القائمة الرئيسية

الصفحات

كيفية تعزيز وتنمية ثقافة البحث العلمي في الجامعات في الدول النامية

 يُعدّ البحث العلمي من أهمّ سمات العصر التي بها يقاس مدى تطور المجتمعات والدول وباتت هذه المفردة تحظى بأهمية بالغة وتداول دائم في أروقة جميع الجامعات العالمية في رسمها لرؤيتها للمستقبل وقد تمّ افتتاح مساقات وفروع بحثية متخصصة ببحث سبل تطوير وتعزيز ثقافة البحث العلمي ، ولأسباب من هذا القبيل تحرص بعض الجامعات ولاسيّما في أفريقيا والدول النامية على التعاون مع باحثين دوليين من أجل المنفعة المتبادلة .

تنمية ثقافة البحث العلمي في الجامعات

ولكن في الوقت ذاته صار الحديث عن تطوير البحث العلمي في الرؤى المستقبلية لكثير من جامعات المنطقة مجرد حبر على ورق إذ لا تسعى تلك الجامعات إلى تطبيق الرؤى التقدمية على أرض الواقع في مجال البحث العلمي .

فالمراقبة المستمرة للثقافة التنظيمية في تلك الجامعات في الغالب لا تؤشر على تقدّم ملحوظ من هذه الزاوية ، إذ تشير الملاحظات إلى أنّ أغلب هذه الجامعات لا تملك ثقافة البحث العلمي وأدواته المتطورة فهي في الغالب تملك ثقافة بحثية ضعيفة وبعضها ليس لديه ثقافة بحث علمي على الإطلاق ، فكلّ ما يجري في أروقتها هو التدريس بطريقة التلقين فحسب على الرغم من أنّهم يزعمون أنّهم يمارسون عملية تعليم هادفٍ و موجَّهٍ نحو البحث العلمي !

لذا بات من حقنا أن نشكّ في جديّة هذه الجامعات في السعي الى تحقيق التميّز البحثي لتكون في مصاف الجامعات العالمية أو تساهم في تطوير بلدانها على أقلّ تقدير لأنّ هذا شبه متعذر دون وجود ثقافة البحث العلمي الجاد والنزيه .

لماذا ثقافة البحث العلمي مهمة ؟

إنّ الجامعات في أي دولة يمكنها أن تقدّم مساهمة كبيرة وفاعلة في تنمية بلدانها من خلال أنشطتها البحثية الهادفة ومن هنا يمكننا أن نعرف مدى أهمية إشاعة هذه الثقافة ، إذ أنّ الجامعات التي تعزز ثقافة البحث العلمي تعود على البلد بل على العالم بفوائد جمّة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، مما يقود الى تحسين الظروف الحياتية عامّة في تلك الدولة ، ولا سيمّا في الدول النامية التي هي في الغالب تعاني من وطأة تاريخ استعماري مظلم نَهَبت فيه الدول الغربية خيراتها وثرواتها وأماتت تقدمها العلمي إذ لا يزال هذا الماضي التعيس يطارد ويخيّم بظلاله على الدول النامية ممّا يعني أنها بحاجة ماسة إلى مجتمع كبير من العلماء والمثقفين الذين تتمثل اهتماماتهم في استعادة أمجاد دولهم ومجتمعاتهم وتحقيق الرفاهية المناسبة لها من دون الذوبان في الغرب وثقافته المتسيّبة ، وكيف كان فإنّ التركيز على ثقافة البحث العلمي هو الطريق المضمون في خلق مثل هذه الطبقة من العلماء والمثقفين .

أضف إلى ذلك أنّ البحث العلمي يُعدّ محركاً رئيساً للابتكار الاجتماعي والاقتصادي من حيث أنّه يُنتِج معارف ومهارات ومواقف وتقنيات جديدة ضرورية للنمو الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بصورة عامة فضلاً عن نمو المجال التكنولوجي ، وتحتاج دول منطقتنا إلى هذه السمة بشكل كبير من أجل مواكبة العالم المتقدّم بحثياً وتكنولوجياً فضلاً عن كونها بالدرجة الأساس تساهم وبشكلٍ فاعل في تحسين الظروف المعيشية لسكانها الآخذين في الازدياد ولا سيّما شريحة الشباب .

هذا فضلاً عن وجود رابط وثيق بين تطور البحث العلمي وتطور الوضع السياسي نحو الأفضل ـ إذ بدون الأنشطة البحثية التي تتناسب ومشاكل الدولة لن تجد الدولة حلولاً فعالة لمشاكلها المحليّة في مجالات البيئة والنظام السياسي والتعليم والصحة والإسكان والزراعة والبنية التحتية التكنولوجية وغيرها .

وفي ظل هذه الحاجة الماسة نجد أنّ دول منطقتنا والمعروفة باسم الدول النامية تواصل سياسة مغلوطة قائمة على أساس استيراد واستهلاك المعرفة البحثيّة وبشكلٍ كبير من الدول الغربية في حين أنّ مثل هذه البحوث المستوردة حتى وإن افترضنا أنها ممتازة لكنها غير فعّالة في معالجة المشاكل الخاصة بدولنا لأنّها أبحاث موجهّة للعناية بمشاكل دول الغرب وشعوبها وثقافاتها وغير معنية بمجتمعاتنا وظروفنا وثقافتنا ، لهذا السبب تحتاج جامعاتنا الى تعزيز ثقافة البحث العلمي من أجل زيادة انتاجها البحثي الموجه صوب مشاكلنا المحلية الخاصة والمتناسب مع ثقافة مجتمعنا وقيمنا .

وفي الواقع إنّ اعتماد بعض جامعاتنا على الوجبات البحثية الجاهزة المستوردة على عللها من الغرب أدى الى انقسام اجتماعي زاد من تعقيد مشاكلنا بدلاً من حلّها إذ تجد الوسط الثقافي منقسماً بين من يجتر مقولات الغرب التي لا تناسب مجتمعنا ممّا يجعله منطويا على نفسه في برجه العاجي وبين من يحمل المعرفة الأصيلة التي تناسب المجتمع لكنّه بحاجة الى تطوير أدواته ومعرفته نظرا لعدم عناية المؤسسات التعليمية بذلك عناية جيدة ، بل الأكثر من ذلك تعمل بعض المؤسسات المستفيدة من الغرب على تهميش الثقافة الأصلية المحلية ولا سيّما في مجالات الدين ، الأسرة ، التجارة ، وغيرها .

من هنا يمكن القول أنّ تعزيز ثقافة البحث العلمي في جامعاتنا يجب أن يقوم أولاً وقبل كلّ شيء على أساس سدّ الفجوة والهوّة الكبيرة بين هذين النمطين او الشكلين وذلك بالرجوع الى المعرفة المحلية الأصيلة التي تناسب مجتمعنا والعمل على تهذيبها وتطويرها والانطلاق منها في التأسيس لنهضة بحثية علمية تجعل الجامعة أكثر صلة بالمجتمع بدلا من محاولة استيراد المعرفة الغربية للجامعة مما يجعلها منعزلة عن المجتمع .

وبشكل عام تكمن أهميّة تعزيز ثقافة البحث العلمي في دولنا الإسلامية في أنّ هذه الدول باتت تواجه تحديات كبيرة في تنمية مختلف القطاعات تتطلب مواجهتها وحلّها تنمية ثقافة البحث العلمي في الجامعات المحلية مع وجود أنشطة بحثية موجهّة بدلا من الاعتماد الكلي على اجترار أبحاث غربية لا تناسب مشاكلنا الاجتماعية في الغالب .

ما هي ثقافة البحث العلمي ؟

 هناك نقص في الأدبيات حول ماهية وحقيقة ثقافة البحث العلمي في التعليم العالي ، ومع ذلك فإن التعريف القائل بأنّها : " القيم المشتركة والافتراضات والمعتقدات والطقوس وغيرها من أشكال السلوك التي ينصب تركيزها الأساسي على القبول والاعتراف بممارسة البحث ومخرجاته كنشاط قيّم وبارز وجدير بالاهتمام " يعدّ من أفضل التعاريف المتداولة لثقافة البحث العلمي .

وتوضيح ذلك أنّ ثقافة البحث العلمي تركز على تنمية روح البحث في المؤسسة التعليمية وتلعب الثقافة البحثية دوراً مهماً عندما يتعلق الأمر بتوجيهات وإجراءات أعضاء المؤسسات التعليمية الذين يشاركون او يفكرون في المشاركة في أنشطة البحث العلمي .

ومن ثمّ أضف إلى ذلك أنّ الباحثين في هذا المجال يُجمعون على أنّ ثقافة البحث العلمي لا تُبنى على مشروعٍ يأتي دفعة واحدة وإنما هي نتاج سلسلة متدرجة من المشاريع والسياسات التي تهدف إلى جعل ممارسة البحث والمخرجات قِيمة راسخة بل تجعلها عقيدة وعنصراً أساسا في تركيبة المؤسسة تجري في عروق أعضاءها وتكمن وراء إجراءاتها وقوانينها .

وثمة بعض الباحثين يؤيد في هذا المجال فكرة أنّ المؤسسة التعليمية بحاجة إلى خمس لبنات أساسيّة لتعزيز ثقافة البحث العلمي هي : 

1- بناء القدرات .

2- بناء البنية التحتية 

3- القيادة 

4- التمويل

5- التعاون

وتعدّ القيادة أهم عنصر من بين هذه العناصر الخمسة لأنّ العناصر الأربعة الأخرى تعتمد على القيادة بشكل كبير ، فعلى سبيل المثال يتضمن عنصر التعاون – وهو عنصر أساس في ثقافة البحث العلمي – الجمع بين الأقسام والكليات والمدارس معاً للقيام بالبحث العلمي ، وبناءً على ذلك يتطلب التعاون اتخاذ القرارات التشاركية وبناء العلاقات والتواصل وتبادل المعلومات وروح الفريق وكلّ هذه تقع ضمن اختصاص القيادة ويتوقف نجاحها الى حد كبير على خبرة القيادة وحنكتها واخلاصها .

وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى أنّ ثقافة البحث العلمي هي في الواقع ثقافة فرعية لثقافة تنظيمية شاملة مبنية على أساس القيم والمعتقدات والافتراضات المشتركة والشعور بكيفية تصرف الناس تجاه بعضهم البعض ، وكيفية اتخاذ القرارات وكيفية تنفيذ أنشطة العمل ، وفي أحيان كثيرة يتم تدوين الثقافة التنظيمية في شكل بيانات كما يلي : المهمة ، الرؤية ، الخطط الاستراتيجية ، وسياسات الموارد البشرية ، وفي بعض الأحيان تكون غير مكتوبة .

عنصر القيادة المؤسسية في الجامعات

يتألف هرم القيادة المؤسسية الرسمية في الجامعات من رئيس الجامعة ، ونائب (معاون) رئيس الجامعة ، وعمداء الكليات ، ورؤساء الأقسام ، ومديري البرامج ، ومدير قسم التسجيل ، وفوق كلّ هؤلاء وزارة التعليم العالي في أغلب دولنا ، ولاشكّ في أنّ هؤلاء الأشخاص في المناصب العليا للمؤسسة يتمتعون بسلطات متفاوتة حسب طبيعة منصب كل واحد منهم ، لكنّ القيادة من حيث البحث العلمي يمكن أن تنبع أيضا من رتبة المحاضرين والأساتذة القادرين على ممارسة تأثير اجتماعي كبير على الزملاء بشكل فردي أو جماعي .

وفي الواقع ثمة شيء آخر ينبغي الالتفات له وهو أنّ القيادة المؤسسية ولا سيّما عندما يتعلق الأمر بتعزيز ثقافة علمية ليست بالضرورة أن تكون ظاهرة متسلسلة تنبثق من أعلى إلى أسفل ( هرميّة ) فالقيادة بهذا المعنى هي العملية الاجتماعية لتوجيه الناس والتأثير عليهم نحو تحقيق أهداف محددة .

ومن ثمّ إنّ عملية جعل أصحاب المصلحة المؤسسين يقبلون ويستوعبون معايير البحث العلمي وممارساته ومخرجاته كنشاط قيّم وجدير بالاهتمام ومستمر يمثّل تحدياً كبيرا للقيادة المؤسسية ، إذ أنّه يتطلب مهارات متعددة مثل صياغة الرؤية ، والتواصل المتكرر ، والاستماع التعاطفي المتعاون ، والفهم الحدسي للدوافع البشرية ، والاستشراف للمستقبل ، والمثابرة في سبيل تحقيق الأهداف ، والقدرة على تكوين العلاقات الفعالة فضلاً عن التخطيط .

