَرَّة ، فقد روي أنّ من صلاّها أمّنه الله تَعالى من عذاب القبر وأهوَال يَوم القيامة .

الثالث : أن يقرأ سُورَة الجُمعة في الرّكعة الأولى من فريضتي المغرب والعشاء ، ويقرأ التوّحيد في الثّانية من المغرب والأعلى في الثّانية من العشاء .

الرابع : ترك إنشاد الشّعر ففي الصّحيح عن الصّادق ( صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ) أنّه يكره رواية الشّعر للصّائم والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجُمعة وفي اللّيالي .

قال الرّاوي : وإن كانَ شِعراً حقّا ؟ فأجاب ( عليه السلام ) : وإِن كانَ حقّا .

وفي حديث معتبر عَن الصّادق ( عليه السلام ) : أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قالَ : من أنشد بيتاً من الشّعر في ليلة الجُمعة أَو نهارها لَمْ يكن لَهُ سواه نصيب من الثّواب في تلك اللّيلة ونهارها ، وعلى رواية أخرى : لَمْ تقبل صلاته في تلك اللّيلة ونهارها .

الخامِس : أن يُكثر من الدّعاءِ لإخوانه المؤمنين كما كانت تصنع الزّهراءِ ( عليه السلام ) ، وإذا دعا لعشر من الاَموات منهم فقد وجبت لَهُ الجّنة كما في الحديث .

أدعية ليلة الجمعة

السّادس : أن يدعو بالمأثور من أدعيتها وهي كثيرة ونحن نقتصر على ذكر نبذ يسيرةٍ منها :

بسند صحيح عَن الصّادق ( عليه السلام ) : انّ من دعا بهذا الدّعاء ليلة الجُمعة في السّجدة الاَخيرة من نافلة العشاء سبع مرّات فرغ مغفوراً لَهُ ، والأفضل أن يكرّر العمل في كُلِّ ليلة :

[ اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ ، وَإِسْمِكَ العَظِيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذَنْبِيَ العَظِيمَ ] .

وَعَن النّبّي ( صلّى الله عليه وآله ) قالَ : من قال هذه الكلمات سبع مرّات في ليلة الجُمعة فمات ليلته دَخَل الجنّة ، وَمَن قالَها يَوم الجُمعة فمات في ذلكَ اليوم دَخَل الجنّة ، من قالَ :

[ اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ وَفِي قَبْضَتِكَ وَناصِيَتِي بِيَدِكَ أَمْسَيْتُ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بَرِضاكَ مِنْ شَرِّ ما صَنَعْتُ ، وأَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ أَنْتَ ] .

وقالَ الشّيخ الطّوسي والسّيّد والكفعمي والسّيّد ابن باقي : يستحبّ أن يدعى بهذا الدّعاء في ليلة الجُمعة ونهارها وَفي ليلة عرفة ونهارها ونحن نروي الدعاء عَن كتاب ( المصباح ) للشّيخ وهُوَ :

[ اللّهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيّأ وَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفَاَدَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَطَلَبَ نائِلِهِ وَجائِزَتِهِ ، فَإِلَيْكَ يا رَبِّ تَعْبِيَتِي وَاسْتِعْدادِي رَجاءَ عَفْوِكَ وَطَلَبَ نائِلِكَ وَجائِزَتِكَ ، فَلا تُخَيِّبْ دُعائِي يا مَنْ لا يَخِيبُ عَلَيْهِ سائِلٌ وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ ، فَإنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً بِعَمَلٍ صالِحٍ عَمِلْتُهُ وَلا لَوَفادَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتَهُ ؛ أَتَيْتُكَ مُقِرّا عَلى نَفْسِي بِالإِسأَةِ وَالظُّلْمِ مُعْتَرِفَا بِأَنْ لا حُجَّةَ لِي وَلا عُذْرَ أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِك ‌َالَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الخاطِئِينَ . فَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوِفِهمْ عَلى عَظِيمِ الجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ ، فَيا مَنْ رَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ وَعَفْوُهُ عَظِيمٌ ، يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ يا عَظِيمُ ، لا يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاّ حِلْمُكَ وَلا يُنْجِي مِنْ سَخَطِكَ إِلاّ التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ ، فَهَبْ لي يا إِلهِي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي تُحْيِي بِها مَيْتَ البِلادِ ، وَلا تُهلِكْنِي غَمّا حَتّى تَسْتَجِيبَ لِي وَتُعَرِّفَنِي الاِجابَةَ في دُعائِي ، وَأَذِقْنِي طَعْمَ العافِيَةِ إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَلا تُسَلِّطَهُ عَلَيَّ ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي . اللّهُمَّ إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي ؟ وَإِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي ؟ وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ وَلا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ ، وَإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخافُ الفَوْتَ ، وَإِنِّما يَحْتاجُ إِلى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعالَيْتَ يا إِلهِي عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً . اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ فَأَعِذْنِي وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي ، وَأَسْتْرْزِقُكَ فَارْزُقْنِي ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفِنِي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ عَلى عَدُوِّي فَانْصُرْنِي ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ فَأَعِنِّي ، وَأَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي فَاغْفِرْ لِي آمِينَ آمِينَ آمِينَ ] .

