القائمة الرئيسية

الصفحات

إضافات السيد هبة الدين الشهرستاني على علم العروض - ليث الكربلائي

 

إضافات السيد هبة الدين الشهرستاني على علم العروض - ليث الكربلائي

إضافات السيد هبة الدين الشهرستاني على علم العروض - ليث الكربلائي

صنّف السيد هبة الدين الشهرستاني (ت1386هـ) كتاب (رواشح الفيوض في علم العروض)* وله من العمر 21 سنة فقط! ومع ذلك يزخر كتابه بإضافات وابداعات لم يسبقه لها أحد.

وقد توزعت إضافاته على كلٍ من أقسام العروض الثلاثة كالآتي(1): 

أولاً: إضافاته على البحور

بعد ان حصر الخليل (ت175هـ) البحور بخمسة عشر بحرا فقط جاء بعده تلميذه الأخفش الأوسط (ت215هـ) ليضيف البحر السادس عشر، وكان بعد ذلك الصوت الأعلى لمن يرى الوقوف عند هذه البحور وتخطئة أي اضافة عليها، حتى ما أضافه بعض الشعراء في العصر العباسي كبحر (المُنْسَرِد) و (الموشحات) وغيرها من بحور نظم الاندلس حكم بتخطئتها اغلب علماء العروض وحاول بعضهم ارجاعها الى بحور الخليل وبأي حال فان الموقف العام أزاء أي إضافة كان هو رفضها وتعييبها.

أما السيد هبة الدين الشهرستاني فكان يرى ضرورة تطوير البحور بإضافة كل ما يناسب الذوق الموسيقي وذلك لأن العروض ليس من صنف العلوم الموقوفة على الدليل النقلي او العقلي او ما شابه ذلك وانما اعتمد الخليل في حصرها على استقراء أشعار العرب وهم قد نظموا وفق طبعهم واستلذاذ سمعهم، فالعروض كالموسيقى موقوف على الطبع والذوق فأيُّ مانعٍ بعد ذلك من ان نضيف بحورا يساعد عليها الطبع ويستحسنها الذوق العربي بذائقته المعاصرة؟.

بناء على ذلك ابتكر السيد الشهرستاني أربعة عشر بحرا جديدا مضافا الى البحور الستة عشر فيكون مجموعها عنده ثلاثين بحرا . 

والبحور التي ابتكرها توزّعت بواقع ثلاثة بحور مفردة (تتألف من تفعيلة واحدة مكررة) و أحد عشر بحرا مزدوجا (يتألف من أكثر من تفعيلة) وقد ضبط ميزان كلٍ منها ببيتٍ ومنحها أسامٍ تخصها، مثلا من المفردة بحرٌ سمَّاهُ (النادر) وهو تكرار (فَاْعِلُنْ) وضبط وزنه بقوله: 

" نَاْدِرٌ خَاْمِلُ ** فَاْعِلُنْ فَاْعِلُ" 

وهكذا ضبط سائر البحور التي ابتكرها وبما أنها مستحدثة فلن تجد نظما على وزنها و للاختصار سأكتفي هنا باختيار بحر منها ونظم بضعة أبيات على ميزانه وهو البحر الذي سمَّاهُ (المُقارَن) لتقارن المقرونين في ركنه وهو ناتج من مُكرَّرِ (مَفَاعِلُنْ) فضبط وزنه بقوله: 

(مُقَارَنٌ يُفَاضَلُ ** مَفَاعِلُن مَفَاعِلُ)

وقد خطر في الذهن بضعة أبيات على ميزانه لتكون تجربة تطبيقية(2):

على صدى غيابكَ | قلوبُنا تُكابرُ

نجالدُ المنيَّةَ  |  وما لنا مُناصرُ

وَبَوْحُنا مَدامعُ  | هَمُولةٌ بوادرُ

فصَدرُ البيت الأول يُكتب عروضيا هكذا: //0 //0 //0 //0 باحتساب فتحة الكاف ألفاً ساكنة وهو يماثل في الميزان (مَفَاعِلُن مَفَاعِلُ) باحتساب ضمة اللام نونا ساكنة ومثله عجز البيت و الأبيات ألأخرى .

ثانياً: إضافاته على أركان العروض. وتتمثل في مسألتين

1- تقسيم الوتد الى اربعة أقسام 

حيث قسَّم العروضيون السابقون على السيد هبة الدين الوتد الى قسمين فقط هما:

المجموع : وهو ما توالى فيه متحركان ثم ساكن كقولك (عَلَىْ) .

- المفروق حيث يتوسط الساكنُ المتحركين كقولك (مَاْتَ) .

وتفرَّد السيد الشهرستاني باضافة قسمين آخرين للوتد هما :

- (القويّ) وهو ما تحركت حروفه الثلاثة كلها كقولك (نَصَرَ) . 

- (الضعيف) وهو ما تحرك أوَّله فقط كقولك (نَصْرْ).

2- إنكار الفاصلة

 إذ بعد تقسيم الوتد الى الأقسام الأربعة السابقة لن يكون أي أثرٍ للفاصلة في تكوين تفعيلات البحور لأنَّ الفاصلة تتألف من السبب والوتد على هيئات مختلفة فكذلك تفعيلات البحور يمكن ارجاعها الى الأسباب والاوتاد من دون الحاجة الى الفاصلة .

ثالثا: إضافاته على مسائل الزحافات والعلل. 

وتتمثل في ثلاثة مسائل:

1- إلغاء تقسيمها الى زحافات وعلل إذ أطلق عليها جميعا (العلل) فهو يرى أن هذا التقسيم مجرد تكثيرٍ للمسائل لا دخل له في ضبطها مادامت جميع مسائل هذا الباب يصدق عليها أنها عوارض الأركان وسينتفع من الغاء هذا التقسيم في مسائل أخرى كما في النقطة التالية.

2- بعد إن نافت مسائل الزحافات والعلل عند غيره على اربع وعشرين مسألة ارجع السيد هبة الدين بعضها الى بعض واستثنى منها ما لا نفع فيه حتى ضبطها في ست مسائل فقط .

3- خالف مشهور العروضيين في قولهم باختصاص وقوع كل علة على الاركان التي سُمِعت معتلة بها فقط ، إذ ذهب السيد هبة الدين الشهرستاني الى جواز وقوع كل علة على اي تفعيلة بشرط موافقة الطبع واستحسان الذوق وعلةُ رأيه هذا ما سبق بيانه من أنه يرى العروض عِلْما مبنيا على مساعدة الطبع واستحسان الذوق لا انه سماعي .

___

طبع كتاب رواشح الفيوض في علم العروض للسيد هبة الدين الشهرستاني طبعة حجرية في عام 1326 في إيران وتتوفر من هذه الطبعة نسخة في مكتبة الإمام الحكيم (قدس سره) العامة في النجف الأشرف ، ومن ثم طبع بتحقيق الدكتور مضر سليمان الحلي في مجلة تراث كربلاء المحكمة / العدد 20 / السنة السادسة / المجلد السادس / العدد الثاني (20) / شهر رمضان المبارك / 1440هـ / حزيران / 2019م .

(1)قدَّمتُ إضافاته على البحور لأهميتها والا فالترتيب أن أذكر اضافاته على الأركان أولا ثم البحور فالزحافات والعلل .

(2) نظمتها على عجالة اثناء كتابة المقال مراعيا التفعيلة أكثر منه المعنى والصورة .

رابط قناتنا على التيليجرام

https://t.me/sadanajaf