الشيخ جعفر کاشف الغطاء مصنّفاته وآراؤه الأصوليّة - بقلم مهدي علي بور
الشيخ جعفر کاشف الغطاء (1159- 1228هـ) هو جعفر بن خضر النجفيّ المعروف بـ "الشيخ جعفر الكبير و کاشف الغطاء نسبةً إلى كتابه (کشف الغطاء)، وُلد في النجف الأشرف عام (۱۱۰۹هـ).
أخذ علومه عن أساتذةٍ و علماء منهم: الشيخ محمّد مهدي الفتونيّ العامليّ، والسيّد صادق فخام، والشيخ محمّد تقي الدّروقيّ، وجميعهم من فقهاء النجف الأشرف، تَوَّج رحلته العلميّة بالذهاب إلى كربلاء ودرس هناك على العلّامة البهبهانيّ.
تتلمذ على يديه علماء كبار، أمثال: حجّة الإسلام الشفتيّ صاحب مطالع الأنوار، والحاج محمّد إبراهيم الكلباسيّ مؤلّف إشارات الأصول، والشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر، والشيخ محمّد تقي الأصفهانيّ، والسيّد صدرالدین الموسويّ العامليّ وغيرهم(1).
الشيخ جعفر عالم نحریر، جامع، تميّز بتواضعه الكبير، وبشجاعته العالية، وكان شديد الاهتمام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
انتقلت إليه زعامة المذهب الشيعيّ بعد رحيل السیّد بحرالعلوم، ووصل إلى مقام المرجعيّة العامّة (2). يقول عنه المحقّق الكاظميّ في المقابس:"... الأجل، الأكمل،.. التقيّ، النقيّ، الرضيّ، الزكيّ، الذكيّ، الصفيّ…"(3).
مصنفاته العلميّة
وضع الشيخ جعفر العديد من المؤلَّفات، منها (4):
1- کشف الغطاء (الأوَّل)، وهو كتاب في الفقه، بحث في مقدِّمته أصول العقائد وأصول الفقه، وهو كتاب مشهور جداً بين علماء الشيعة، وله أهميّة كبيرة.
2- کشف الغطاء، وهو غير الأوَّل، وكتبه رداً على الميرزا محمّد الأخباريّ.
3- الحقُّ المُبين، يُبيِّنُ فيه موارد الاختلاف بين الأصوليين والأخباريين، وينتقدُ فيه أيضاً آراء الأخباريين.
4- غاية المأمول في الأصول.
5- مناسك الحجّ.
6- منهج الرشاد، في الردِّ على فرقة الوهابيّة.
مصنّفاته الأصوليّة
لم يكتب الشيخ جعفر في الأصول كتباً مفصّلة، لكن ما كتبه في هذا المجال حظي باهتمام العلماء.
1- أهم كتبه الأصوليّة، مقدِّمة كشف الغطاء حيث أفرد فيها بحثاً أصولياً بعد الأبحاث العقائديّة التي استهلَّ بها المقدّمة. وقد نُقل عن الشيخ الأنصاريّ أنَّ من يفهم ويدرك ما كتبه کاشف الغطاء في مقدّمة كشف الغطاء فهو مجتهد ولا ريب(5). وهذا الكلام يدلّ على تفوُّق أبحاثه الأصوليّة في القوّة والمتانة. وما يلي فهرس الأبحاث الأصوليّة الواردة في مقدّمة كشف الغطاء:
اللغة والوضع - الأوامر - الإجزاء - مقدّمة الواجب - الضدّ العام والخاص - المطلَق - المفاهیم - ظواهر القرآن - الخبر - الإجماع - أصالة الإباحة - أصل البراءة - أصل الصحَّة - الأدلّة الظنيّة وباب التعادل والتراجيح - الإجتهاد - السنن - رجحان الاحتياط.
2- کتاب الحقّ المُبين، وغرضه الأساسيّ من الكتاب بیان موارد الاختلاف ما بين الأخباريين والأصوليين، وفي جانب منه انتقد الأخباریين.
بعض محتويات الكتاب: العقل - الكتاب - الأحاديث النبوية - الأخبار والإجماع - القياس - الإجتهاد والتقليد.
3- غاية المأمول، وهذا الكتاب مفقود و الحصول عليه متعذر.
آراؤه الأُصوليّة
1- بحث المفاهیم: أشار الشيخ إلى جوانب أخرى في هذا المبحث، حيث عمل على استكشاف مفاهیم جديدة للجملة، ما كان الآخرون يتعرَّضون لها عادة. فعلى سبيل المثال:
أشار إلى: مفهوم الأولويّة، ومفهوم العلّة، والتلازم، والاقتضاء، ومفهوم ترتيب الذكر في القرآن، و غير ذلك. واعتبر أنَّ معيار حجيّة المفاهیم عموماً هو حصول الفهم المعتبر لدى أهل الفكر والنظر، ويستشنی مفهوم اللقب من الحجيّة، أمّا باقي المفاهيم فحجّيتها ثابتة مطلقاً أو مع بعض القيود عند العرف المعتبر(6).
2- يقول أن أصالتي الإباحة والطهارة ترجعان إلى أصالة البراءة وحجية هذا الأصل ثابتة لا نقاش فيها. ولم يُفصِّل أو يتوسع في بحث البراءة وبالتالي لم يقسّمها إلى براءة شرعيّة وأخرى عقليّة، وكذلك لم يذكر الأدلّة الروائيّة عليها(7). ومن الواضح أنَّ النظريّة المفصلة والمعمقة المتعلّقة بالأصول العمليّة، لم تكن قد ظهرت بعد.
3- يقول أنَّ لا تواتر، لا لفظي ولا معنوي، للأخبار المدوّنة في الكتب والجوامع الروائية کالكتب الأربعة، لأن عدد ناقلي الأخبار أقل من حدّ التواتر. كذلك فإنّ أغلب هذه الروايات، حسب رأيه، غیر محفوفة بقرائن قطعيّة، ومن المقطوع به أن الكذب والوضع قد وجد طريقه إليها، وعليه فتحصيل العلم بها مشكوك. من هذه الجهة.؛ و کلام الأخباريين في هذا المجال غير مقبول.
المصدر: المدخل إلى تاريخ علم الأصول، مهدي علي بور: ص 246 - 248
الهوامش
(1) روضات الجنّات: 2/ 201
(2) المصدر السابق: 20
(3) مقابس الأنوار: 19
(4) روضات الجنّات: 2/ 202، مقابس الأنوار: 19 .
(5) أدوار الاجتهاد: 299.
(6) كشف الغطاء (طبعة حجرية): 31؛ كشف الغطاء (طباعة حديثة): 1/ 185 - 187 .
(7) المصدر السابق: 35؛ والمصدر السابق: 199 .