السابع : أن يدعو بدعاء كميل ، وسيذكر في الفصل الآتي إن شاء الله تَعالى .

الثامن : أن يقرأ الدعاء : اللّهُمَّ يا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى . ويدعى بهِ ليلة عرفة أيضاً وسيأتي إن شاء الله تَعالى .

التاسع : أن يقول عشر مرات : [ يا دائِمَ الفَضْلِ عَلى البَرِيَّةِ ، يا باسِطَ اليَّدِيْنِ بِالعَطِيَّةِ ، يا صاحِبَ المَواهِبِ السَّنِيَّةِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ خَيْرِ الوَرى سَجِيَّةً ، وَاغْفِرْ لَنا يا ذا العَلى فِي هِذِهِ العَشِيَّةِ ] .

وهذا الذكر الشريف وارد في ليلة عيد الفطر أيضاً .

العاشر : أن يأكُل الرمان كما كانَ يعمل الصادق ( عليه السلام ) في كل ليلة جُمعة ، ولعل الاَحسن أَن يجعل الاَكُل عند النوم ، فقد روي أنّ من أكلَ الرمان عند النوم أمن في نفسهِ إلى الصباح وَيَنبَغي أن يبسط لأكلِ الرمان منديلاً يحتفظ بِما يتساقط من حَبِّهِ فيجمعهُ ويأكلهُ وكما ينبغي أَن لا يشرك أحداً في رمانتهِ .

روى الشيخ جعفر بن أحمد القمّي في كتاب ( العروس ) عَن الصادق ( عليه السلام ) : أنّ من قال بَينَ نافلة الصبح وفريضته مائة مَرَّة : سُبْحانَ رَبِّيَ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ، اسْتَغْفِرُ الله رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . بنى الله لَهُ بيتاً في الجنة .

وهذا الدعاء رواه الشيخ والسَّيِّد وغيرهما وقالوا : يستحبّ أن يدعى بهِ في السَّحر ليلة الجُمعة ، وهذا هو الدعاء : [ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَهَبْ لِي الغَداةَ رِضاكَ وَأَسْكِنْ قَلْبِي خَوْفَكَ وَاقْطَعْهُ عَمَّنْ سِواكَ ، حَتّى لا أَرْجُوَ وَلا أَخافَ إِلاّ إِيّاكَ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَهَبْ لِي ثَباتَ اليَقِينِ وَمَحْضَ الاِخْلاصِ وَشَرَفَ التَوْحِيدِ وَدَوامَ الاِسْتِقامَةِ وَمَعْدِنَ الصَّبْرِ وَالرِّضا بِالقَضاء وَالقَدْرِ ، يا قاضِيَ حَوائِجِ السَّائِلِينَ يا مَنْ يَعْلَمُ ما فِي ضَمِيرِ الصَّامِتِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاسْتَجِبْ دُعائِي ، وَاغْفِرْْ ذَنْبِي وَأَوْسِعْ رِزْقِي وَاقْضِ حَوائِجِي فِي نَفْسِي وَإِخْوانِي فِي دِينِي وَأَهْلِي . إِلهِي ، طُمُوحُ الآمالِ قَدْ خابَتْ إِلاّ لَدَيْكَ وَمَعاكِفُ الهِمَمِ قَدْ تَعَطَّلَتْ إِلاّ عَلَيْكَ وَمَذاهِبُ العُقُولِ قَدْ سَمَتْ إِلاّ إِلَيْكَ ، فَأَنْتَ الرَّجاءُ وَإِلَيْكَ المُلْتَجاءُ ، يا أَكْرَمَ مَقْصُودٍ وَأَجْوَدَ مَسْؤولٍ ، هَرَبْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسِي ، يا مَلْجَأَ الهارِبِينَ بِأَثْقالِ الذُّنُوبِ أَحْمِلُها عَلى ظَهْرِي ، لا أَجِدُ لِي إِلَيْكَ شافِعاً سِوى مَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ رَجاهُ الطَّالِبُونَ وَأَمّلَ مالَدَيْهِ الرَّاغِبُونَ ، يا مَنْ فَتَقَ العُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ وَأَطْلَقَ الاَلْسُنَ بِحَمْدِهِ وَجَعَلَ ما امْتَنَّ بِهِ عَلى عِبادِهِ فِي كِفاءٍ لِتَأْدِيَةِ حَقِّهِ ، صَلِّ عَلى مُحَمدٍ وَآلِهِ ، وَلا تَجْعَلْ لِلْشَيْطانِ عَلى عَقْلِي سَبِيلاً وَلا لِلْباطِلِ عَلى عَمَلِي دَليلاً ] .

فإذا طلع الفجر يَوم الجُمعة فليقُل : [ أَصْبَحْتُ فِي ذِمَّةِ الله وَذِمَّةِ مَلائِكَتِهِ وَذِمَمِ أَنْبِيائِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَذِمَّةِ مُحَمدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَذِمَمِ الأَوْصِياء مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، آمَنْتُ بِسِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَعَلانِيَتِهِمْ وظاهِرِهِمْ وَباطِنِهِمْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ فِي عِلْمِ الله وَطاعَتِهِ كَمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ] .

وَروي أنّ من قالَ يَوم الجُمعة قَبلَ صلاة الصبح ثلاث مرّات : [ أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ] . غفرت ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر .