القائمة الرئيسية

الصفحات

كيفية كتابة مقالة نافعة
أسئلة زوار المدونة | السؤال 24
الاسم : بدر
الدولة : العراق / الكاظمية المقدّسة
السؤال : كيف اكتب مقالة وتكون نافعة لي وللقراء؟

الجواب 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أوّلاً: تعريف المقال وأنواعه

يُعرَّف المقال بأنّه : نصٌ قصير نسبياً يتناول موضوعاً واحداً محدداً أو حيثية من حيثيات الموضوع ، ويتألف في الغالب من ثلاث فقرات ( المقدمة، العَرض ، الخاتمة) والهدف منه غالباً إيصال فكرة معيّنة عن الموضوع للقارئ على ضوء عدد من الحجج والبراهين أو التحليلات المبنيّة على أساس صحيح .
وعرَّفه الدكتور محمد يوسف في كتابه " فنّ المقالة " بأنَّه : " قطعة نثريّة محدودة في الطول والموضوع، تُكتَب بطريقة عفويّة سريعة خالية من الكُلفة والرَّهَق، وشرطها الأوَّل أن تكون تعبيراً صادقاً عن شخصيّة الكاتب " .
وكتابة المقالات على أنواع فمنها الكتابة الابداعية التي تختلف أطُرها باختلاف الكاتب وموضوعه وأسلوبه ومنها الكتابة الأكاديمية والتي تكون مبنيّة على قواعد محدّدة إن تقيَّد بها الكاتب أمكنه كتابة مقال وإن لم يكن يمتلك أسلوبا يمتاز به أو فكرة ابداعية يكتب عنها .
ويمكن تقسيم المقالات على ضوء المنهج الذي يتبعه الكاتب فيها على عدة أنواع أهمّها :
1- المقال التحليلي
2- المقال المقارِن
3- المقال الجدلي
4- مقال المشكلة والحل
5- المقال التفسيري
6- مقال السبب والأثر
كما تُقسَّم المقالات على ضوء التخصصات وتفرعاتها على عدّة أنواع منها مثلا: الاجتماعية ، السياسية، الدينية ، التاريخية ، الأدبية ، علميّة... الخ .
ويتحدد المنهج الذي ينبغي للكاتب اتباعه من بين المناهج الآنفة على ضوء طبيعة الموضوع الذي يُراد معالجته وأيضاً حال الجمهور المخاطَب .

ثانياً: مرحلة الاعداد لكتابة مقال

تعدّ هذه المرحلة في غاية الأهميّة حيث تتضمن فهم الموضوع المختار واستبيان مديات جدوى الكتابة فيه ثمّ الشروع بالمطالعة المكثّفة في الكتابات السابقة حوله حتّى الإلمام بحيثيّاته وتفاصيله فأنفع ما قيل في هذا المجال ما جاء في الحكمة القديمة ( الكاتب الجيد قارئ جيد ) فلأجل كتابة صفحة واحدة ربّما يتعيّن على الكاتب قراءة العشرات بل المئات من الصفحات .
وإجمالاً يمكن تلخيص ما ينبغي التركيز عليه في مرحلة الاعداد بما يلي :
1- تحديد موضوع المقال بشكلٍ دقيق، ولأجل ضمان الجدوى من الكتابة لابدّ أن يكون الموضوع مهماً للجمهور الذي يستهدفه الكاتب، فلا تتوقع اهتمام الجمهور إذا كنت تختار المواضيع عشوائياً من دون مراعاة حاجتهم الفعلية . كما يجب تجنب الكتابة في مواضيع فضفاضة متشعّبة والتي لا يمكن تقديم شيء مهمٍ وابداعي فيها في مقال يتألف من  صفحتين أو أكثر بقليل عادة، فمثل هذه المواضيع تُترَك للدراسات الموسعة ويكون نصيب المقالات الكتابة في إحدى حيثياتها أو مسائلها فكلّما أمكنك تشذيب موضوع المقال وتقليص دائرته كلما كان أفضل .
2- ضع قائمة بأهم النقاط التي ترى بدواً ضرورة أن يتضمّنها المقال، وهذا أمر خاضع للتعديل والتشذيب مادام المقال في طور الكتابة فليس بالضرورة أن يتضمّنها المقال في نهاية المطاف، وإنّما يتم رصدها في هذه المرحلة لغرض منهجة العمل . ويمكنك التعامل مع هذه المرحلة بتسجيل أهمّ الأسئلة التي تتوقع أن يتمّ الاجابة عليها في المقال .
3- المطالعة المكثّفة حول الموضوع، وهذا هو العنصر الأهم في هذه المرحلة كما أسلفنا، فالكاتب الناجح هو قبل ذلك قارئ نَهِم ، لذا حاول أن تجمع أهم البحوث والدراسات والمقالات التي كُتِبَت حول موضوعك، ثمّ طالعها بتأنٍ وتأمّلٍ وسجّل جميع ملاحظاتك عليها فضلاً عن حفظ أهمّ الاقتباسات المرجعية التي تعتقد أنّك تحتاج إلى الاستشهاد بها عند الكتابة .
4- بعد ذلك حاول جاهداً فهم الجمهور الذي تريد مخاطبته وذلك من حيث المستوى المعرفي أو قل الثقافة العامة لأنّ صياغة البحث تتأثر كثيراً بذلك فمثلا المصطلحات التي يمكنك استعمالها عند مخاطبة جماعة متخصصة في الموضوع من العبث أن تستعملها عند مخاطبة غير المتخصصين مع عدم توضيح المراد بها إذ سيصبح المقال عبارة عن طلّسمات ينفر منه القارئ ما أن تقع عينه على سطوره الأولى ، كذلك مثلاً التوضيحات التي تحتاج إلى بيانها عند مخاطبة غير المتخصصين يجب تجنبها عند مخاطبة المتخصصين لأنها توجب الملل بالنسبة لهم، وهكذا في اختيار نمط الاستدلال والإقناع يجب مراعاة ثقافة المخاطَبين أيضا .
ومن الجوانب المهمة التي ينبغي مراعاتها هنا النظر في الأسئلة التي يتداولها الجمهور حول الموضوع المختار؛ وذلك لمراعاتها عند الكتابة إذ أنّ المقال الذي ليس باستطاعته الاجابة على بعض أسئلة الجمهور أو لا يهتمّ بها من الطبيعي أن يكون جزاءه الإهمال وعدم الاكتراث .

ثالثاً: خطوات كتابة مقال

بعد الانتهاء من مرحلة الاعداد ولاسيّما المطالعة المكثفة لابدّ وأن تكون قد رسمت في ذهنك أو دوّنت في دفتر الملاحظات أو على القصاصات خريطةً لما ينبغي أن يكون عليه المقال بالإضافة إلى أهمّ الأفكار والتحليلات والحجج التي ينبغي أن يتضمّنها، وبهذا يمكنك الانتقال الى المرحلة اللاحقة وهي الشروع بالكتابة والتي يمكن تلخيصها  بثلاث مراحل هي : كتابة المقدّمة ثم العَرض ثمّ الخاتمة وقد أضفنا لها الخطوة الرابعة وهي المراجعة والتي جعلها بعضهم مرحلة مستقلّة ولا مشاحّة في ذلك وتفصيله كما يلي :

1- كتابة مقدمة المقال

تعدّ المقدّمة مهمة جداً من جهة أنها ترسم الانطباع الأول للقارئ عن المقال والذي على ضوءه يتخذ قراره في مواصلة مطالعته أو تجاوزه، من هنا يلزم أن تتضمّن مقدّمة البحث ما يلزم لتكوين فكرة عامّة عمّا يقدّمه المقال للقارئ وباسلوب لَبِق بحيث نضمن اندفاعه لمواصلة مطالعة المقال .
وفي المقالات الأكاديمية هناك نمطيّة (قوالب) معيّنة يراعيها الكاتب في مقدّمة المقال كالحديث عن أهمية الموضوع والسابقة البحثيّة فيه، والغاية من اختياره ثمّ يقدّم موجزاً عن خطته وما إلى ذلك ولكن بما أنّ حديثنا عن المقالات القصيرة مثل تلك التي تُكتب لمواقع الانترنت أو الصُحف وما شابه ذلك والتي تكون عادة قصيرة مختصرة فليس من الضروري أن ينغمس الكاتب في تلك النمطية وإنّما الضروري أن يفتتح مقاله بسطرين أو ثلاثة قادرة على تكوين صورة عامّة للقارئ تمكِّنه من معرفة ما سيخوض فيه إجمالاً، مثلاً في مقالنا هذا اكتفينا في افتتاحه بالسؤال إذ أنّه كافٍ في منح القارئ صورة إجمالية عمّا نريد الخوض فيه .

2- كتابة العرض (متن المقال)

يُعدّ متن المقال أو قل محتوى المقال الجزء الرئيس والأساس في الكتابة إذ أنّه يمثل المادة العلميّة التي يريد الكاتب إيصال رسالته بواسطتها، فبعد الانتهاء من المقدّمة يشرع الكاتب في صلب البحث حول موضوعه فينظّم الأفكار التي تكوّنت لديه في المرحلة السابقة (مرحلة الإعداد) بشكل متوازن واضعاً كلّاً منها في موضعه بحيث يؤدي السابق منها إلى اللّاحق في تسلسلٍ متّصلٍ يقود إلى النتيجة بسلاسة ووضوح، مثلاً يبدأ بتعريف الموضوع محلّ البحث إن كان يحتاج إلى التعريف ثمّ يعرض النظرية التي يريد إثباتها فيه ثمّ يردفها بالحجج المؤيدة لها ثمّ يعرض المناقشات وأجوبتها ثمّ النتائج كما سيأتي .
كما ينبغي الحرص على أن لا يكون محتوى المقال جسماً واحداً بل يتمّ توزيعه على فقرات بحيث تتضمّن كلّ فقرة جانباً من جوانب البحث وحيثياته أي تختص كلّ فقرة بمناقشة موضوع فرعي من المواضيع المندرجة تحت العنوان العام للمقال، كما ينبغي الحرص على ترابط هذه الفقرات بحيث تكون كلّ فقرة سابقة معدِّاً لتلقّي الفقرة اللّاحقة، كما ينبغي الحرص على تنظيم المقال بشكلٍ منطقي يسهّل على القارئ فهم المطلوب فلا يصحّ مثلاً الخوض في الحجج والأدلّة قبل بيان النظرية التي يُراد الاستدلال عليها بياناً تامّاً، كما لا يصحّ النقض على الدليل قبل بيان الدليل نفسه بشكل تام وهكذا، وأكثر الأمور نفعاً للكاتب والقارئ معاً أن يكون الكاتب صادقاً فيما يكتب يتتبع الحجج والآراء ولا ينقدها إلا بعد شرحها بأقوى ما يمكن .
وعند الكلام عن كتابة مقال ينبغي الانتباه إلى أهميّة أن تكون الفقرات قصيرة ليسهل فهمها من جهة ولتتجنب ملل القارئ من أخرى، خلافاً لما لو كان الكلام عن اعداد دراسة او بحثٍ موسّع .

3- كتابة الخاتمة ونتائج المقال

تأتي الخاتمة أو ملخّص نتائج البحث في نهاية المطاف لتساعد على ترتيب أفكار القارئ وتجميعها بحيث يتبلوَر فيها الغرض الأساس من المقال والثمار التي تُجنى من روضه، كما يمكنك استغلال الخاتمة في إضافة مجموعة من التوصيات التي ترى ضرورة الاهتمام بها، كما يمكنك أن تُفرِدَ للتوصيات فقرة تخصها . وبهذا تكون قد انتهيت من كتابة المقال .

4- مراجعة المقال

في هذه المرحلة يحرص الكاتب على مراجعة مقاله للتأكد من خلوه من الأخطاء والهفوات سواء أخطاء النحو أو الاملاء أو ركة السياق او الاستدلال وما إلى ذلك فليس المقصود التنقيب عن الاخطاء اللغوية فقط ، وإجمالاً هذه بعض الأمور التي يجب أن يتأكّد منها الكاتب في هذه المرحلة :
- خلو المقال من الأخطاء الاملائية والنحوية .
- التأكد من شرح وتوضيح جميع المصطلحات التي قد لا تكون واضحة عند الجمهور المخاطب .
- التأكد من ترابط فقرات المقال في سياق واحد بشكلٍ منطقي بحيث يقود السابق منها إلى اللاحق .
- التأكد من صحة نسبة الاقتباسات والآراء المذكورة في المقال مع توثيقها .
- التخلّص من الحشو الزائد بحذفه .
- استبدال الجمل والتعابير الركيكة بأخرى رصينة أي العمل على إعادة صياغة الفقرات التي تحتاج إلى ذلك .
- إضافة ما فاتك عند كتابة المقال إن وجدت ضرورة داعية إلى إضافته .
- وضع علامات الترقيم المهمة والتي قد تساعد القارئ على فهم المقال .
ويتم ذلك من خلال إعادة قراءة المقال 3 مرات أو أكثر .

رابعاً: نصائح عامّة حول كيفية كتابة مقال

1- احرص على الموضوعية في المناقشة واعتماد الحجج والتحليلات السليمة لتتمكن من ملامسة عقل القارئ وقلبه، فإذا ما شعر القارئ أنّ الكاتب يحاول التحايل عليه سيولِّد ذلك عنده نفوراً من نتيجة البحث في الغالب وإن كانت النتيجة صحيحة في نفسها .
2- من الأفضل أن تحدد إطاراً زمنياً تتفرغ فيه بشكلٍ كليٍ للكتابة، لأنّ تداخل الأعمال ينعكس سلباً على الجودة في نهاية المطاف.
3- يعتمد طول المقال على طبيعة الموضوع محلّ البحث وأسلوب الكاتب وطبيعة الجمهور المتلقي ولكن يمكن في الآونة الأخيرة ملاحظة وجود رغبة عارمة لدى أغلب الناس في المقالات القصيرة التي ربما لا تزيد على صفحتين (ما يقرب من 600 كلمة) ولأجل أن لا يكون هذا على حساب المادة العلميّة ينبغي مراعاة أمرين :
الأول: اختيار موضوع دقيق غير متشعب فمثلاً إذا أردنا الكتابة في موضوع فيه حيثيات كثيرة سنكتب عن كلّ حيثية من حيثياته على حدة بدلاً من جمعها كلّها في مقالٍ واحد.
والثاني: التمرّن على كيفية اهمال التفاصيل غير المهمّة والتركيز على النقاط المهمة فقط ، وبكلمة أخرى التمرن على كيفية الاختصار غير المخل، ولعلم البلاغة أكبر الأثر في هذا المجال.
4- إذا أردت الكتابة في موضوع علمي (تخصصي) يجب أن تتجنّب الكتابة في غير تخصصك إذ يتعذّر على غير المتخصص غالباً أن يجيد الكتابة في هذه المجالات، وإن كان ولابدّ فيجب أن تراجع شخصاً متخصصاً قبل الكتابة لفهم الموضوع ومن ثمّ تعرض عليه مقالك لتصحيحه قبل نشره .
5- لا تعتمد في مقالك إلا على المصادر الموثوقة، إذ بذلك تكون قد أنجزت واجبك بشكل أخلاقي و مهني من جهة وكسبت ثقة الجمهور من أخرى وجنّبتَ نفسك الافحام على يد من له إلمام بأطراف الموضوع من ثالثة .
6- لا تكتب لأجل أن يُقال عنك (كاتب) ففي هذه الحال كن واثقاً أنّك تضيّع وقتك ووقت قرائك، وإنما كرّس قلمك وجهدك لأجل تحقيق أهداف اجتماعية أو علمية أو ... فإن لم يكن لك هدف من هذا القبيل فحري بك أن تُشغِلَ وقتك في أمرٍ آخر.
7- احرص على أن تضع لمقالك عنواناً حاكياً عن مضمونه ومختصراً جداً بحيث يزوِّد القارئ بصورة أولية واقعيّة عن محتوى المقال، ويجب تجنب الحشو الزائد في العنوان، كما يجب الحرص على أن لا يكون العنوان يوحي بشيء لا يتضمّنه المقال .

لإرسال سؤالك اضغط هنا