القائمة الرئيسية

الصفحات

الفوائد العلمية للروايات والأحاديث الضعيفة

 

فوائد الحديث ضعيف السند

الفوائد التي تترتب على الأحاديث ضعيفة السند

من دروس الاستاذ السيّد محمّد جواد الشبيريّ الزنجاني، بقلم بعض تلامذته.

هناك فوائد عديدة تترتب على الحديث ضعيف السند عدا النظر لمضمون الحديث حيث يتبيّن أحياناً أنه صادر عن المعصوم عليه السلام،(1) وسنشير إلى بعض هذه الفوائد:

أوّلاً: حصول الاطمئنان بصدور الحديث من حيث ضمّه لأحاديث [أخرى] ضعيفة السند

أحياناً بضم الأسانيد الضعيفة لحديث صحيح السند، بل بضمّ نفس الأحاديث الضعيفة السند يحصل قطع بصدور الحديث.

فإذا كانت الأحاديث كلّها ضعيفة السند تظهر فائدة هذا القطع والاطمئنان. لكن على فرض صحة بعض الأسانيد والقول باعتبار الحديث صحيح السند (لا الموثوق به) أيضاً في المقام الذي تكون تلك الأحاديث متعارضة لذلك تأثير.

كمثال: في سبب قتل الطفل وردت روايات عديدة (2) بعض الفقهاء ذكروا أن الحديث الوارد في هذه المسألة ضعيف أو فيه جهالة [مجاهيل]، ولكن آية الله الخوئي بواسطة تصحيحه لبعض أسانيد هذا الحديث، يرى الأخذ بهذا الحديث متعيّناً (مباني تكلمة المنهاج ج42 من الموسوعة، ص277) لكن يمكن أن يقال: وإن كانت بعض أسانيد هذا الحديث محلّ تأمل وبحث طويل، لكن بملاحظة تعدد الطرق، يحصل ذلك الاطمئنان(3).

ثانياً: كشف قيود وجزئيات الأحاديث المعتبرة

في [مقالة] سابقة طُرح أنّه لمسألة ملاحظة وحدة وتعدد الأحاديث تأثير كبير في طريقة الاستنباط، في هذه المسألة من الممكن أحياناً أن لا يتسبب ضعف بعض الأسانيد [للرواية] باختلال. 

كمثال: لو نقل حديثٌ بطريق صحيح، وكان كلام ذلك الإمام عليه السلام فيه قيد زائد نقل من طريق آخر ضعيف، ولم يكن هناك داعياً عقلائياً لإضافة ذلك القيد، فتجري تلك المسائل [المتعلقة] ببحث وحدة الروايات؛ لأنّ أصل عدم الخطأ ليس أصلاً مختصّاً بالثقات، نعم لو احتمل عقلائياً تعمّد زيادة تلك الزيادة فلن يجري هذا البيان.

كمثال: لما يحتمل انتفاء تعمّد الزيادة، يمكن الاشارة لحديث "لا ضرر ولا ضرار" حيث أتي بزيادة "على مؤمن" أو "في الإسلام" في بعض النقول، وهو محلّ تأمل(4).

ثالثاً: كشف معاني اللغات [المفردات]

التتبع مؤثّر جداً في موارد استعمال [المفردة]، لكن هل يمكننا أن نستفيد من الأحاديث ضعيفة السند في هذا المجال؟

للإجابة على هذا السؤال يلزم أن نلاحظ منشأ ضعف سند الحديث.

كمثال: ممكن أن يكون منشأ ضعف السند منحصراً في الراوي [المباشر] عن الإمام عليه السلام ويكون كل الأفراد بعد هذا الراوي ثقات. في هذه الصورة وإن لم يتيسر لنا الاعتماد على نقل هذا الراوي الضعيف عن الإمام عليه السلام، لكن هذا الحديث بهذا السند يدلّ على استعمال [اللفظ] في الطبقات الأولى ويمكننا الاستفادة في كشف معنى المفردة في ذلك العصر(5).

رابعاً: إحراز كون المسألة محل بحث في العصور [الطبقات] المتقدمة

بلحاظ البيان الآنف في الفائدة السابقة، أحياناً بواسطة الأحاديث ضعيفة السند يمكننا أن نحرز أنّ المسألة المطروحة في تلك الأحاديث كانت محل بحث في القرن الأول أو الثاني مثلاً، لكن ما فائدة هكذا إحراز؟

في وجه حجية الإجماع طرحت أقوال مختلفة، المبنى المختار هو اتّفاق الفقهاء المعاصرين للمعصومين عليهم السلام؛ إذ من جهة إقرار المعصوم يكشف عن صحة فتواهم، على هذا المبنى كون الإجماع مدركياً في نفسه غير مخلّ، لكن في موارد كثيرة هناك مانع من إحراز اتّصال الفتاوى بعصر الأئمة السابقين عليهم السلام، لكن بوجود القرائن يمكن إحراز الاتصال مع وجود المدرك، إحدى تلك القرائن هي وجود تلك المسألة في زمان الأئمة السابقين عليهم السلام وعدم نقل الخلاف، وكما مرّ، أحياناً بواسطة الأحاديث الضعيفة يمكن إحراز وجود تلك المسألة في ذلك العصر. (6) (7).

__________

الهوامش:

1- حول هذا المنهج هناك نكات أخرى مطروحة في محلّها.

2- المحاسن، ج۲، ص۳۰۵؛ الكافي، ج‏۷، ص۳۷۰؛ من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص۱۶۰؛ تهذيب الأحكام، ج‏۱۰، ص۲۲۲.

3- راجع درس خارج فقه جلسه مورخ ۹۵/۱۰/۴؛ طبعاً ليس الملاك محض وجود الأسانيد المختلفة و يلزم ملاحظة مصادر الحديث أيضاً، في السابق كانت تدوينات عن ثمرات تخريج الأحاديث، طبعاً في بعض المواضع وجود حديث نقل من طرق ضعيفة فقط هذه المسألة بحد ذاتها تعد نقطة ضعف. راجع: درس خارج فقه جلسه مورخ ۹۵/۱۲/۷.

4- مأخوذ من درس خارج الفقه بتاريخ ۹۵/۱۱/۴.

5- راجع درس خارج الفقه ۹۵/۸/۱۶ (تطبیق المبحث المذکور في معنى مفردة العمد و الخطأ و تحقيق رأي المرحوم اللاري فيه).

6- في مورد وجه حجية الإجماع راجع درس خارج الفقه بتاريخ ۹۵/۱۰/۱۹ ، ولمراجعة المثال المذكور في الفائدة يراجع درس خارج الفقه المؤرخ ۹۶/۲/۲۳.

7- الفوائد المذكورة هي فوائد في مجال الفقه؛ وفي المسائل الاعتقادية أيضاً هناك فوائد وثمرات أخرى للأحادیث الضعیفة السند (غیر ما ذکر) ولها ثمرات مهمة، وللمتأمل فيها الالتفات لبعض المطالب التي لا يمكن للشخص بنفسه أن يلتفت لها وعلى ما يقوله بعض أساتذة هذا الفن، أحياناً حديث ضعيف السند أكثر فائدة من عدة كتب في المعقول وبعض الأعاظم كان يرى الحديث ضعيف السند أعلى من شقّ القمر.

النكتة الأخرى في هذا الباب هو تفاوت الحديث ضعيف السند مع الحديث الموضوع كلياً، فإحراز كون الحديث موضوعاً أمر في غاية الإشكال حتى في موارد روايات الرواة الكذّابين أيضاً لا يمكن الحكم بسهولة على كون الحديث موضوعاً. فالكذاب عليه أن يروي 90% من الروايات الصحيحة حتى يستطيع أن يصل لغايته في ال 10%. لذا روايات الرواة الكذابين في كثير من الموارد صحيحة، (راجع درس خارج الفقه جلسة بتاريخ ۹۵/۹/۱۶). 

وفي الحكم بوضعها يلزم التوقف كثيراً، وفي روايات متعددة ورد تحذير شديد في طرح أو إنكار الروايات المنسوبة للأئمة عليهم السلام. كمثال روي بسند صحیح عن الإمام الباقر علیه السلام أنّه قال:

《وَ اللَّهِ إِنَّ أَحَبَ‏ أَصْحَابِي‏ إِلَيَّ أَوْرَعُهُمْ وَ أَفْقَهُهُمْ وَ أَكْتَمُهُمْ لِحَدِيثِنَا وَ إِنَّ أَسْوَأَهُمْ عِنْدِي حَالًا وَ أَمْقَتَهُمْ لَلَّذِي إِذَا سَمِعَ الْحَدِيثَ يُنْسَبُ إِلَيْنَا وَ يُرْوَى عَنَّا فَلَمْ يَقْبَلْهُ اشْمَأَزَّ مِنْهُ وَ جَحَدَهُ وَ كَفَّرَ مَنْ دَانَ بِهِ وَ هُوَ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْحَدِيثَ مِنْ عِنْدِنَا خَرَجَ وَ إِلَيْنَا أُسْنِدَ فَيَكُونُ بِذَلِكَ خَارِجاً عَنْ وَلَايَتِنَا》 (الکافي، ج۲، ص۲۲۳).

أيضا راجع بصائر الدرجات، ص۵۳۷، باب فيمن لا يعرف الحديث فرده، الحدیث الرابع: 《...وَ لَا تَقُلْ لِمَا بَلَغَكَ عَنَّا أَوْ نُسِبَ إِلَيْنَا هَذَا بَاطِلٌ وَ إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ خِلَافَهُ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي لِمَ قُلْنَا وَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَ صِفَةٍ》، و الحدیث الخامس: 《...لَا تُكَذِّبُوا بِحَدِيثٍ أَتَاكُمْ أَحَدٌ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّهُ مِنَ الْحَقِّ فَتُكَذِّبُوا اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ》، و راجع بحار الانوار، ج۲، ص۱۸۲، باب أن حديثهم علیهم السلام صعب مستصعب و أن كلامهم ذو وجوه كثيرة و فضل التدبر في أخبارهم و التسليم لهم و النهي عن رد أخبارهم‏.

مترجم بواسطة الشيخ محمد القمي بتصرّف.

أصلحه الأخ الشيخ مهدي ملا يوسف