مراجعة وتحميل كتاب هدية الملوك في السير والسلوك للمولى حسين بن علي الهمذاني النجفي |
عنوان الكتاب: هدية الملوك في السير والسلوك .
المؤلف: المولى حسين بن علي الهمذاني النجفي .
تحقيق: محمد علي فقيهي .
التصنيف: العرفان النظري .
عدد الصفحات: 48 .
كتب هذه المراجعة : ليث الكربلائي .
______________
أولا: عن المؤلف
السيد حسين بن علي بن أبي طالب الحسيني الهمداني النجفي رحمه الله
كان مؤلف هذا الكتاب معاصرا للشيخ آغا بُزرك الطهراني صاحب موسوعة الذريعة في تصانيف الشيعة ولم يذكر ارباب السير والتراجم شيئا عنه غير مؤلفاته التي ذكرها الشيخ الطهراني في موسوعته .
ومن مراجعة قائمة هذه المصنفات نلاحظ انه رحمه الله كان شديد الاهتمام بمسألة العرفان العملي بحيث جاءت اغلب مصنفاته في معالجة هذه المسألة .
وقد انتهى المصنف من هذا الكتاب بتاريخ 16 / صفر الخير /1358هـ .
ثانياً: عن الكتاب
هدية الملوك في السير والسلوك
لمدرسة العرفان مساحة نظرية تهتم ببيان الرؤية الكونية لهذه المدرسة وأخرى عملية تهتم بآلية تسليك النفس الى كمالها اللائق بها ،ولا شك ان قوام المساحة الأولى بالثانية فما يتشدق به بعض حفّاظ المتون في عصرنا وللأسف الشديد محض بهرجة زائفة لا قيمة لها بعد إن تم تجريدها عن بعدها العملي الذي يمثل حقيقة العرفان ولبه .
والرسالة التي بين أيدينا (هدية الملوك في السير والسلوك) عبارة عن توصيات كتبها مؤلفها تلبيةً لطلب من أحد مريديه بتدوين طريق مختصر يسلكه من أراد تهذيب نفسه وتكاملها .
الإقبال شرط أساس في السير والسلوك
بما أن الرسالة موجهة لمن أراد الشروع من أول الطريق بدأ المصنف ببيان الشروط الأساسية وربما البديهية لمن أراد ولوج هذا العالم وأهمها بل أساسها هو شرط (الإقبال) فبالإقبال الى الله تعالى في السر والعلانية يتجلى النور الرباني في العبد وبقدر ظهور ذلك النور فيه تنشق من أمامه ظلمات الأرض وتتفتح له أبواب العلم فإنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء .
وآية ذلك الإقبال أمران هما: الشوق والمحبة ،فهما يصرفان الذاكر عن كل ما سوى المحبوب وهذا هو الاقبال والذكر الحقيقي إذ (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) ،والسبيل الى تحصيل الشوق والمحبة دوام النظر في آيات الآفاق والأنفس ففي المأثور عن صادق أهل بيت العصمة عليهم السلام (من لم يتدبر لم يعرف) ،وفي المرتبة الثانية دوام الذكر ،فبه يلتهب القلب ويشتاق ومن ثم بذلك الشوق يشتد الإقبال في الذكر فالعلاقة بين المحبة والذكر جدلية تخادمية .
أذكار مهمة في بدايات السير والسلوك
إذا تحصلت على التوجه سيكون للأذكار فعلها المطلوب والذي يتأثر طردا بالتوجه والإقبال ،ويناسب هذه المرحلة من الأذكار كثرة الاستغفار والصلاة على النبي محمد وعلى آله ففي الروايات الصحيحة أن الله تعالى يصلي على من يصلي عليهم ولا معنى للصلاة من الله تعالى على العبد غير انزال الرحمة ومن نالته الرحمة والعناية الخاصة فقد أدرك المقصود وبلغ المأمول .
وأما ذكر الله بأسماءه الحسنى فهو الأمر الآخر الذي له تأثيره الخاص في تكامل النفس وقد قال تعالى (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) ،وهنا يتوقف المصنف عند نقطة مهمة وهي كيفية اختيار الاسماء التي تتناسب مع المقاصد المرجوة فإذا أردت صفاء القلب فعليك باسم (النور) ،وإذا اردت محبة الله فعليك بـ (الودود) ،وإن اردت استنارة القلب وجلاء الظلمات فعليك باسم (الحي) وهكذا سرد ما يناسب سائر الاسماء من المقاصد على انه ينبغي الالتفات الى ان الاسمين (الله) و (الحي) اسماء جامعة ليس لها نظير في التأثير .
أما العدد الخاص بكل واحد من هذه الأذكار فعلى أقل تقدير ينبغي المواظبة عليها بعدد حساب الابجد الكبير للاسم المختار وان كانت لك هِمَّة فضُمَّ إلى حساب الزبر حساب البيّنات وإن كان لك قلب فيمكنك مضاعفة ناتج الحساب الأخير بتربيعه او تكعيبه الى حيث شئت .
