القائمة الرئيسية

الصفحات

فلسفة السؤال وأهميته في أحاديث النبي وأهل البيت صلوات الله عليهم

 

فلسفة السؤال وقيمته

أهميّة السؤال في تطوّر العلوم

لا يمكن لأيّ علمٍ أن يتقدّم ما لم تكن هناك أسئلة حائرة تطلب الجواب طلباً حثيثاً، لذا من الخطأ التعامل مع الأسئلة والإشكالات على أنّها حالة سلبية بل هي إيجابية ضمن شروط ومحددات معيّنة، وفي صفحات التاريخ تجارب كثيرة تشهد على صحة هذه الدعوى منها مثلاً انتعاش الفلسفة في ضوء إشكالات وأسئلة الفخر الرازي التي يبدو أنّها كانت تستهدف هدم البنية الفلسفية القائمة آنذاك غير أنّ النتيجة جاءت مقلوبة تماماً حيث حفّزت تلك الأسئلة عقول الفلاسفة ليضعوا بين أيدينا نتاجا فلسفيا أكثر تطوراً ورصانة .

وأيضاً الإنسان الذي يستنكف السؤال لا ينفكّ غارقاً في بئر الجهل المركب شاء ذلك أم أبى.

توظيف السؤال بشكل سلبي

ولكن مشكلة السؤال نفسه أنّه كما يمكن أن يكون أداة للتقدّم يمكنه أن يصبح معولاً للهدم في حالات كثيرة منها مثلاً:

1- كثرة الأسئلة المبنية على مقدمات خاطئة يمكنها صناعة أجواء تأخذ تلك المقدمات على أنّها مفروغ منها، لذا أحيانا قبل الإجابة على السؤال ينبغي مناقشة أصل المقدمات التي نتج عنها فربما يكون سؤالا مغلوطاً في نفسه.

2- التدليس في السؤال هو الآخر يصنع ضبابية عند المتلقي يكون مردودها السلبي يفوق المردود الإيجابي 

وفي هذا الصدد وردت عدة روايات عن النبي وأهل بيته

أهمية السؤال وفلسفته في أحاديث النبي والأئمة صلوات الله عليهم

1- عن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: قال النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله): " العلم خزائن ومفاتحه السؤال ،فاسألوا يرحمكم الله فإنه يوجر أربعة : السائل ، والمعلم ، والمستمع ، والمحب لهم ". المصدر: بحار الأنوار: 10/368.

2- وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: " حسن المسألة نصف العلم" تحف العقول: 56.

3- وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: " القلوب أقفال مفاتحها السؤال " المصدر: غرر الحكم:1426.

4- وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: " إذا سألت فاسأل تفقها ولا تسأل تعنتا فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم ، وإن العالم المتعسف شبيه بالجاهل " المصدر: ميزان الحكمة: 2/1216.

5- وعن الإمام علي (عليه السلام) أيضاً قال: " سل عما لابد لك من علمه ولا تعذر في جهله " غرر الحكم: 5595.

وناهيك عن هذا الحديث الشريف في أجر وأهميّة السؤال والجواب:

حضرت امرأة عند فاطمة الصدّيقة (عليها السلام) فقالت: إنّ لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك أسألك؟ فأجابتها عن ذلك، فثنّت فأجابت، ثمّ ثلّثت فأجابت إلى أن عشّرت فأجابت، ثمّ خجلت من الكثرة وقالت: لا أشقّ عليكِ يا بنت رسول الله، قالت فاطمة (عليها السلام): هاتي سلي عمّـا بدا لكِ، أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، وكراه مائة ألف دينار أيثقل عليه ذلك؟ فقالت: لا، فقالت: اكريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً، فأحرى ألاّ يثقل عليّ، سمعت أبي (صلى الله عليه وآله يقول: (إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله، حتّى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلّة من نور)

فطلباً للعلم، ولكي لا نهلك علينا أن نسأل. ولكن ماذا نسأل؟ وبأيّ مقدار؟

ورد في الخبر الشريف: سل عن اُمور دينك حتّى يقال عنك مجنون، وهذا كناية عن كثرة السؤال، وقال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): (سل عمّـا لا بدّ لك من علمه ولا تُعذر في جهله)

أي العلم الذي ينفع من علمه، ويضرّ من جهله، وهو علم العقائد الصحيحة والفقه السليم والأخلاق الطيّبة، بدليل الحديث النبويّ الشريف:

دخل رسول الله المسجد، فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علاّمة. قال: وما العلاّمة؟ قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأ يّام الجاهلية وبالأشعار والعربية. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (ذاك علمٌ لا يضرّ من جهله، ولا ينفع من علمه، إنّما العلم ثلاثة: آيةٌ محكمة، أو فريضةٌ عادلة، أو سنّة قائمة، وما خلاهنّ فهو فضل)

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: عليكم بالتفقّه في دين الله تعالى، ولا تكونوا أعراباً ـ أي لا تكونوا كالأعراب جاهلين بالدين غير متعلّمين، غافلين عن أحكامه، معرضين عنها وعن تعلّمها ـ فإنّ من لم يتفقّه في دين الله تعالى لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولم يزك له عملا)

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه قال: (أ يّها الناس، اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إنّ المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم، وقد ضمنه وسيَفي لكم، والعلم مخزون عند أهله وقد اُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه)