السيد محمد رضا السيستاني (دام ظله) يختم بحثه الخارج في مناسك الحج

السيّد محمّد رضا السيستانيّ (دام ظله) يختم بحثه الخارج في مناسك الحج

تمّ اليوم الأربعاء ٢٣- ربيع الآخر - ١٤٤٢هـ والموافق 9 / 12 / 2020م ختام البحث الشريف (بحوث في شرح مناسك الحجّ) الذي شرع فيه سماحة السيّد محمّد رضا السيستانيّ (دامت بركاته) في غرّة شهر شعبان من سنة (1424هـ) الموافق للثامن والعشرين من شهر أيلول سنة (2003 م).

وإن شاء الله سيشرع سماحته ببحث أحكام صلاة المسافر على ضوء كتاب العروة الوثقى  في النصف الثاني من جمادى الاولى.

أبيات تؤرِّخ هذه المناسبة

كتب جناب الشيخ اسعد الكرعاوي (دامت توفيقاته) :

في ختام هذا البحث الشريف نسأل الله تعالى أن يحفظ سيدنا الأستاذ بحفظه ويديم علينا نعمة بركاته ونفحاته وان يتقبّل منه هذا الجهد الكبير بأحسن القبول زاده الله علماً وفهماً وبركة ولطفاً بفضله ومنِّه إنّه سميعٌ مجيب ولاجعله الله آخر العهد من الاستفادة والاستزادة من مجلس بحثه والارتواء من علمه.

وبهذه المناسبة يطيب لي أن اقول ابياتاً من مقطوعتين تؤرخان تاريخ الانتهاء من هذا البحث المبارك وأرجو من الله قبولها ومن السيّد الأستاذ الرضا بها وأنَّها جزء أقلّ من اليسير لما وجب له علينا فأضعها بين يديه معتذراً قائلاً:

اُدخُلي الصّرحَ هنا وشمّري

عن مَعين العلمِ ثوباً وانظري

محفلاً للعلم والبحث معاً

عَسجَدا فيه اللُجَينُ يَعتري

أحمَدُ الله الذي بفضلهِ

تمّ بحثٌ من علومِ  جعفرِ

خاضَهُ  مُشَمِّراً  بهمّةٍ

حازمٌ وفي البحوثِ قَسْوَرِ

أعني أستاذي الرضا إبنَ الذي

قال للدنيا اغرُبي تقهقري

يَسبِكُ القولَ ويُعطي حقَّها

ينظِمُ الآراءَ نظمَ  الدُرَرِ

يَسبرُ الماضين سَبراً، مُحصياً

أثَرَ  التالينَ  مثلَ  الزُبُر

خاضَ في لُجّتها فأسفرَت

عَيلَماً من كنز  تلك الأبحُرِ 

تم في عقدينِ حاشا سنةٍ

ثم  زِدها  مُتبِعا بأشهُرِ

سائلٌ  يسألُ عن  آخره

 أرّخوه: ( ههنا علمُ الغري) 

٦١ + ١٤٠ +١٢٤١=١٤٤٢

المقطوعة الثانية:

أزهرت أفلاكُنا وأشرقت 

وبعلمِ المرتضى الدنيا  زَهَتْ

حوزةُ العِلم سَخت فقدَّمَت

 بحثَ فقهٍ  أوحدياً  وسَمَت

ذَكّرَتنا بقرونٍ قد مَضَت 

خيرَ  مجدِ  الفقهاءِ جَدَّدَت

لرجالٍ  وحديثٍ  حرّرت 

بعدَ طولِ البحث (حجّاً) خَتمَت

وبخيرِ الوصفِ قولاً أُرِّخَت:

(شمسُ عِلمٍ جَعفريٍّ سَطعَت)

٤٠٠ + ١٤٠ + ٣٦٣ + ٥٩٣ = ١٤٤٢

من ثمرات هذا البحث

يُعدُّ درس الخارج في الفقه للسيّد محمّد رضا السيستانيّ (مُدَّ ظله) من أهمّ الدروس التي يحرص طلاب العلوم الدينيّة في النجف الأشرف على النهل من ينبوعها وقد حضر دروس سماحته في بحث مناسك الحجّ جمعٌ من الأفاضل الذين قرّروا الدرس ووثّقوه حتّى خرَجت بعض أجزاءه إلى المجتمع العلمي في عدَّة مجلّدات منها :

أوَّلاً: كتاب بحوث في شرح مناسك الحج 

وهي موسوعة ضخمة تقع في أكثر من عشرين مجلد تقريراً لأبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ (حفظه الله) بقلم تلميذيه الفاضلين الشيخ أمجد رياض والشيخ نزار يوسف (دامت توفيقاتهما) وقد طُبع منها عشرة مجلدات حتى الآن صدرت عن دار المؤرخ العربي في بيروت وقد طُبعت أيضاً بعض أجزائها الأخرى طبعة محدودة التداول صدرت عن دار البذرة في النجف الأشرف .

وتعدّ هذه الموسوعة من أفضل وأشمَل وأعمَق ما كُتب في البحث الاستدلاليّ في موضوع مناسك الحجّ، كما أنَّها غنيّة بالفوائد والمباحث الأصوليّة والرجالية واللغويّة - وفق مقتضيات البحث - ممَّا أضفى عليها مزيد أهميّة.

وقد جاء ترتيب مباحثها على ضوء ترتيب رسالة (مناسك الحج) لزعيم الحوزة العلميّة السيّد أبو القاسم الخوئيّ (قدّس سرّه) والذي سبق وأن تتلمذ على يديه المباركتين صاحب هذه الموسوعة السيّد محمّد رضا السيستاني (مُدّ ظله).

ثانياً: كتاب اتحاد الآفاق واختلافها في بداية الأشهر القمريّة

وهو بحث استدلاليٌ تقريراً لأبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ (دام ظله) بقلم تلميذيه أمجد رياض ونزار يوسف (دامت توفيقاتهما)، صدرت طبعته الأولى عن دار المؤرخ العربي في بيروت.

وهذا الكتاب في الحقيقة مستلٌ من الجزء الثامن عشر من كتاب (بحوث في شرح مناسك الحج) الذي سبق الكلام عنه، علماً أن هذا الجزء من الموسوعة لم يصدر بعد إلّا في طبعة أوليّة محدودة التداول عن دار البذرة في النجف الأشرف كما أسلفنا.

حيث تطرق سماحة السيّد محمّد رضا السيستاني إلى هذه المسألة تعقيباً على ما ادعاه بعض الأعلام (طاب ثراه) من تعليلٍ لظاهرة اختلاف الموقف الشرعي عن الموقف الرسمي في الوقوف بعرفات والمزدلفة في غالب السنين. وقد تمّ استلاله من الموسوعة ونشره على حدة لما يحظى به موضوعه من أهميّة.

ثالثاً: كتاب قبسات من علم الرجال

يضم مجموعة من الأبحاث الرجاليّة للسيّد محمّد رضا السيستانيّ (دام ظلّه) قام بجمعها وتنظيمها تلميذه السيّد محمّد البكاء (دامت توفيقاته) حيث جمع فيها ما تيّسر له من أبحاث رجاليّة مبثوثة في مؤلفات وأبحاث أستاذه السيّد محمّد رضا السيستاني (دام ظله) ومن جملة ذلك الأبحاث الرجاليّة التي تطرّق لها سماحته في بحثه الخارج (بحوث في شرح مناسك الحج)، فجاءت تلك القبسات في مجلدين صَدَرَا أوَّلاً بطبعة أوَّليّة محدودة التداول عن دار البذرة في النجف الأشرف، ومن ثمّ صَدَرَا بطبعة قشيبة عن دار المؤرخ العربي في بيروت.

ملاحظة : لتحميل هذه الكتب الثلاثة (بحوث في شرح مناسك الحج ، واتحاد الآفاق، وقبسات من علم الرجال) وسائر مؤلفات وتقريرات أبحاث سماحة السيّد محمّد رضا السيستاني (حفظه الله) إضغط هنا

كلمة السيّد محمّد رضا السيستاني (مُدّ ظله) في ختام البحث

كلمة آية الله السيد محمد رضا السيستاني (دامت توفيقاته) في ختام بحث الحج :

هذا تمام الكلام في هذه المسألة.

وبه ينتهي ما قصدت شرحه من مسائل رسالة المناسك للسيد الأستاذ (رضوان الله عليه)، وقد استغرق ذلك زمناً طويلاً، إذ ناهز ثمانية عشر عاماً دراسية. وإنني أحمد الله جلّت آلائه علی حسن توفيقه لي في الإشتغال بمذاكرة أحكام الحج والعمرة وفقاً لفقه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بصورة متواصلة خلال هذه السنوات الطوال، بالرغم من كثرة مسئولياتي الأخری، وتوارد المحن والهموم، وتشتت البال، وإضطراب الحال، في كثير من أوقاتها.

ويهمني هنا أن أعتذر عن كل هفوة صدرت مني أو خطأ وقعت فيه، ولا سيما في فهم كلمات الأعلام، أو في نقدها ومناقشتها، وأخصّ بالذكر منهم السيد الأستاذ (قدّه) الذي كانت كلماته محور كثير من مباحث هذا الشرح، وله الفضل الأول في ما اشتمل عليه مما يجدي وينفع، فإنه رشحة من رشحات فضله، وجرعة من بحر علمه. وأما كان فيه من عيب ونقص فهو لقصور أو تقصير مني. أسأل الله تعالی برحمته وكرمه العفو والصفح عن كل ما وقع من ذلك. 

ويهمني أيضا أن أشكر الأحبة الحضور والمستمعين، ولا سيما الأعزة الذين تفاعلوا مع البحوث المطروحة، وكان لهم دور مميز في إثرائها بملاحظاتهم وتعقيباتهم، متضرعاً إلی الله العلي القدير أن يمنحهم مزيد التوفيق في مواصلة مسيرتهم العلمية، ويبلغ بهم أعلی درجات العلم، مقرونة بالصلاح والسداد. 

والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله علی سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين الغر الميامين.

وإذا كان في العمر بقية، وساعدني التوفيق، فسأشرع في البحث عن أحكام صلاة المسافر في ضوء كتاب العروة الوثقی بعد أيام الفاطمية الثانية، ذكری شهادة الصديقة الزهراء (عليها السلام)، في النصف الثاني من شهر جمادي الأولی القادم، والله ولي التوفيق، وهو حسبي ونعم الوكيل، واسألكم الدعاء.

قصيدة للشيخ علي البهادلي بهذه المناسبة

كتب الشيخ عليّ البهادلي (دامت توفيقاته ) بهذه المناسبة:

بسم الله الرحمن الرحيم

إذ يقصر اللسان ويضطرب الجَنان في أن أقدّم لسيّدي وأستاذي ما هو أهلٌ له من الثناء فلا يسعني إلّا أن أستميحه العذرَ في أن لم أُوفّه حقَّه – وأنّى لي – إلّا بما جاد هو في قبوله منّي فقلتُ:

(أحْرَمَ) العِلْمُ و(لبّى) في النجفْ

إنَّهُ (ميقاتُ) حَجِّ العُلَماءْ

وبماءِ العِزّ (تروَّى) واغْتَرَفْ

سيّدٌ منتجَبٌ من نُجَباءْ

وارتدى (ثوبَيْ) فَخَارٍ وشَرَفْ

ذاك مَن تَفْقِدُ منهُ النُظَراءْ

طلّقَ الدنيا ثلاثاً واعتكَفْ

يطلُبُ العِلْمَ صبوراً في العَناءْ

*****

روحُهُ ساميةٌ نحوَ العُلَا

كفُّهُ ممدودةٌ نحوَ السّماءْ 

كاملُ الأوصافِ حَيِيٌّ في المَلَا 

قلبُهُ ما بينَ خوفٍ ورجاءْ 

بِأبَي مَن لا يُدانى مَثَلاً 

في التقى والعلم بذلاً وعَطاءْ 

رَحِبُ الصدرِ إذا ما سُئِلا 

سَمِحُ الوجهِ مثالُ الأتقياءْ 

***** 

همّةٌ عاليةٌ لا تنثنيْ 

وَرِثَتْ عِزَّاً وفخراً وإباءْ 

سار بالرَّكْبِ سنيناً يجتنيْ 

ثَمَرَ العِلْمِ حديثَ الأوصياءْ 

أوْصَلَ الرَّكبَ إلى سِفْرٍ غَنِيْ 

فيه مذخورٌ تراثُ الفقهاءْ 

أيُّها الصادي إلى الفقهِ انْحَنِ 

دونَك البَحْرَ تزوّد منهُ ماءْ 

***** 

(كَعْبَةٌ) للعِلمِ فاقصِدها وَ(طُفْ) 

وادعُ في حَضرَتها كيفَ تشاءْ 

ثمّ مِن (زَمْزَمِها) رُحْ واغتَرِفْ 

و(اسْعَ) في مَهْلٍ لإرثِ العُلَماءْ 

ليس في ذا النهج (تقصيرٌ) فـ(قِفْ) 

واطلُبِ التوفيقَ من ربّ السَّماءْ 

قُدوةٌ مَنّ بها فـ (لْنَزْدَلِفْ) 

من سَمِيْ ثامِنِ أصحابِ الكِسَاءْ 

خادم أعتابه علي البهادلي.