وأما من الأدعية فقد اختار المصنف لهذه المرحلة دعاءً جامعا رواه العلامة في البحار أوّله (أعددت لكل هول: "لا إله إلا الله" ولكل هم وغم: "ما شاء الله....) وهو دعاء معروف مشهور وطريقته ان تقرأه يوميا عشر مرات .
هذا ما اختاره المصنف وفي اعتقادي ان المهم في الأدعية ان تختار ما تتفاعل معه ،وإن كنت ذو همة وقلب فالله الله بالمناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين عليه السلام وكذلك دعاء ابي حمزة والمناجيات الخمس عشرة للامام السجاد عليه السلام ودعاء عرفة للامام الحسين عليه السلام ،اقرأها في كل الأوقات لاسيما الثلث الأخير من الليل ، وان اخترت المناجيات الخمس عشرة فاقرأها حسب ترتيبها المعروف ولا تخالفه ويكفيك التأمل في معانيها لتدرك السر في ذلك .
منهج للهيمنة على سلوك النفس وعاداتها
الذي ينبغي الالتفات له بعد ذلك ان التوجه المؤقت والأذكار لوحدها لا توصل للمقصود دون هيمنة الانسان على سلوكه بصورة عامة لذلك يحتاج السالك الى برنامج عام يضبط كل صغيرة وكبيرة في ليله ونهاره ولابد ان يرجع في هذا البرنامج الى النصوص الشرعية خشية الوقوع في مزالق الابتداع والعبثية ،وقد ورد في هذا الصدد عدة نصوص مطولة تفي بالغرض اختار منها المصنف وصية النبي صلى الله عليه وعلى آله لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليه المروية في البحار وقد سردها المصنف بتمامها وهي تفي بالغرض ولكن لايصح اهمال سائر النصوص لاسيما رواية عنوان البصري عن الامام الصادق عليه السلام المعروفة والتي كتب لها عدد من الافاضل شروحات خاصة وقد كان بعض الاساتذة في النجف يوصون طلابهم بحمل نسخة منها بشكل دائم لمراجعتها كلما تيسر ذلك ! .
أمور لابد منها للسالك
ثم عقد المصنف مطلبا أوجز فيه الأمور التي لا مندوحة منها للسالك وفي مقدمتها:
- الإخلاص فلا توجه بلا إخلاص وضد الإخلاص الرياء وهو أخطر آفة في هذا الطريق فالرياء شرك خفي وما أعظم المصيبة اذا كان طالب التوحيد متلبسا بالشرك من حيث لا يشعر !! .
- المواظبة على النوافل الراتبة اليومية المذكورة في كتب الفقه (راجعها مثلا في منهاج الصالحين للسيد السيستاني ج1 ،كتاب الصلاة ،ص154) وكذلك المواظبة على صلاة الليل .
- المواظبة على الدعاء والتضرع والبكاء في الثلث الأخير من الليل لا سيما في قنوت الوتر .
- المواظبة على ذكر الله تعالى في كل حال في ليل او في نهار في حضر او في سفر قائما أو قاعدا ... يقول الله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (*) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ) .وقد ذكر المصنف هنا مجموعة من الأذكار اليومية والاسبوعية التي للسالك ان يلتزم بها او بما يناسبه منها على تفصيل قد سبق ذكره .
- المواظبة على الأذكار والختومات الأربعينية ،ففي الحديث الشريف (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) وذكر المصنف هنا ايضا جملة من الأربعينيات التي اختارها وفق رؤيته ونكرر التنبيه على ان بعض الاذكار والختومات الواردة في هذا الكتاب غير متعينة في نفسها انما يمكنك الاختيار منها ومما لم يذكره المصنف وذلك حسب همتك ومقصودك .
خاتمة في الصلاة
وكانت خاتمة الكتاب مِسْكا حقا ،إذ توقف المصنف عند الصلاة التي هي المعراج الحقيقي ،فذكر بعض شروطها وأدعيتها وأذكارها ولا شك أن شرطها الاساس هو الاقبال والتوجه والاخلاص والانقطاع الى الله تعالى ،وقد نُقل عن كثير من اساتذة السير والسلوك ان المواظبة على اداء الفرائض اليومية بهذه الشروط لوحدها كفيلة بفتح كثير من الأبواب الموصدة .
وختاما اسأل العلي الأعلى ان يعينني واياكم على انفسنا فتلك غاية لا تدرك الا بعناية منه جل جلاله .
تحميل كتاب هدية الملوك في السير والسلوك للمولى حسين بن علي الهمذاني النجفي بصيغة pdf
لتحميل الكتاب إضغط هنا
ليصلك جديد المدونة اشترك في قناتنا على التيليجرام
https://t.me/sadanajaf