ومن هنا أمكن القول أنّ القيادة المؤسسية غير الفعالة تؤدي بالضرورة إلى الإضرار بتنمية ثقافة البحث العلمي في الجامعات عموما وهذا واضح بشكل جلي في جامعات دولنا ( الدول النامية ) فعلى سبيل المثال : أطلق نائب رئيس جامعة عامّة صغيرة في غرب إفريقيا مجلة على الإنترنت بهدف نشر الأبحاث والمقالات العلمية في مجال تطوير الطاقة وإدارتها ، ولكن بعد نشر بضعة مقالات في المجلد الأوّل تضائل الحماس للمجلّة ويرجع ذلك أساساً إلى أنّ محرر المجلّة لم يتمكن من الحصول على عدد كافٍ من المشاركات ، بل حتى الحصول على المراجعين كان يمثل مشكلة كبيرة للمحرر .

وهذا أمر كان يمكن التنبؤ به ، بمعنى أنّ العناصر الأخرى لثقافة البحث لم يتمّ تطويرها في تلك الجامعة ، فعلى سبيل المثال من المؤكد أن أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعة لم يتلقى أغلبهم أيّ تدريب رسمي في مجال البحث العلمي ولم تكن هناك محاولة عامّة لشرح أهميّة الكتابة وتحفيزهم عليها وهذه خطوة كان يجب أن تسبق مرحلة إطلاق المجلّة ، وبالإضافة إلى ذلك لم تضع الجامعة أيّ حوافز رمزية أو نقدية لتشجيع الممارسة البحثية والمخرجات العلمية ، والأهم من ذلك أنّ الجامعة لم تشجع التعاون بين الباحثين داخل وخارج الجامعة ، ولم تصمم قيادة المؤسسة نموذجاً لما قد تبدو عليه ثقافة البحث .

وهذا أمر عام في أفريقيا وبعض دول آسيا إذ في معظم السياقات يصعب على قادة المؤسسات الترويج لثقافة البحث العلمي إذا لم يكونوا هم أنفسهم باحثين ففي الغالب يتم تقاسم هذه المناصب بين طبقات سياسية بعيدة عن هذا المجال ، في حين إنّ فريق قيادة هذه المؤسسات يجب أن يأخذ على عاتقه مسؤولية خلق وتحشيد الموارد اللازمة للبحث العلمي بالإضافة إلى حشد الإرادة السياسية اللازمة لتطوير قدرة البحث المؤسسي .

وأيضاً يقع على عاتق القيادة العمل على تطوير القدرات البحثيّة فهذه العملية جزء لا غنى عنه في تنمية ثقافة البحث العلمي ، وهي تشمل : توفير المزيد من دورات التدريب للباحثين المحتملين والنشطين داخل الجامعة ، و توفير ما يلزم لكبار الباحثين ليشرفوا على توجيه وتدريب الباحثين المبتدئين هذا فضلاً عن توفير البنية التحتية البحثية كالمختبرات والمعدات والمكتبات والأنظمة الفعالة لتخزين المعلومات واسترجاعها واستخدامها ، كما يستلزم ذلك الضغط على الحكومات من أجل الحصول على المزيد من التمويل الحكومي فضلاً عن الاستفادة من مصادر التمويل الخاصة المحلية والدولية على حدٍ سواء .

وبالإضافة إلى ذلك يجب على القيادة المؤسسية في مؤسسات التعليم العالي العمل على تطوير السياسات والإرشادات والمبادرات ذات الصلة التي تدعم نجاح الباحثين في جميع مراحل حياتهم المهنية ، ومنها على سبيل المثال : تقليل عبء العمل على أعضاء هيئة التدريس المشاركين في البحث العلمي ، ويجب أن تنتهز قيادة المؤسسة التعليمية أيضا أدنى الفرص لزيادة الوعي بأهمية البحث وممارسته وقيمته لأعضاء هيئة التدريس والمدرسين والمجتمعات و المسؤولين الحكوميين من خلال الاتصالات الشفوية والرقمية والمكتوبة وتعمل على خلق تحالفات تتفهم ذلك وتلتزم بتحقيقه .

كما يجب الحرص على تنمية وإشاعة المبادرات التي تصب في مجال تنمية ثقافة البحث العلمي مثل : مؤتمرات أبحاث الخريجين حيث يمكن لطلاب الدراسات العليا تقديم نتائج أبحاثهم الخاصّة ، وندوات بحثية لكلٍ من الطلاب والكليات ، وجوائز البحث التي تكافئ التميز فهي أيضا مهمة لتعزيز ثقافة البحث العلمي في الجامعة .

