القائمة الرئيسية

الصفحات

ضرورة التثبت وعدم التأثر بالإشاعات

 

ضرورة التثبت وعدم الأخذ بالإشاعات

هدف اليوم: أن أطلب الحق وأحترم الحقيقة

السيّد بلال وهبي

لا يمكن للحياة برمتها أن تقوم إلا على الحق والحقائق، الحق الذي لا يتبدل ولا يتحول مهما تغيرت الأحوال وتبدلت الأزمنة والأمكنة فإن الحق يتصف بالدوام والثبات، بل إن الكون كله قائم على الحق والحقيقة، قال تعالى: "خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ" ﴿44 العنكبوت﴾. بل إن الوجود بأسره كذلك، فإن موجد الكون وخالقه هو الله الحقُّ قال تعالى: "ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"﴿62 الحج﴾، وهو يدعو إلى الحق، ويقصُّ الحق، وقوله الحق، ويبعث رسله بالحق، ويُنَزِّلُ كُتُبَه بالحق، ويفعل بخلقه ما يفعل بالحق، ووعده حق، ولا يستحي من الحق، ويحاسب عباده بالحق، وينطق كتابه عليهم بالحق، ويدعوهم إلى قول الحق، ويقضي بينهم بالحق، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، كما نصَّت آيات القرآن الكريم. وكما يثبت التفكر العميق في الوجود الذي لا نجد فيه خللا أو نقصانا، فإنه كله قائم على الحق الذي يقابله الباطل وهو ما لا يكون وإن كان لا يستقر ولا يدوم. 

إن المؤمن جزء من الوجود ومحكوم لحقائقه فلا بد أن تقوم كل حياته على الحق، لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال، والمؤمن لا يَضِلُ ولا يتيه ولا ينحرف، إنه يقول الحق له أو عليه، ويعترف به ويقبله، ويطلبه، وحين تلتبس عليه الأمور، ويعجز عن التمييز بين الحق والباطل يلجأ إلى الله تعالى أن يعرفه إيّاه، ويقول: "اللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِنَ الحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ".

إن المؤمن يسأل الله أن يوفِّقه لحمل الحق والصَّدع به والدعوة إليه والدفاع عنه، وذلك ما يميزه عن غيره ممن يعرفون الحق ولكنهم لا يحملونه ولا يصدعون به ولا يدافعون عنه فرارا من الأثمان التي يتطلبها، أو حرصا على المنافع التي يجنوها من الباطل.

إن قيمة الشخص تتأتى من قيمة ما يؤمن به وما يفديه وما يدافع عنه وإن ديننا الحق يوجهنا إلى حب الحق وطلبه واحترام الحقيقة، وأن نتعامل معهما بإيجابية واحترام وتسليم وإذعان واتِّباعٍ والحقُّ أحقُّ أن يُتَّبَع.

وإن قوى الشَّرِّ في أيامنا هذه تقوم على الباطل، وتقاتل من أجل الباطل، وتعتمد وسائل الباطل، وبما أنها لا تستطيع أن تتنكر للحق لأن الناس يجتذبهم الحق وينفرون من الباطل فإنها تُلبِسُ الباطل لَبوسَ الحق كي يبدو للناس حقاً يرغبون به، وتُسخِّرُ لذلك آلاف الوسائل الإعلامية والإعلانية وعشرات الآلاف من الذباب الإلكتروني، ومئات الآلاف من التغريدات اليومية التي تُسَوِّقُ للباطل بلبوس الحق.

 إن التَّثَبُّتَ من صحة ما نرى ونسمع ونقرأ واجب عقلي وشرعي وأخلاقي، ويشكل البداية لتحديد موقفنا منه، والشرط الضروري لمعرفة الحق وتمييزه من الباطل، ومن ثم موالاته والذود عنه، وهذا يُلزمنا ألّا نسارع إلى تصديق ما نرى ونسمع ونقرأ قبل التَّيَقُّن من صحته، كما يُلزمنا ألا نسارع إلى نشره على معارفنا وأصدقائنا حتى لا نكون شركاء في تعميم الباطل، يدعونا إلى ذلك احترامنا للحق والحقيقة، وحاجتنا إلى أن تقوم مواقفنا وخياراتنا على الحقائق لا على الأكاذيب والأوهام.

توصيات:

1- لا تسارع إلى تصديق شيء إلا بعد أن تتيقن من صحته.

2- عوِّد نفسك على تحليل وإعمال العقل فيما تسمع.

3- ابحث عن مصدر ما تتلقاه، واعرف قائله وكاتبه ومنتجه ومخرجه معرفة تامة.

4- إذا ورد عليك خبر ينطوي على غرائب وأمور غير مألوفة وجب عليك أن تدقق فيه أكثر وأن تستفتي فيه أهل العلم والخبرة. 

السيد بلال وهبي

فجر يوم الأربعاء الواقع في: 3/11/2021 الساعة (04:15)