تدريس مهارات البحث لتعزيز ثقافة البحث العلمي

إنّ ثقافة البحث العلمي في الجامعة تعني أنّ الطلاب في مستوى البكالوريوس والماجستير يفهمون نظريات البحث وممارساته ، فعلى مستوى درجة البكالوريوس يجب على الطلاب مثلاً دراسة طبيعة الأدلّة ، وتحليل تلك الأدلة ، وتلخيص المقالات أو فصول الكتب ، وممارسة كيفية التخريج والإحالة الى مؤلفي المستندات الرقمية والمواقع الإلكترونية والصحف والمجلّات والمجلات الأكاديمية من خلال الاقتباسات المباشرة وغير المباشرة ، وعلى مستوى مماثل يجب أن يتعلموا كيفية صياغة اطروحة علمية .

والآلية المناسبة لتعليمهم ذلك أن يتمّ دمج هذه المهارات البحثية في المناهج والمقررات الدراسية أو تطويرها كدورات وكورسات مستقلة ، مع مراعاة الأخذ بسبل الحد من امتناع الطلاب عن حضورها كتوفيرها مجانا وإلزام فئات من الباحثين بها وغيرها من الأساليب التي تحث على حضورها والتفاعل معها .

وفي الواقع يبدأ التدريب المهني الحقيقي للبحث العلمي من مرحلة الماجستير إذ يملك طلاب الماجستير في العادة مقدمات تهيئهم لتلقي هذا المستوى من التعليم ، وبالتالي يجب الحرص على أن يكون الطلاب بعد تخرجهم من هذه المرحلة متقنين لأساليب تحليل البيانات سواء النوعية والكميّة وكذلك تقنيات جمع البيانات ونسخها ، ويجب أيضا تقييمهم بناء على قدرتهم على إنتاج أوراق بحثيّة بالإضافة إلى الامتحانات الكتابية ، ويجب أن يحصل الطلاب الذين يختارون درجات الماجستير القائمة على الأبحاث على الدعم والحوافز .

وبهذا عندما نصل الى مرحلة الدكتوراه نكون أمام طلاب يملكون شيئا من النضج في مجال كتابة البحوث والدراسات ، بحيث يشكلون مجموعة يجب استغلالها واستخدامها إمّا للحفاظ على ثقافة البحث العلمي للمؤسسة أو تنميتها ، وهذا الأمر مفيد جداً لكلٍ من الطلاب والمؤسسة إذ بهذه الطريقة نضمن أن الطلاب سيحصلون على فرص لتطوير أعمالهم البحثيّة بينما تحصل المؤسسة على مجموعة منخفضة التكلفة من الباحثين الناشئين .

وهنا يجب التأكيد على أنّه يجب الإشراف على طلّاب الدكتوراه هؤلاء ليس فقط من قبل المحاضرين أو الأساتذة الحاصلين على درجات الدكتوراه وإنّما من قبل الباحثين النشطين في مجالات تخصصهم أيضا ، إذ سيتمكن طلاب الدكتوراه من تطوير وصقل معارفهم ومهاراتهم البحثيّة بشكل أكثر فاعليّة إذا كانوا يعملون تحت إشراف باحثين نشطين .

وأخيراً : إنّ تعزيز ثقافة البحث العلمي في جامعات الدول الناميّة تعدّ حاجة حقيقية ومسعى عملي وليس مجرّد تنظيرات بلاغية ، إنّه مشروع طويل الأمد يتطلب الصبر والفهم العميق للثقافة العامّة للمؤسسة التعليمية وكيفية دمج ثقافة البحث العلمي فيها ، ومن المهم أن نشير الى أنّ في حالة عدم وجود ثقافة بحث علمي في جامعة ما عمليا فمن المهم تقييم كيفية عمل المؤسسة بدونها وكيف يمكن أن تعمل عند توفيرها بغض النظر عن الموقف لننظر في مديات التفاوت بين الحالتين وكيف كان فإنها عملية تحتاج الى قادة لديهم قواعد سلوك صارمة ومهارات جيدة في بناء العلاقات .

تمت ترجمته من موقع university world news